الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الى البطريرك الراعي: ننحني امام شجاعتكم في الاراضي المقدسة

الأب نبيل حداد
A+ A-

ايها المبجلّ،


من على ضفة نهرنا المقدّس المطهّر بصوت السماء حيث بقعة الإعلان عن البنوّة والمصالحة في "الشركة والمحبة الأولى"، أكتب اليكم وأنا أحمل شرف الانتماء إلى بترا الأنباط العربيةِ المعانقةِ بعبقريتّها وعروبتهِا تاريخاً مجيداً ممتداً على مدى القرون.
أكتب اليكم وأنتم مزمعون أن تحجوا الى الارض المقدسة والى مدينة الفداء والخلاص والايمان وقبلة المسيحيين. وأَقترب من سدّتكم البطريركية لأقولَ- وأنتم شيخُ لبنان وراعي رعاته وأبو أبائه-أنَّ بينَ أُردننا النموذج ولبنان الرسالة ، مشرقية تحترم المقدّس وتقدس المحترم وقِيمَ العدل والحق والجرأة فيه، فيما تخطّون بجرأتكم وشجاعتكم جرأةً فهمت المتغيرات واستقرت على حكمة في القيادة لا يعلو لديها صوت على صوت الحق.. فتأتون في حجكم وأنتم تحملون مع البشارة تاريخَ أسلافكم ، الممتدّ على مدى ستة عشر قرناً، منذ مارون قدّيس الشرق، وإرثَ مارونيّتكم التي كانت في النهضة العربية أساساً وركناً اصيلاً. تأتون لتكتبوا فصلاً جديداً. وفي المشهد خلافتُكم للدويهي أبي التاريخ اللبناني والحويّك الكبير أبي لبنانَ واستقلاله. 
أيها المبجَّل،
تُعلنون عن حجٍّ إلى قدسنا الشريف، وفي إعلانِكم رمزيةٌ لاهوتيةٌ تعبِّر عن رسوخ ٍفي رفضِ الظلمِ والاحتلالِ. وتقفون بعنادِ المؤمنِ ضدّ التفسيرات، وما اكثرها، وقبل ذلك، تنحازون أيها الراعي إلى أبنائكم الذين أُقِمتُم عليهم راعياً يتصدى معهم للظلم فيما تعلنون موقفاً واضحاً وفاعلاً وجريئاً، من غاياته الجليلةِ حمايَةُ هذا الوجود وهذه الهوية وهذا الحضور للمسيحية العربية.
الشجعان سيدي البطريرك يتفقّون. فيأتي حجُّكم لتقولوا أن هذا هو الطريق إلى القدس الذي تركه كثيرون. وتقفون مع ما قاله في عمّان بالأمس القريب، حشدٌ من العلماء والأحبار في مؤتمر "الطريق إلى القدس" الذي ظَلَّله صاحبُ الوصايةِ على المقدسات الاسلامية والمسيحية في رعايته فيما يتجلى دورٌ هاشميّ، يراه المبصرون، يواجه اجراءاتٍ مسعورةً تهدد حجارةَ القداسة وترابَها وتمس كرامات المقدسيين من حفدة صفرونيوس وعمر القابضين على جمر الصمودِ والبسالة والشهادة للإيمان الذي لم يكن صمودهم قطّ مجانياً ولا ترفيّاً.
الشجعان والشرفاء يا سيدي يتفقون ويتوافقون، فالحقُّ طريقهُ واحد والدرب اليه واحدة والسُّبل نحوه واضحة، وها أنت تعلن وأنت وريث أنطاكية عن جولة من جولات صدقيَّتكِم، تبتغون منها موقفاً أميناً ابتعد عن مجرّد الرفض فأظهر تميّزكم في الشجاعة، لتؤكدوا أن "الشركة والمحبة" تعني أيضاً وأيضاً دعم أبنائكم وأخوتكم فلسطينيّي الأوجاع والآلام الذين يجسّدون في خاطركم وفي قلبكم الكبير صورة سيد الفداء صاحب الصليب.

صاحب النيافة والغبطة،
بالأمس القريب تلاقى تحت رعاية صاحب الوصاية على القدس جمعٌ كريم من اخوتكم واصدقائكم القيادات الاسلامية والمسيحية، وأنصتنا لأهلكم في القدس وما تتعرض له القيامة المقدسة والأقصى المبارك وباقي مقدسات المسيحيين والمسلمين من مخططات التهويد، فبيوت المقدسيين تُهدم والحفرياتُ هناك تطالُ اساسات قبلة المسلمين الأولى و"يتفنن" دهاء المتطرفين في وضع مخططات لتقسيم مكاني وزمني، واستمعنا وتداولنا في شأن القدس والطريق اليها، فمن هنا جئت أقول لكم - ونحن الى القدس أقرب بالروح والجغرافيا- أننا نقرأ في زيارتكم دعماً خيرّاً لأخوَتِكم مسيحيي القدس وفلسطين الذين صمدوا وحافظوا على مقدساتهم ورفضوا واقع الاحتلال وما اكتفوا بالصوت المرتفع بل سجّلوا بوقوفهم مع إيمانهم وأوقافهم، ومن أجلها، ملحمةً في الوطنية تأتون أنتم لتباركوها.
سيدي، فيما تشدوّن الرحال الى مغطسنا ومهدنا وقبرِ خلاصنا، ننحني أمام شجاعتكم التي تشهد لها ساحات عديدة في هذا العالم ، ونسجّل بفخر احترامنا لحسّكم الانسانيّ والروحيّ والعروبيّ الذي به تُعطون لمارونيِّتكم ولعروبتِكم ولأرزكم ولمجد لبنان الذي أعطي لكم، بُعْدَ الشجاعةِ في مواجهة كل احتلال وما معه من ظلم ومكر.
سيدي الراعي كاردينال الكنيسة وزعيم المارونيّة ورئيس مجلس بطاركة مشرقنا، شكراً لكم وانتم تعلنون بجرأة الواثق انكم إلى أرضِنا هناك ذاهبون!


*الأب نبيل حداد – مدير مركز التعايش الديني في الأردن

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم