الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

انتبِه من فايسبوك!

المصدر: "النهار"
كلودا طانيوس
A+ A-

تلاعبَ موقع التواصل الإجتماعي "فايسبوك" بصفحة تغذية الأخبار (News Feed) عند نحو 700 ألف مستخدم. حصل ذلك في كانون الثاني 2012 بحسب الدراسة الأميركية السرية التي أجرَتها جامعتا كورنيل وكاليفورنيا في سان فرانسيسكو وباحثون تابعون لـ"فايسبوك"، وذلك لقياس "عدوى المشاعر".


 


 


"فَلترة" محتويات الـNews Feed


قامت الدراسة التي نُشِرَت في الطبعة رقم 17 من إصدار الأكاديمية الوطنية للعلوم لشهر حزيران 2014، على تحريف الخوارزميات (Algorithms) التي تُستَخدَم لاختيار مكوّنات صفحات الـNews Feed، فعمد الباحثون لمدّة أسبوع على نشر رسائلَ إيجابيةٍ فقط عند بعض المستخدِمين، ونشر رسائل سلبية عند المستخدمين الآخرين، بمعنى أن القسم الأول لا يرى على صفحة تغذية الأخبار الخاصة به إلا الأخبار السارة والصور الجميلة لأصدقائه، في "فَلترة" سرّية من "فايسبوك"، على عكس القسم الثاني الذي شاهد فقط صوراً سلبية وتعليقاتٍ غير مسرّة أو متفائلة من الأصدقاء لديه، في محاولةٍ من "فايسبوك" لدراسة مدى تأثير الأمر على الحالة النفسية للمستخدمين.



نتيجة الدراسة


لاحظت الدراسة أن المستخدِمين نشروا رسائلَ إيجابيةً أو سلبيةً في صفحاتهم الشخصية بحسب المواد التي وردت في صفحة تغذية الأخبار، أي إنهم إذا تعرّضوا للرسائل الإيجابية نشروا بدورهم إيجابيةً في تعليقاتهم وصورهم، فيما تذمّر المستخدِمون الذين لم يستهلكوا - جرّاء تلاعب "فايسبوك" - إلا المواد السلبية من صور ورسائل، الأمر الذي شكّل دليلاً على مدى تأثير وسائل التواصل الإجتماعي على مشاعر الشخص ومزاجه. لكن "الغريب" في النتيجة يكمن في أنها تُناقض دراساتٍ أخرى بيّنت أن الشخص يستاء وقد يصيبه الإكتئاب عندما يرى موادّ إيجابية منشورة في صفحة الـNews Feed، وآخرها الدراسة التي قامت بها جامعة ميشيغان في آب 2013، إذ استنتجت أن "فايسبوك" يجعل المستخدِمين أقل سعادة وأقل رضى عن حياتهم.



أخلاقية المسألة: هل يحق لـ"فايسبوك" إجراء هكذا دراسة؟


من الواضح أن "فايسبوك" أجرى الدراسة من دون علم المستخدِمين المتلاعَب بصفحة تغذية الأخبار لديهم، الأمر الذي أغضب روّاد الإنترنت، بما أن الموقع قد تلاعب بمشاعر الناس وأثّر في حالتهم النفسية من أجل دراسته، معتبرين أنها قضية أخلاقية، وكانت قد عبّرت أصلاً الأستاذة سوزان فيسك في "جامعة برينستون" التي أعدّت الدراسة عن قلقها تجاه الطريقة التي اعتمدها "فايسبوك" لتبيان مدى حقيقة "عدوى المشاعر".


يشرح الشريك الإداري في شركة WSI للتسويق الرقمي ماجد التامر لـ"النهار" أن "فايسبوك" أصلاً يتلاعب بالمواد المنشورة: "فليس كل ما ينشره الأصدقاء والصفحات يظهر على صفحة تغذية الأخبار عند المستخدِم، لأن "فايسبوك" يسعى لأن يقدّم أفضل تجربة رقمية له، بإبراز ما يهمّه أوّلاً" مشيراً إلى أنه "لا يحق فعلاً للمستخدِمين الاحتجاج على الدراسة المنشورة حديثاً لأنهم لم يوقّعوا اتفاقاً مع "فايسبوك" ينصّ على أن يَنشُرَ لهم كل ما تحويه العمليات الحسابية، أي كل المواد المتوافرة لديه، وهُم قد وافقوا بمجرّد استخدامهم للموقع على أن تُستَعمَلَ موادُّهم في عمليات رصدٍ خاصة به"، لكنه لا ينكر أن "المسألة هي غير أخلاقية طبعاً، حتى لو أنها قانونية ويمكن "فايسبوك" القيام بها، فهي بالنهاية عملية تلاعُب واضحة".



الحالة النفسية بيدِ "فايسبوك"... إلى حدٍّ ما


بعدما بيّن "فايسبوك" في دراسته الأخيرة أن المستخدِمين "يعدون" بعضهم بعضاً بإيجابية المواد أو بسلبيتها، لا يمكن أن تُعتبَر هذه النتيجة حقيقة عامة، بحسب ما أوضح مركز طب النفس في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) لـ"النهار"، معلّلاً ذلك بأن "فايسبوك" لم يعلم بحقيقة ما يجري في حياة المستخدِمين، بل جلّ ما أبرزه أنهم يتأثّرون بالمواد المنشورة، وأغفلَ عاملَ حياتِهم الشخصية التي تضطلع بدورٍ في ما ينشرونه مهما تأثّروا بموادّ غيرهم، أي إنّ تلاعبَه ليس شاملاً وجاء منقوصاً.


أما عن الاختلاف بالنتيجة بين الدراسة المنشورة حديثاً والدراسة السابقة الصادرة عن جامعة ميشيغان، فيشرح المركز لـ"النهار" أن الخلل بالدراستَين هو التركيز على المواد المنشورة، فيما حقيقة الأمر هي في شخصية المستخدِم، أي كيفية تلقّيه لها، فالإيجابية التي تظهر عند بعض المستخدِمين عند رؤيةِ صورٍ لرحلةٍ استجمامية لأحدهم، تكمن في شخصيتهم، فيما السلبية تنتج من ردّ فعلهم الشخصي أيضاً، وفي هذه الحالة يكون حسداً أو أنانية أو مقارنة بينهم وبين ناشِر الصور.


ويضيف المركز أن لطبيعة العلاقة بين المستخدمين دوراً أيضاً في تأثير "فايسبوك" فيهم، فعندما ترى مستخدِمة صورَ زفاف صديقتها ستفرح لها وتعبّر عن ذلك بإيجابية على الموقع، بخلاف مستخدِمة أخرى لا تتمتع علاقتها بالعروس بمتانةٍ وحميمية، بدليلٍ واضحٍ أن "فايسبوك" يؤثّر في حالة المستخدِمين النفسية، لكن إلى حدٍّ ما.


 [email protected] / Twitter: @claudatanios

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم