الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

المسيحيون بين السنة والشيعة... الى أين؟

المصدر: "النهار"
محمد نمر
A+ A-

يتعايش غالبية اللبنانيين مع حال الفراغ الملطف بكلمة "الشغور" إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبات المسيحيون يغرّدون خارج السرب بانتظار تطور الموقفين السني والشيعي. فالأول أيّد رئيس حزب "القوات" سمير جعجع وسط ترويج فائض لمفاوضات مع النائب ميشال عون، والثاني فرض شروطه على هذا الموقع وأولها ألا ينقلب الرئيس على المقاومة، لكن ماذا عن المسيحيين؟


من السوريين إلى الاشتباك السني الشيعي


لمديرة معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف الدكتورة فاديا كيوان رؤيتها في الموضوع الرئاسي، استهلته بالعرض لاختلاف عهد الرئيس ميشال سليمان عن العهدين اللذين سبقاه بعد اتفاق الطائف، وتقول لـ"النهار": "بعد الطائف وقبل عهد سليمان، كان الحضور السوري ويتدخل خلال الازمات لاعباً دور الحكم، فيما في عهد الرئيس سليمان كان السوريون قد خرجوا من لبنان وتراجع نفوذهم لكنه لم يلغَ، وسيطر حينها الاشتباك السياسي القوي بين "تيار المستقبل" و"حزب الله"، آخذا الطابع المذهبي والفتنوي، فأجمع الأفرقاء على انتخاب الرئيس سليمان". وترى أن "عهد سليمان تميّز باستمرار الأزمات، وتبيّن عدم وجود هامش للمبادرة امام رئيس الجمهورية، ما دفعه للتفكير في مرحلة ما إلى ان يملك كتلة نيابية متناغمة مع مواقفه، يؤثر من خلالها، ما ادى إلى سجال كبير حول الرئاسة وانها يجب أن تكون على مسافة من جميع الأفرقاء ولا يجب وجود كتلة نيابية خاصة فيها".


استمرار التجاذب


الخلاف السياسي بين المسيحيين "لطّف" الخلاف بين السنة والشيعة وأعطاه طابعاً سياسياً بدلاً من الطابع المذهبي الصرف، وفق رأي كيوان، لكن تبيّن أن "ليس لدى المسيحيين مشروعا بديلا للمشروعين الموجودين لدى قسم من السنة أو قسم من الشيعة، ما اثر على الوزن السياسي للمسيحيين ووقعوا في دائرة التجاذب بين السنة والشيعة، ما أدى أيضا إلى انعدام قدرتهم على التأثير في إجراء أي مبادرة داخلية لتخفيف حدة الاشتباك بين السنة والشيعة رغم تلطيفهم الخلاف".
تلاحظ كيوان أن هناك مرحلة انتقالية يلفها غموض إقليمي، وتقول: "للمرة الولى يختلف اللبنانيون على الشؤون الخارجية، وبالتالي لن يحسم ما في الداخل إلا مع جلاء الوضع في الخارج. هي مرحلة انتقالية يشوبها الترقب والغموض تستوجب تواجد الاعتدال والموقع الوسطي في الرئاسة". وتستغرب كيوان كيفية الاجماع على "التمديد لمجلس النواب وخرق الدستور وعودة العفة والاصرار على التمسك بالدستور عندما فتح موضوع التمديد لرئاسة الجمهورية". وفي رأيها أن "استبعاد المرشحين الذين يملكون حيثية شعبية أيا كانوا ولديهم كتلة نيابية من نائبين أو 20، والاتيان بمرشحين من وراء الباب وتحت الطاولة ومن صف المدرسة محاولة لاستمرار التجاذب بين السنة والشيعة".


الغريق لا يخشى البلل


ما مدى تأثير الفراغ على موقع المسيحيين في النظام السياسي؟ تجيب كيوان: "إن الغريق لا يخشى البلل. أعتقد أن الدفع في اتجاه الفراغ قد يأخذنا إلى بحث جدي عن الحلول الأصيلة، كطرح موضوع صلاحيات رئاسة الجمهورية". وتعتبر أن هناك صيغة من اثنين "الأولى ذهاب مسيحيين إلى المطالبة باعادة النظر في اتفاق الطائف لاعادة الوزن إلى موقع رئاسة الجمهورية، وانا ضد هذه الصيغة، والسيناريو الثاني التعامل مع موقع رئاسة الجمهورية كما يجري مع رئاسة مجلس النواب ورئيس الحكومة، إذ يتم التداول في الأمر ضمن الطائفة المارونية وبمبادرة من سيد بكركي، وتنتهي باتفاق المسيحين على لعبة ديموقراطية في ما بينهم ونزول المرشحين الأقوياء إلى المنافسة ويربح من يكسب عدد الأصوات الأكثر"، مذكرة بأنه "عندما يتوافق السنة على رئيس الحكومة أو الشيعة على رئيس مجلس النواب لا يقف أحداً في وجههم ويصبح التصويت شكلياً والاستشارات الالزامية لتسيمة الرئيس شكلية".


مسيحيو "8 آذار" ليسوا اسياد قرارهم


الاستاذ في العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف والامين العام لحزب "الوطنيين الأحرار" الياس أبو عاصي، يرى في الشغور "اخفاقا للبنانيين بأجمعهم وليس المسيحيين فحسب، لأن رئيس الجمهورية ورغم أنه من الطائفة المارونية لكنه رئيس كل الدولة".
ليست المرة الأولى التي يشهد فيها لبنان الشغور، وفي رأي أبو عاصي: "لأن الموقع ماروني ومسيحي، فالتشنجات على أشدها، خصوصا في وجود تنافس بين أفرقاء". ويقول: "الطرح الآخر كان طوباوياً بأن يكون هناك توافق على شخص أو اثنين يخوضان الانتخابات، علما أنه حصل في بكركي مثل هذا الاتفاق ولم يحترمه فريق "8 آذار"، مذكراً بأن "الاتفاق كان بأن يؤمّن الجميع النصاب ويشارك في دورات الانتخاب حتى الوصول إلى انتخاب رئيس، وكان هناك طرح بأربع مرشحين وهم رئيس حزب القوات سمير جعجع والرئيس أمين جميل والنائب ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، ومن نقضوا هذا الاتفاق ليسوا اسياد قرارهم".
ويحذر من انه "إذا طال الفراغ ستكون هناك تداعيات كبيرة"، ويخشى "في ضوء تجربتيْ الشغور في العامين 2008 و1988 وما نتج عنهما من إخلال في الامن، أن تتكرر التجربة"، لكن أبو عاصي يؤمن بأن "الأمر لن يطول".
ويوضح أن "فريق "14 آذار" كان موقفه العمل، كي لا نصل إلى الفراغ وعندما وصلنا إليه باتت المهمة العمل من أجل تقصير عمر الفراغ، ومن هنا أصبحت الكرة في ملعب المسيحيين في "8 آذار" لأنهم لم يشاركوا في الانتخابات ولم يعتبروا انهم معنيون بها، بل صوّتوا للورقة البيضاء وغابوا بعدها عن الجلسات".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم