الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الفوضى التشريعية تنتفي بانتخاب رئيس

مي عبود أبي عقل
A+ A-

في جلسة جمعت دستوريين وحقوقيين، بينهم أعضاء في المجلس الدستوري، برز استغراب واستهجان لـ"الفوضى الدستورية"، التي هي سمة سائدة. يرى الدستوريون ان لبنان العريق بمؤسساته الدستورية، والوحيد في العالم العربي الذي اتبع النظام الديموقراطي، يتعرّض اليوم لنسف هذه الأسس وأصول ممارستها.


التمديد اللاشرعي لمجلس النواب، وتعطيل نصاب المجلس الدستوري للنظر في الطعن المقدم من رئيس الجمهورية ضد التمديد للمجلس، وتعطيل النصاب للحؤول دون انتخاب رئيس للجمهورية، والنقاش الدستوري الجاري في مجلس الوزراء حول آلية عمل ووضع جدول الأعمال والصلاحيات وتوقيع المراسيم وغيرها من الأمور التي توحي وضع آلية عمل داخلية وتنظيم داخلي جديد، قضايا ومواضيع توقف عندها المجتمعون، واعتبروا أن "كل ما يجري هو خروج على القانون والأعراف، ومحاولة لاعتماد تقاليد وتثبيت أعراف جديدة، وأيضاً لوضع لبنان على مسار معيّن جديد". ووافقوا النائب السابق ادمون رزق على ان "ما يحصل هو انقلاب على الوفاق اللبناني، والوضع كله حالياً غير شرعي وغير قانوني في الأساس. هناك قضية أساسية واحدة ناقصة ويجب العمل عليها هي انتخاب رئيس للجمهورية".
وفي مداولاتهم، أكد هؤلاء الدستوريون والقانونيون، أن "الأمور تنتظم تلقائياً، وينتفي الفلتان التشريعي عند حصول الاستحقاق الدستوري، وبالتالي واجب النواب الأبرز اليوم هو الاجتماع ليلاً ونهاراً حتى انتخاب رئيس للجمهورية". ورأوا أن "لا شغور في الرئاسة، والحالة التي يتكلم فيها الدستور في المادة 74 على "خلو سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو سبب آخر"، تكون خلال مدة ولاية الرئيس وتتعلق بحال وفاته أو مرضه أو حصول كارثة طبيعية، أو اي علة أخرى خارجة عن إرادة المسؤولين... ولكن ان تنتهي المدة في شكل طبيعي، من دون أن ينتخب النواب رئيساً، أو بعلة من إرادتهم، فهذا أمر غير شرعي وغير قانوني. يجب الا يحصل فراغ في الأساس، وما يجري حالياً مرتبط بإرادة المعطلين".


الترشح وتعطيل النصاب



أما تعطيل النصاب الذي شهدناه مدى الجلسات الأخيرة التي دعا اليها الرئيس نبيه بري فهو "أمر لا يجوز، فالنواب يستدعون حكماً. نسمع بعضهم يقول: "فليتفق الزعماء المسيحيون". طبعاً اذا اتفقوا أفضل، ولكن حتى لو اتفقوا، يبقى من حق أي شخص الترشح. انهم يلغون حق التصويت ومبدأ الترشيح، وهذا مشروع هيمنة. شهدنا أيضاً أن نواباً لا يحضرون الجلسة، أو يحضرون وبعضهم يدخل، والبعض الآخر لا يدخل القاعة والجلسة. هناك ضرب لمفهوم المؤسسات".
ولفت أحد هؤلاء الدستوريين الى "ان في القانون باباً يقع تحت عنوان سوء النية، وفيه كتب واجتهادات عدة. حالة تعطيل النصاب التي نشهدها تقع تحت هذا الباب، لان فيها سوء نية وارادة تعطيل. منذ خروج الجيش السوري من لبنان، نشهد خطة ممنهجة، وصار لدينا خبرة وفن بجعل النظام غير قابل للحكم إلا بتدخل خارجي. ما يحصل اسمه بالفعل "تعسف الأقلية". فعندما تعطّل الأقلية اجتماعاً يعتبر الأمر تعسفاً، هناك حالات تعسف الاكثرية وحالات تعسف الاقلية. تماماً مثلما حصل عند امتناع ثلاثة أعضاء من المجلس الدستوري عن الحضور للنظر في الطعن الذي قدمه رئيس الجمهورية في قانون التمديد لمجلس النواب، حيث اعتبر الامر تعسف اقلية، لأنهم في النهاية هم من قرروا النتيجة وفرضوا علينا أن يمر التمديد. نحن نعيش حالة تعسف الأقلية. سموه بحق الفيتو، أو بحق التعطيل، أو بحق دستوري، لكنه في النهاية تعسف الأقلية".
وتوقفوا عند النقاش الدائر حالياً في مجلس الوزراء، واعتبروه "عملية إلهاء. والتحجج بعدم الاتفاق على نظام داخلي هو استمرار التعطيل والشغور مدة طويلة، وبجريرته تتعطل أمور أخرى. يشلون البلد بحجة عدم الاتفاق على نظام داخلي. انهم "يبلفون" الناس، انها حيلة للتعطيل. نحن سائرون في استراتيجية التعطيل". وذكر أحدهم بما كتبه عضو المجلس الدستوري الدكتور انطوان مسرة في احد مقالاته في "النهار" ان "كلمة تعطيل لا وجود لها في القانون، لأن القانون هدفه تسيير الأمور. كل الدساتير في العالم أساساً تسد الفراغ. في القانون لا شيء اسمه تعطيل ولا فراغ، بل هناك تفريغ. يوجد تفريغ متعمد".
وشكك أحد القانونيين الحاضرين في نوايا الاطراف في الحكومة متسائلاً: هل يعملون على وضع نظام داخلي، ليبقوا 5 أو 6 أشهر فقط؟ هذا أمر غير طبيعي. مصالح الناس ومصالح الوطن متوقفة على اتفاقهم على نظام داخلي. انه تمرير للوقت. ينتظرون اتفاقاً من خارج المجلس النيابي لينتخبوا رئيساً، فهل اصبحوا حرصاء كثيراً الآن على المؤسسات ليضعوا نظاماً داخلياً جديداً لمجلس الوزراء؟ اذا كانوا حرصاء بالفعل على المؤسسات، فليذهبوا الى مجلس النواب، ويبيتوا فيه ليلاً ونهاراً في جلسة مفتوحة حتى انتخاب رئيس. هذه قضية ملحة، والبقية عملية الهاء. ونقطة على السطر".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم