الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

716017 خدمة انسانية قدمها الصليب الاحمر في سنة... ألف تحية

المصدر: "النهار"
زينة حريز
A+ A-

شهر أيار يعني الكثير للصليب الاحمر، ففيه ذكرى مولد "الرجل الأسطورة" هنري دونان في 8 أيار، حيث يُخلـّد اليوم العالمي للصليب والهلال الأحمر في العالم أجمع.


وقد أرّخ دونان في كتابه الشهير "تذكار سولفرينو" للمأساة الانسانية في معركة عام 1859، حيث وَلّدت مبادرة الاخير "أكبر حركة أنسانية في العالم"، حركة الصليب الاحمر، التي جعلت من الانسان المنقذ الاول لانسانيته، بإسم الحياة والضمير الحيين. فكم من ملايين البشر أنقذوا؟ وكيف لنا أن نكرم رسالة، تواجه، وبشكلٍ يومي، حروب ومآسي، بكل ما تحمله من ظلمٍ وأضرار وكوارث طبيعية وإنسانية؟
اليوم في لبنان، في كل زاويةٍ من مناطقنا وزواريب ضمائرنا، الحية منها طبعاً، تقف مجموعةٌ من الشباب اللبناني، حاملين صناديقهم البيض، وعلى وجوههم بسمةٌ أمل.
هو مسار سامٍ يجذبنا، محركاً الانسان فينا، فنقف، مرةً تلو الأخرى للمساهمة، وحتى لو بالقليل في "حملة شهر أيار" المالية، حيث تجمع التبرعات من المواطنين، الراغبين بتكريم الانسان فيهم، في ذاك الصندوق الصغير، في بلدٍ كثرت فيه الصناديق، وصغر الانسان.
في زيارةٍ قامت بها "النهار" الى مركز "الصليب الاحمر" في "السبيرز"، تعرفنا على السيدة سوزان عويس، وهي رئيسة الصليب الاحمر اللبناني. في ذلك الشارع المزدحم بالمارة وأصوات "الحياة البيروتية"، تدخل المركز، فيصطحبك صفاء وجوهِ حاملي تلك الرسالة، ممزوجٌ بحماسٍ حفر على جدرانه، مذكراً المشرفين عليه اليوم بـ"شغف وإعتدال" الرئيسة السابقة للجمعية، السيدة ألكسندرا عيسى الخوري، و"صرامتها الصادقة"، كما تصفها لنا عويس. اليوم، وبعد مرور 17 سنة على رحيل "سيدة تختصر وطنا في مسيرتها"، تُكرَمُ عيسى الخوري، بـ30 ألف طابع بريدي لها، ولمنيرة الصلح (الرائدة في مجال الاهتمام بالمعوقين)، لور مغيزل (الرائدة في الدفاع عن حقوق المرأة) وأنيسة النجار (المميزة في المجالات الاجتماعية والانسانية)، في مبادرةٍ تقديرية من وزارة الاتصالات، بالتنسيق مع شركة "ليبان بوست"، لـ"سيدات مميّزات راحلات"، عبر طوابع تحمل أسماءهّن وصورهنّ.


عن مشعلِ عطاءٍ "لا حدود له"...


بالنسبة لعويس، الصليب الاحمر يتابع اليوم الطريق حاملاً مشعل "عطاءٍ لا حدود له"، إن كان على الصعيد الانساني أم الجغرافي. وتوضح أن مبادئ وأسس الجمعية لا تتصل بهوية، جنسٍ أو عمر. فـ"عملنا منتشر في مختلف المناطق اللبنانية، بإعتدال وتجردٍ"، يتخطى المآسي السياسية وأهداف التفجيرات الجيوبوليتيكية الاخيرة. وهذه السنة، ككل مرةٍ في شهر أيار، زار الصليب الاحمر الرئيس ميشال سليمان، قبل إنتهاء ولايته، بإعتباره، ككل رئيس جمهورية، "الرئيس الفخري" للصليب الاحمر، لاطلاق الحملة المالية السنوية. وأشارت عويس الى "اللفتة الكريمة" التي قام بها سليمان، حين تبرع براتبه الشهري للصليب الاحمر، موضحةً أنه الرئيس اللبناني الوحيد الذي قام بذلك، معبرةً عن تقديرها وشكرها له، ولـ"نواياه الصادقة" وإيمانه العميق بالجمعية، مشيرةً الى أن المرء حين يعطي، فهو يعطي من ذاته.


"جسر عبور انساني"


أما بالنسبة لنسبة التطوع هذا العام، فتشير رئيسة الصليب الاحمر، أن شبان وشابات الجمعية منتشرون على كافة الاراضي اللبنانية، عبر عدد كبير من المراكز، وهم يشعرون، بشكلٍ يوميّ، وخصوصاً هذه السنة، بـ"محبة الجميع". وتشرح عويس أن الشباب أجمع، يعطون من قلبهم ومن وقتهم. وفي سؤالنا عن "سر" هذا العطاء، ترى عويس أن "مدرسة الصليب الاحمر تعطي بمحبة"، وهذا سر من أسرارها، يولد مع الانسان، ولا يوّرث. إذن، وكما يلفت لنا مسؤول العلاقات العامة في الصليب الاحمر، اياد منذر، التطوع يمسي "خياراً ومدرسة". ويشرح أنه لا بد أن يتحلى المرء بـ"مسحة إنسانية"، ولكنه ينتظر "الجسر الانساني" للعبور من شخصه الحي الى "الخدمة"، خدمة الآخرين ونفسه، بحيث يوفر الفرصة للمتطوع للذهاب تجاه من هم بحاجة.


تحديات وإنجازات...


تمكن متطوعو ومتطوعات الصليب الاحمر اللبناني، في السنة الماضية من تقديم 716017 خدمة انسانية، بين اسعافٍ وتوزيع وحدات الدم وخدمات طبية وإجتماعية، بالاضافة الى أنشطة توعية ونشر مفاهيم في مختلف المجالات. بلغت كلفة هذه الخدمات حوالي 14 مليار ونصف المليار ليرة لبنانية.
وهنا تعتبر عويس أن "التحديات والازمات" التي واجهها الصليب الاحمر، بالاضافة الى "الانجازات التي حققناها، يقف وراءها كل شخص مد يده الينا"، شاكرةً "أهل العون والكرامة"، في أرض الوطن والمهجر.


الملجأ والعائلة


"منفوت على أساس كم شهر... ما بيعود فينا نطلع!". هكذا إختصرت الناشطة في الصليب الاحمر اللبناني، سابين فرح، 8 سنوات من مسيرتها في الجمعية. "حرب 2006" كانت المحطة الحاسمة بالنسبة لسابين. يومها قررت خوض التجربة والتطوع "حتى لو لشهرٍ واحد". الشهر إمتد ليصبح سنة، ومن ثم 4 سنوات كـ"مسعفة"، لتكمل اليوم سنتها الثامنة. مسار الصليب الاحمر بالنسبة لسابين، كما ولساري صالح (18 سنة)، هو عبارة عن خيار بـ"ترسيخ الانسان فينا والعطاء المتجرد عن أي إنتماء سياسي". فهو قد يكون "ملجأ" للشباب اللبناني، يكرث لهم "عائلة ثانية"، مليئة بالروح الايجابية. يصعب على ساري التفكير بالتخلي عن تلك "الرسالة". فهو، كسبين، يمضون معظم وقتهم ما بين زملائهم في المراكز. تجمعهم صداقات وهوية إنسانية، وهي ألارقى.


[email protected]
Twitter: @Zeinah5

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم