الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

غارات النظام السوري على جرود عرسال \r\nاستدراج للبنان إلى اتباع منطقه الأمني

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

اغار الطيران التابع للنظام السوري مجددا على جرود عرسال واوقع قتيلا سوريا وخمسة جرحى من دون ان يلقى اي موقف استنكاري من اي جهة لبنانية رسمية او غير رسمية سياسية او امنية على رغم ان ذلك يمثل اعتداء موصوفا على السيادة اللبنانية. وليس واضحا اذا كانت اي دولة ستدين هذا الاعتداء ما دام لبنان لم يعلن اي موقف منه او لان القتلى هم من السوريين وليسوا لبنانيين او ان المسألة ستختصر بكونها اغارة او ملاحقة ارهابيين وفق تعبير النظام السوري واذا كان هناك تسليم فعلي بذلك ام لا.


وهذا الاعتداء من جانب النظام السوري على الاراضي اللبنانية يطرح اشكالية متعددة الوجه ولو انه مفهوم ان لبنان لا يسعى الى تصعيد الخلاف مع النظام السوري وعلى حدوده خصوصا. ان لديه ما يكفيه من مشاكل تأتيه عبر الحدود ليس اقلها موضوع اللاجئين السوريين. ففي غياب رئيس للجمهورية يتولى التنديد بمثل هذا الاعتداء تبدو الحكومة التي تسير امورها بالحد الادنى من التوافق من اجل المحافظة على الوضع والاستقرار عاجزة عن الاضطلاع بهذه المهمة ولو انها ليست المرة الاولى التي يعمد النظام السوري الى قصف الاراضي اللبنانية. وتتساءل مصادر سياسية في ضوء سعي النظام السوري الى ان تفتح الحكومة اللبنانية باب المفاوضات معه من اجل البحث في مخيمات للاجئين السوريين على الحدود اللبنانية السورية من دون نجاح يذكر حتى الآن لاعتماد الحكومة جانب الحذر في مقاربة التعاطي مع سوريا نظاما ومعارضة اذا كانت الغارات التي شنها طيران النظام بهدف توجيه رسالة حول ضرورة ان يفتح المجتمع الدولي ايضا حوارا مع سوريا حول المخيمات على الحدود بين البلدين. اذ ان شروط اقامة مخيمات للاجئين السوريين على الحدود في حال توافق الافرقاء اللبنانيون على ذلك من ضمن الحكومة هي ان تقوم هذه المخيمات بضمان دولي وان تكون آمنة في الدرجة الاولى مما يعني انه يفترض التحدث من جانب الامم المتحدة مع النظام والتحاور معه من اجل عدم قيامه بشن طيرانه غارات على هذه المخيمات مثلما يفعل بالنسبة الى محاولة الامم المتحدة تمرير مساعدات انسانية الى سوريا من دون نجاح كبير. وهناك ايضا شروط تتصل بضرورة توافر تمويل لاقامة هذه المخيمات كما ان يكون هناك قبول من المنظمات الدولية لادارتها الى جانب عوامل وشروط اخرى . كما ان هناك تساؤلات اذا كانت الغارات السورية لا تجر لبنان قسرا الى سياسة النظام واسلوبه من خلال الايحاء باستهداف من يعتبرهم تكفيريين او انتحاريين ينوون الضرر بلبنان وفق تجارب عدة عاشها لبنان في الاسابيع الماضية مجددا.
ويعتبر مراقبون سياسيون ان الغارات التي يقوم بها طيران النظام السوري على مناطق حدودية لبنانية تحمل رسائل في طياتها حول قدرة النظام على تهديد جاره الاصغر والضغط على المجتمع الدولي عبره علما ان الاشكالية التي تثار ايضا تتصل بما قام به "حزب الله" حتى الآن لجهة اعلانه انه ضمن الحدود بين لبنان وسوريا بحيث منع عبور التكفيريين وفق تعبيره . ويمكن القول انه نجح بذلك وكثر من المراقبين الديبلوماسيين الاجانب رحبوا بذلك ولم تثر اي كلمة حول تدخل "حزب الله" في سوريا بذريعة انه ساهم في حماية لبنان من احد اوجه تداعيات الازمة السورية عليه . لكن ما يراه المراقبون السياسيون هو ان الحزب وجه رسائل قوية لها ابعاد سياسية اقليمية ولبنانية لا يزال يكررها حول حمايته لبنان من خطر التكفيريين والمهددين لسلامة الاراضي اللبنانية. وتنبه هؤلاء المراقبون الى واقع ان الحزب بات ممسكا بالموضوع الحدودي على نحو شبه كامل ان من الجانب الاسرائيلي في الجنوب او من الجانب الشرقي وحتى الشمالي الى حد كبير مع سوريا. ففي الوقت الذي اهتم مسؤولون لبنانيون كثر بالسعي الى تطبيق القرار 1701 وضمان تأمين الحدود مع سوريا ايضا وليس فقط الحدود مع اسرائيل في 2006 وفيما رفض النظام السوري ايضا ضمان الجيش اللبناني او هو بالتعاون مع قوة دولية ضمان الحدود اللبنانية السورية فان "حزب الله" بات هو الضامن لهذه الحدود. ولهذا الامر انعكاساته وابعاده السياسية اقليميا ولبنانيا ويدفع في اتجاه افكار واستنتاجات لم تكن موجودة قبلا تتصل في احد جوانبها بالامساك بلبنان امنيا من محور اقليمي معين وتحكمه بمفاصله. لكن هذا موضوع آخر يثيره المراقبون من زاوية التساؤل عن انعكاس ذلك على سياق المسار السياسي كما على واقع الجيش اللبناني ومدى امكان دعمه من الخارج في ظل استمرار هذا الواقع خصوصا ان ما يقوم به الحزب هو من مهمات الجيش وليس من مهماته على مجمل الحدود اللبنانية ، لكنه ضامن للحدود مع اسرائيل بالكامل ومن دون اي خلل منذ 2006 حتى الآن والمجتمع الدولي يعرف بذلك بدليل انه نسق انسحاب وحدات من الجيش اللبناني من الجنوب في مراحل معينة من اجل المساعدة في الداخل لدى الحاجة اليه امنيا في شمال لبنان في اتصالات مع كل من اسرائيل والحزب.
في اي حال فان الخشية ان يكون بيت القصيد في سياق ما يجري من اعتداءات من النظام السوري هو المزيد من اخضاع لبنان لقواعد تحكمت بها دمشق طويلا ابان سيطرتها على لبنان وباتت راهنا تدار لاهداف مماثلة لكن من ضمن لعبة سياسية اقليمية اكبر من السابق.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم