الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

رعب الجهاديين و11 ايلول في أوروبا

المصدر: "النهار"
موسى عاصي
A+ A-

لم يكن هجوم بروكسل مفاجئا بالنسبة لأجهزة المخابرات الاوروبية، لأن هذه الاجهزة تراقب منذ فترة طويلة حركة الجهاديين الاوروبيين في سوريا، وقد أنشأت منذ عدة أشهر أشهر خلايا خاصة لذلك، وتوصلت هذه الاجهزة الى استنتاجات خطيرة بأن هؤلاء هم سلاح ذو حدين، ساهموا، ويساهمون في مقاتلة النظام السوري، أما وجهتهم النهائية، سواء سقط النظام السوري أم لم يسقط، ستكون بلادهم الأم، وخطرهم في هذه البلاد سيكون له تداعيات ضخمة، وسيعيد بالذاكرة الى محطات سوداء عاشت خلالها أوروبا ذعرا امتد لسنوات، وأهمها موجة التفجيرات التي ترافقت مع أحداث الجزائر عام 1995 وحلّت ضيفا ثقيلا على فرنسا لعدة أشهر.
لكن هذه المرة سيكون الوضع مختلفاً، واذا كان مرتكبو تفجيرات المحطات الماضية في فرنسا أو بريطانيا أجانب (عرب أو أوروبيون من أصل عربي) فمن بين جهاديي المرحلة الحالية أوروبيو الأصل والشكل والثقافة، هذا يعني أن حركة هؤلاء ستكون سهلة وبلا قيود ولا شبهة اذا لم يكونوا من الموضوعين مسبقا تحت المراقبة.



الآتي قد يكون أعظم



وبحسب جان بيير فيليو استاذ العلوم السياسية في باريس والذي أقام في سوريا لفترات متقطعة منذ العام 2011 فأن معظم الجهاديين الاوروبيين يحاربون تحت راية دولة الاسلام في العراق والشام "داعش"، ويرتبط مستوى الخطر الذي يبيته هؤلاء من خلال انتمائهم الى "داعش" بالصراع القائم حاليا بين هذا التنظيم وتنظيم "القاعدة" بزعامة أمين الظواهري على زعامة التنظيم الجهادي الدولي، ومحاولة "داعش" بزعامة أبو بكر البغدادي القفز فوق "التاريخ الجهادي للقاعدة" والامساك بزمام الامور على المستوى الدولي، والخوف الاوروبي اليوم من أن يكون البغدادي الذي بدأ بالفعل بمزاحمة القاعدة على الساحة الدولية، بحاجة لعمل ارهابي ضخم يفوق بتداعياته ما قامت به القاعدة طيلة سنوات وجودها وآخرها تفجيرات نيويورك عام 2011 من أجل ترسيخ تنظيمه كقوة جهادية دولية أولى، وتبدو الساحة الاوروبية مع عودة الجهاديين الاوروبيين أرضاً خصبة لهذا النوع من التهديدات.



مدرسة لغسل الدماغ



ويشدد مدير مركز الابحاث في المدرسة العليا لعلم الاجتماع والمتخصص بالشأن الاسلامي في فرنسا فرهاد خوسروكوفار على ما يتعرض له مرشحو الجهاد الاوروبيون من "غسل الدماغ" في مركز تابع لداعش مخصص لهذا الهدف على الحدود السورية - العراقية قبل تدريبهم على حمل السلاح والقتال، "فهم عادة ما يذهبون الى سوريا من دون أفكار مسبقة وهدفهم مساعدة أخوتهم السوريين في الحرب ضد بشار (الرئيس السوري) وعندما يعودون الى بلادهم في اوروبا بعد مضي أشهر أو أكثر في سوريا يصبحون جهاديين متمرسين على القتال".
على هذا الاساس، لم يعد الخوف الغربي من توسع دور المنظمات الجهادية يرتبط بحسابات السياسية الخارجية، أي دور هذه المنظمات في سوريا وفرضية تسلمها السلطة وتكرار التجربة الافغانية مع حركة طالبان، بل بات الخوف على المستوى الداخلي من أن يشكل الجهاديون الاوروبيون مجموعات منظمة متصلة بداعش مباشرة تعمل على الارض الاوروبية، وتتراوح اعداد الجهاديين الاوروبيين في سوريا بين المئات والآلاف، وتشير بعض الارقام الى أن العدد يبلغ اليوم ما بين 2000 و3000 جهادي اوروبي، الا أن العدد الفعلي يبقى غامضاً، كون الجهاديين الاوروبيين لا يذهبون مباشرة الى سوريا، بل يمرون عبر تركيا، ومعظم هؤلاء يتوجهون الى تركيا بحجة السياحة ومن الصعب جداً التمييز بين من يذهب للسياحة ومن يذهب بقصد الانتقال الى ما وراء الحدود، كما أن هناك الكثير من الاوروبيين يذهبون الى سوريا للانخراط في العمل الانساني لمساعدة النازحين السوريين، وهنا ايضا يبقى التمييز صعباً بين من يساهم بالعمل الانساني أو الجهادي.



اوروبا عاجزة



أمام هذا الخطر، يبدو هامش الحركة لدى اوروبا ضيقا جداً، فالانظمة الاوروبية لا تملك أي سلطة قادرة على منع أي أوروبي من السفر الى أي دولة في العالم غير موضوعة على لائحة الخطر، وتركيا (الممر الاجباري للجهاديين الى سوريا) ليست من الدول الممنوعة، ومراقبة المشكوك بأمرهم داخل الاراضي السورية مسألة صعبة، وإن كانت غير مستحيلة، ومع عودة هؤلاء الجهاديين الى بلادهم يزداد الأمر صعوبة، وتبدو حالة مهدي نموش المتهم في اطلاق النار على المتحف اليهودي في بروكسل في 24 أيار الماضي مثال واضح على عجز الاجهزة الامنية من ملاحقة هؤلاء، فمهدي، وهو فرنسي الجنسية، الذي أمضى عاما كاملاً في سوريا كان معروفا من قبل الاجهزة الامنية الفرنسية، وقد أمضى اوقاتا متقطعة في السجون الفرنسية لجرائم عادية، وفي المرة الأخيرة أمضى ست سنوات تعرف خلالها على الفكر الجهادي داخل السجن، وانتقل بعد خروجه الى سوريا عبر عدة دول منها بريطانيا ولبنان من أجل التمويه قبل محطته الأخيرة ما قبل سوريا الاراضي التركية.



سويسرا أيضاً



وخلافا لم توحي به سويسرا من بلاد هادئة لا علاقة لها بالنزاعات الدولية، لكنها اليوم تواجه الخطر ذاته الذي تواجهه بقية الدول الاوروبية، بحسب التقارير السويسرية فإن 40 شخصا تركوا سويسرا وفي نيتهم الالتحاق بالمجموعات الجهادية، وهذا الرقم يشكل ضعفي ما كانت عليه الأحوال في العام الماضي، والجدير بالذكر أن في سويسرا الكثير من الجمعيات الاسلامية التي تعمل تحت عناوين تربوية، عادة ما تكون تعليم اللغة العربية، وبعض هذه الجمعيات تنشط في العلن من خلال تنظيم تجمعات شعبية، وأهمها المجلس الاسلامي السويسري الذي نظّم نهاية العام الماضي تجمعا ضخما في جنيف جمع خلاله عشرات آلاف الدولارات تحت عنوان مساعدة النازحين السوريين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم