الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

سعوديون يبحثون عن حلول لظاهرة جرائم الخادمات

المصدر: صحيفة الرياض السعودية
A+ A-

لم تعد وسائل الإعلام تخلو من قصص بشعة ومروعة عن جرائم الخادمات، في الوقت الذي تزايدت الحاجة لدى العائلات لوجود "خادمة" تخفف من مسؤولياتها الكثيرة، وربما يبدوا للوهلة الأولى أن الحديث عن جرائم الخادمات وعلاقتهم بربات البيوت في المنازل مسلسل قديم، لكننا هنا بحاجة إلى وقفة تأمل لجرائم أصبحت حقاً مؤلمة، بل وتبعث على الاشمئزاز، إذ تخلوا كثيراً من الإنسانية، وتتسم بالكثير من الوحشية، وهنا يبرز السؤال: لماذا جرائم الخادمات أصبحت بشعة لدينا والعالم العربي عموماً؟.


ويبدو أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين أسلوب الحياة في مجتمعاتنا وبين تكرار حدوث الجرائم البشعة للخادمات، فهناك غياب صريح وواضح لتكامل العلاقة الإنسانية بين ربة البيت وبين الخادمة، وما يدلل على ذلك وجود الكثير من الضغوط على الخادمة والمسؤوليات الثقيلة التي تتحملها، مع وجود عشوائية كبيرة في مفهوم الحقوق بين الطرفين، إلاّ أن ذلك لا يعني أن الخادمة دائماً "الضحية"، وبأن الأسرة الجاني، فهناك حالات كثيرة كانت الأسرة محبة ومتوازنة في الوقت الذي جاء نموذج الخادمة سلبي وغير إنساني فأين الخلل؟، وما الإشكالية التي جعلت من حالات نادرة لجرائم خادمات كنا نسمع عنها في السابق تتحول إلى مسلسل طويل لا نهاية له؟.


إن ما نلمسه من جرائم للخادمات يتطلب أن تؤدي سفارات المملكة دوراً كبيراً في كشف شخصية الخادمة، عبر مقابلتها والتحقق من أهداف سفرها، وكذلك قراءة شخصيتها، حتى تُقرر استحقاقها للعمل أو رفض طلبها، بدلاً من أن يتعامل مكتب استقدام مع آخر في بلد لا نعرفه قد يأتي بخادمة غير جيدة أو لديها سوابق إجرامية، كذلك من الحلول أهمية إقرار الفحص النفسي على الخادمات، كما هو معمول في الفحص الطبي، مما يُثبت صلاحية الخادمة لأداء مهمتها.


دور الزوجة


وقالت "سهام العلي" إن "الخادمة ليست شبحا مخيفا كما يصوره البعض، لكنها شخص يبحث عن فرصة ليحسن من معيشته التي قد تكون صعبة، وربما تكون هناك الكثير من الجرائم البشعة التي ظهرت أخيراً عن الخادمة إلاّ أن ذلك لابد أن يكون له أسباب ظاهرة وواضحة"، مضيفة أن "ذلك لا يجب أن يلغي وجود نماذج تميزن بحبهن الكبير للعائلات التي يعملن لديهن، حتى تحولوا مع مرور الوقت إلى فرد من أفراد الأسرة".


وأشارت إلى أن "التعامل له دور كبير مع الخادمة، فهي تتغرب وتسافر مخلفة وراءها أسرتها وأبناءها، وهي إنما تحلم بتوفير معيشة جيدة لهم، فليس من المنطق أن تأتي لمجرد أن تفعل جريمة بشعة تسجن بسببها، إلاّ إذا كانت تلك الخادمة غير متوازنة نفسياً، وذلك دور الزوجة التي يجب أن تتأمل وتلاحظ سلوكيات ونفسية خادمتها منذ اليوم الأول لها في العمل، فإذا ما لاحظت أن هناك بوادر غير مطمئنة يجب فوراً أن تتخذ قرار التخلي عنها وإبعادها عن المنزل".


حلقة أضعف


وأوضحت "نجد محمد" أن "المشكلة في عدم وجود المصداقية من مكاتب الاستقدام التي أصبحت تبحث عن الربح الكبير والسريع من دون التثبت من مرجعية الخادمة، أو التثبت من مدى مناسبتها نفسياً للعمل"، مطالبةً بـ"كشف على الجانب النفسي للخادمة، كما هو معمول بالكشف الصحي عليهن قبل العمل؛ لأن هناك من الخادمات من تتسم بسلوكيات غريبة وطقوس مخيفة"، مضيفةً أن "هناك حقيقة يجب عدم إنكارها وتكمن في أن مجمعاتنا العربية يغيب عنها الثقافة الحقوقية للعاملة، ففي الوقت الذي تمنح فيه الخادمة راتبا جيدا في الدول المتقدمة ويوم إجازة وساعات عمل محددة في اليوم مع تعامل يحترم إنسانيتها، مبينةً أن الأمر يختلف كثيراً لدينا في البيوت العربية، فحتى الطفل يمكن له أن يهين الخادمة، وعليها أن تصمت والأسرة تعرف وتشاهد ذلك وربما تصفق للطفل!، حتى بدت الحلقة الأضعف وتحولت من مجرد موظفة إلى "مملوك" براتب شهري".


زيادة العبء


وتحدث "د. صالح العقيل" -مختص في علم الاجتماع-، قائلاً: "جرائم الخادمة أصبحت من الظواهر المنتشرة في المجتمع، فلا يكاد يمضي وقت قصير حتى نسمع عن حادثة بشعة، وذلك أصبح يشكل خطراً كبيراً على كيان الأسرة"، مضيفاً ان "أهم الأسباب لمثل تلك الجرائم تتمثل في زيادة العبء على الخادمة وتخلي الأسرة عن أدوارها، ما زاد الحمل على الخادمة التي تعاني من أعباء العمل، ومع ذلك أصبح يضاف إليها أعباء جديدة، فتوكل إليها أعمال يجب أن تؤديها الأسرة"، مؤكداً أن "ذلك ليس تبريراً لسلوكيات الخادمة أو جرائمها، لكن الحقيقة أن الأسرة لها دور كبير في الضغط على الخادمة، فهي جاءت بثقافة مختلفة عن الثقافة الاجتماعية لدينا، كما أنها من بيئة مختلفة، وربما من ديانة مختلفة، مطالباً الأسرة لذلك بمراعاة هذه الفروقات، لافتاً إلى أنه فيما يتعلق بقضية الديانة فهناك الكثير من الجرائم ارتكبت من خادمات مسلمات، وذلك يثبت أن القضية ليست ديانة، وإنما بُعد اجتماعي وثقافي نشأت عليها الخادمة".


ويأسف لأن "الجهات الحكومية المعنية بالاستقدام لا تراعي ثقافة المجتمع من حيث استقدام العمالة، فعلى سبيل المثال في الدول المتقدمة حينما نرغب في السفر إليها لا نستطيع أن ندخلها إلاّ بعد أن نخضع لاشتراطات سفارات هذه الدول في المملكة، من حيث مقابلة المسافر والتحقق من أهداف السفر ومن حيث قراءة شخصية المسافر، حتى تقرر هل يستحق السفر أو الإقامة في بلده"، مضيفاً: "في أميركا تستغرق خروج "الفيزا" لأشهر وذلك يدل على التدقيق في شخصية الراغب في السفر لديهم"، مُشدداً على "أهمية أن تؤدي سفاراتنا دوراً كبيراً في مجال الاستقدام، عبر دراسة الملف والتأكد من مناسبته، فالكثير من العمالة بعد التحقق منها نجد أنه محكوم عليها بالسجن، ثم جيء بها للعمل في المملكة، موضحاً أن لدى البعض ثقافة إجرامية وحتى تتخلص مجتمعاتهم منهم تمنحهم الضوء الأخضر للعمل في الخارج".


 


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم