الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

في الذكرى 14 من بقي وفيّاً للعميد ريمون إدّه؟

ريمون عبود
A+ A-

بئس زمن يغيب فيه الكبار، وتخلو الساحات لكتبة ولسياسيين صنيعة عنجر، يتطاولون على المقامات والمراجع الروحية والسياسية، في ظاهرة غير مسبوقة من الفلتان الاخلاقي والفجور، تنفيذاً لأمر عمليات صادر عن أسيادهم. نواجه طبقة سياسية متواطئة، غارقة في الفساد والارتهان، نهشت موارد الدولة وتتصارع لتناتش ما تبقّى، والانكى تعجز عن ايصال رئيس منها، فتلجأ الى العسكر. عند وصول اميل لحود الى سدة الرئاسة، كتبنا ان لا انتخابات رئاسية بعد الآن، تلقائياً قائد الجيش هو رئيس الجمهورية. ثورة 1958 أوصلت فؤاد شهاب، الذي فتح الطريق لتدخل العسكر في السياسة، لينتهي به المطاف أسير ضباط المكتب الثاني، هذا من اسباب خلاف ريمون اده معه، ومواجهة رفيق الحريري برئيس قوي بزنده اوصلت اميل لحود، ومعركة نهر البارد أوصلت ميشال سليمان، وربما انجاح الخطة الامنية لايصال العماد جان قهوجي! في المقابل شعب عظيم وعنيد ينقاد وراء غرائزه المذهبية ولا يحاسب، وكما كان العميد يقول: "الشعب اللبناني مرتّ في السياسة، لا يعرف كيف يختار قياداته". ميزة ريمون اده: استشرافه المستقبل ببصيرة نافذة، لا ارتهان، لا تبعية. كل ما حذر منه وصلنا اليه. ما يؤسف له ان سياسيي هذا الزمن الرديء يتبنون، بل يسرقون أفكاره ويتنكرون له. للتذكير: حزب الكتلة الوطنية أول من نادى بحياد لبنان منذ عام 1944 ورسم الحدود مع سوريا مع علاقات ديبلوماسية. مفخرة انجازاته السرية المصرفية التي جلبت الرساميل الهاربة من التأميم، ما حقق النمووالازدهار.
إن طرح الدائرة الفردية كمشروع انتخاب متقدم يحد من نفوذ الزعامات الطائفية ويحرر المرشح من رسم دخول لائحة الزعيم. موقفه من اتفاق القاهرة: "سيكون مبرراً لاسرائيل للاعتداء على لبنان واحتلاله وهو اتفاق يتخلى فيه لبنان عن جزء من سيادته"، والى يومنا تستمر المشكلة مع السلاح غير الشرعي. الكتائب وافقت على الاتفاق دون الاطلاع عليه، فكوفئت بوزيرين، وهي هي في الحكومة الحالية، هلّلت بداية لحصولها على ثلاثة وزراء، لتنبري في اليوم الثاني الى تلفيق تمثيلية اعتراضية بحجة التشدد في الموضوع السيادي لتعود وترضخ، وتجول على السفارات والدول لتسوّل رئاسة الجمهورية. له قانون "من أين لك هذا؟" كم تجني الدولة من السياسيين لو طُبق. طلب استقدام قوات دولية الى الجنوب عام 1960 خلال العمل على تحويل مجرى الوزاني. خاض معارك بلا هوادة ضد تجاوزات الاجهزة، نتذكر عشية انتخابات عام 1968 كيف فاجأنا بحضوره ليلاً الى جبيل قائلاً لمناصريه "اذا تدخّلوا حاربوهم بأسنانكم". تميز بنكاته الحاضرة، بعد خلافه مع الرئيس فرنجيه قال في مجالسه: "الرئاسة في الدورة المقبلة للدنكورة". (أحد قبضايات زغرتا)...
لا وفاء في السياسة. مع بداية الحرب عام 1975 رفض التسلح، تركته الغالبية من مناصريه التي التحقت ببشير الجميل ولاحقاً بالمنقذ ميشال عون، فبشيريو الأمس عونيو اليوم. بلاد جبيل التي مثلها طيلة خمسين عاماً اقترعت ضد ارثه وتراثه وخطه الوطني. عام 1976 انهزم التيار السيادي وانتصر حافظ الاسد بمنع وصول العميد الى الرئاسة وباغتيال كمال جنبلاط. صفقة اميركية – سورية بغض نظر اسرائيلي وبتغطية من "الجبهة اللبنانية". المال أفسد الحياة السياسية، كذلك السلاح والعصبية المذهبية وخيارات العميد صعبة، لذا قلة بقيت وفيّة له، تستذكر صولاته وجولاته. خوّنوا اميل اده، نبذوا ريمون اده، اسقطوا كارلوس اده، وينتقلون من حزبية الى أخرى، ترى هل يستفيق المسيحيون؟، أم يكون قد فات الآوان عندما يلتقون في كندا، واراضيهم يقضمها التمدد الديموغرافي الممنهج، وتجتاحها جحافل السوريين الذين يدخلون ليستوطنوا.
عشية الاستحقاق الرئاسي، المشكك بحصوله، نأمل وصول شخص يحمل البعض من صفات العميد، على الأقل "أن لا يخجل حاضره من ماضيه" كما كان يردد الكاردينال صفير، ملهم "ثورة الأرز". يبقى التساؤل عن موقف البطريرك الراعي من الطرف المسيحي الذي ربما وكالعادة سيلجأ الى المقاطعة والتعطيل؟ ولا لترشيحات تسخّف موقع الرئاسة.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم