الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

هل تخاف من الحب؟

المصدر: "النهار"
A+ A-

 يتعرّف كثيرون إلى شخصٍ يناسبهم كشريكٍ في الحياة، فعند الحديث يظهر الانجذاب المتبادل، وتتطور العلاقة لتشملَ تفاهماً مفعماً بمشاعرَ حميمة. لكن فجأةً يضع أحدُ العنصرَين في الثنائي "حائطاً" يمنع الآخر من المضيّ قُدُماً في العلاقة، فيموت الحبُّ المنتظر قبل ولادته.



ما تقدّم هو مثالٌ شائعٌ عن حالةٍ غيرِ طبيعية، تستمر لفترة طويلة، ولا مبرر لها. قد يعتقد المعانون منها أن المبرر هو حماية أنفسهم وأنه أمرٌ منطقي، لكن خوفَهم هذا غيرُ مفيد ويدلّ على اضطرابٍ عاطفي لا يزالون ضحيةً له. هذا ما يُسَمّى الفيلوفوبيا أو رهاب الغرام والوقوع في الحب. يخاف هؤلاء من فكرة الحب بمعنى العِشق والرومنسية، لأنهم يرَون بذلك سبيلاً لربط حياتهم ومصيرهم بشخصٍ معين، ويعتبرون الحب تهديداً لسلامتهم النفسية، بما أنّ تخلي الحبيب عنهم أو معاملته السيئة لهم يؤديان بهم إلى حالة نفسية "معتِمة" تتمثل بالاكتئاب والإحباط.
يزداد احتمال إصابة الشخص بالفيلوفوبيا إذا اختبرَ علاقةً لم تنجح مع شريكٍ سابق، وآلَمَته كثيراً، أو إذا تعرّض للخيانة من الشريك. فيأتي خوفه كردّ فعل على ما حصل معه في ماضيه، ويصبح حذراً من كلّ احتمال علاقة جديدة ولا يعود مقتنعاً بفكرة الالتزام بشخصٍ واحد. هذا ما يفسّر وحدة "الفيلوفوبي" المستمرة ومضيّه في حياته وحيداً من دون شريكٍ زوجي، أو حتى صديقٍ حميم، ولجوئه أحياناً إلى علاقاتٍ عابرة فقط، من دون أي ارتباط عاطفي عميق. تكمن الخطورة في أن تصرفاتِه المتمثّلة بإبعاد محبّيه عنه هي تصرفاتٌ لاواعية وغير مسؤولة، لا تنتج من خيارٍ عاقلٍ بالرفض.



العوارض
يشعر المعاني من رهاب الحب بقلقٍ عميق لا يمكن السيطرة عليه كلّما فكّر بالحب أو كلّما شعر أنه على وشك أن يقع في الحب، يسعى لاستعمال كل الوسائل لتجنّبه، ولا يقدر على التصرف بطريقة سليمة جرّاء قلقه النفسي، بحسب ما يشير موقع "الفوبيات المتعارف عليها"، ويذكر أن الإنسان يعلم بأن خوفه هذا غيرُ منطقي ومبالَغٌ به ولكنه لا يقدر على السيطرة عليه. تصبح أفكاره أشبه بالهوس، ولا يفكّر إلا بخوفه هذا، كما أن فكرة الحب عنده تكون بشعة ويسعى لتفسير خوفه عبر صورٍ جارحة عن الحب وأفلام تبيّن الأذى الذي يسبّبه الحب. من العوارض أيضاً قلقه من المستقبل في ما يتعلق بحياته العاطفية، فيخاف من الغرام مستقبلاً خصوصاً عندما يبدأ الضغط عليه للزواج، مما يشكّل أحياناً رُعباً لديه ورغبة بالرحيل عن عالمه الحالي الذي يعتبره بالصّعب وغير المحتمل. أما في حالة استذكار الماضي يعبّر بعضهم عن الغضب والحزن والخوف والأذى والذنب.
أما العوارض الجسدية فتكون في الشعور بالدّوخة والرّجفة وخفقان القلب السريع، ويقصر نفَسُ الشخص أو قد يشعر بالاختناق، كما أنه يتصبب بالعرق ويعاني من ألمٍ في الصدر، ويشعر بالغثيان وبأوجاعٍ في معدته. يتحكم الدّوار به في شكلٍ مستمر ويشعر بضعفٍ في جسمه لدرجة أنه قد يغيب عن الوعي، وتصيبه أيضاً نوبات برد أو حر مفاجئة.



العلاج
توضح الاختصاصية في علاج الـEMDR مارال بويادجيان (Eye Movement Desensitization and Reprocessing) لـ"النهار" أن على الخائف من الحب أن يعترف أولاً بأنه يعاني من هكذا رُهاب، وأن يعي أنها مشكلة نفسية بحدّ ذاتها، وتشرح أن كيفية المعالجة تكمن في "إعادة إحياء الذكريات التي مرّ بها الشخص خصوصاً أن المشكلة تنتج في معظم الأحيان جرّاء صدمة نفسية تعرّض لها، فعندما نقوم بالمعالجة النفسية – هذا إذا جاءنا الشخص وأقرّ بمعاناته من الفيلوفوبيا – نفتح الأبواب المقفلة عنده ونغوص في تفاصيل اختباره السابق، حتى نصل إلى أصل الصدمة وسببها المباشر". وتؤكد بويادجيان أن "معرفة ماضي الشخص أمرٌ ضروري للمعالجة، إذ عندها يفهم دماغه حقيقة ما حصل معه، ولا يعود لديه حافزٌ للخوف" لافتةً إلى أن "ما كان صادماً في السابق، يُضحي مفهوماً وغيرَ صادمٍ بعد المعالجة".




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم