الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

العنف ليس حلاً ولا وسيلة لحلّ الأزمات \r\n48049 قتيلاً حصيلة حرب لبنان بالأيام والتفاصيل والوقائع

ب. ع.
A+ A-

يستمر موضوع "ضحايا الحروب في لبنان" مدعاة الى الجدل في تحديد عدد القتلى وهوياتهم أو في ظروف سقوطهم العامة، ويستدرج النقاش خلاصات سياسية تفضي الى تحديد مسؤوليات واعادة صوغ الرواية التاريخية للحرب برمتها، ومعها الوقائع السياسية. بهذا المعنى يبدو البحث الذي قدمته "جمعية نهضة لبنان" أمس، عن عدد ضحايا الحرب من الاكثر اهمية لاستناده الى ارقام ابرزها بناء على عمل بحثي واسع ومعلومات رقمية ووصفية تم جمعها من ارشيف "النهار" و"السفير" على مدى تسعة اشهر وخلصت الى ان عدد ضحايا الحرب بلغ 48049 قتيلاً بينما سجل 101745 جريحا بين عامي 1975 و2006، وهي الحقبة التي تشملها الدراسة.


المفاجأة ليست في تدني عدد الضحايا الذي توصل اليه البحث، مقارنة بالعدد 150 الفا الذي درج اللبنانيون على استخدامه والترويج له، بل ايضا في التفاصيل الدقيقة لمسارات الحروب اللبنانية، والتي تستهل بمعلومة انه على مدى 31 عاما بلياليها ونهاراتها كانت هناك ست ساعات فقط تخلو من سقوط قتلى نتيجة العنف السياسي في لبنان. وتم تصنيف الاحداث بين شاملة لطرفين لبنانيين، مع او بدون تحالف مع طرف اجنبي، وبين احداث تشمل لبنانيين ضد اجانب او طرفين اجنبيين، وباب ثالث يشمل احداثا عنيفة لم يتبنّها اي فريق وذات طبيعة غير متبادلة، تشمل المقاومة، والقنص، والرصاص الطائش والارهاب في اشكاله. والاهم ان كل هذه الاحداث ترد على برنامج Excel مفصل يشمل وقائع الحدث وتفاصيله ومكانه وزمانه وهوية الضحايا وجنسياتهم من دون الاشارة الى طائفتهم.
وفي التفاصيل التي اعلنها مدير الجمعية فادي بسترس في حضور مدير تحرير "النهار" غسان حجار ان العام 1976 سجل اعلى نسبة بلغت 20,4 في المئة من مجمل الضحايا، اما اكثر مناطق القتل فكانت بيروت التي سقط فيها 18447 قتيلا و36184 جريحا مقارنة بالمنطقة "الاكثر امانا"، وهي البقاع التي سقط فيها 2271 قتيلا و4025 جريحا. وبالطبع واجه الباحثون مشكلة في تمييز الضحايا من بين الجرحى بسبب غياب الارشيف الواضح لدى المستشفيات اللبنانية التي لا تحدد مصير الجرحى بعد ادخالهم، وما اذا كانوا قد تعافوا او قضوا متأثرين بجراحهم.
ومن المعلومات القيمة والمهمة الواردة عدد الضحايا الذين سقطوا في اشتباكات مع الجيش اللبناني، وبلغت 4128 قتيلا، يورد البحث تفاصيل ما تعرض له الجيش – المتهم آنذاك من المنظمات الفلسطينية والمتعاونين معها بالانعزالية، في 8 كانون الثاني 1975 عندما سقط 12 عسكريا بنيران الجيش الاسرائيلي في صور. واللافت ان أيّاً من الفئات المتحاربة لم توفر الجيش اللبناني الشرعي من نيرانها وفي كل المناطق، وابرز هذه الفئات الجيش السوري والتنظيمات الفلسطينية المسلحة والحزب التقدمي الاشتراكي وميليشيا "القوات اللبنانية" و"جيش لبنان العربي"، بما مجموعه 18 تنظيما مسلحا، مما يعني ان الجيش اللبناني يمتلك مناعة لا بأس بها في مواجهة اعدائه الداخليين والخارجيين.
ويكشف البحث ارقاما ومعلومات غريبة تنشر للمرة الاولى، منها عدد الجنود الاسرائيليين الذين سقطوا بنيران رفاقهم في لبنان وعددهم 6 جنود قضوا في اشتباكات بين الاسرائيليين انفسهم في الاعوام 1993، 1996 و1998. ويورد البحث اعداد ضحايا السيارات المفخخة من العام 1975 حتى العام 2005 وهم 1949 قتيلاً في 267 انفجاراً، احتل العام 1983 مركز الصدارة بينها اذ بلغ عدد السيارات المفخخة فيه 35 انفجاراً سقط بنتيجتها 643 قتيلاً غالبيتهم في "المناطق الشرقية". ويجيب البحث عن سؤال آخر، عما اذا كانت ميليشيا "القوات اللبنانية" اشتبكت مع ميليشيا "حزب الله"؟ والجواب أن ثمة اشتباكاً وحيداً بين الجانبين وقع في 13 أيلول 1983 في منطقة جبيل ولم يؤد الى سقوط ضحايا. وتحت عنوان "حزب وحيد وجبهتان" تنفرد حركة "أمل" بأن ميليشياتها اشتبكت مع الاحتلال الاسرائيلي في بنت جبيل ومع التنظيمات الفلسطينية في صور خلال نهار واحد بتاريخ 20 كانون الثاني 1987 مما أدى الى سقوط 11 قتيلاً و44 جريحاً.
لا تبقي أرقام البحث شيئاً الا تفضحه بالاعداد، فتورد بالتاريخ أن ميليشيا "حزب الله" اشتبكت 147 مرة مع "حركة أمل" موقعة 635 قتيلاً و2450 جريحاً خلال الفترة الممتدة بين 25 شباط 1985 و18 تشرين الثاني 1991، في حين سقط 200 قتيل في الصراع بين ميليشيات حزب يالكتائب والوطنيين الاحرار خلال الفترة الممتدة بين 1976 و1980. وفي الأعداد الأكثر إثارة للجدل، يورد البحث أن ثمة 55 إعداماً ميدانياً بين 1975 و1993 واحتلت الفصائل الفلسطينية المسلحة أعلى نسبة بـ12 إعداماً، تليها حركة "أمل" 9 اعدامات و"المقاومة الوطنية" في الجنوب بـ 7 اعدامات.
وفي الأرقام أن عدد القتلى نتيجة المعارك بين "القوات المشتركة الفلسطينية – اللبنانية" وقوات "الجبهة اللبنانية" بين نيسان 1975 ونيسان 1991 بلغت 12223 قتيلاً أي ما نسبته 25 في المئة من اجمالي عدد الضحايا، في حين سقط 996 قتيلاً اسرائيلياً بين 1978 و25 أيار 2005.
لا ينتهي مسلسل الاعداد والبحث كبير جداً، كما يقول مدير الجمعية فادي بسترس سيوضع مجاناً في تصرف مراكز البحوث، والجامعات والمؤسسات الاكاديمية والباحثين ووسائل الاعلام "من اجل بناء مستقبل أكثر اشراقاً والتعلم من الماضي، وأن العنف ليس وسيلة لحل الخلافات".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم