الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

غبي ويعرف نفسه!

المصدر: النهار
ليال كيوان بو عجرم
A+ A-

اعتاد عماد على وصفه بـ "الغبي"، وهو يعترف أنه غبي ولم ينجح يوماً في تخطي غباءه رغم محاولاته الحثيثة لتخطي مشكلته والتقدم خطوات في مجال الفطنة وسرعة البديهة والذكاء. لكن ما هي معايير الذكاء؟ ومتى يكون الإنسان غبياً؟ وهل يستطيع أن يقوّم نفسه إن كان ذكياً أم غبياً؟ وهل الأغبياء جميعاً يمتلكون شجاعة عماد على الإعتراف بغبائهم؟
ما هو الغباء؟
يعرّف الإختصاصي في علم النفس الإجتماعي الدكتور كمال بطرس الغباء علمياً بأنه "صفة وراثية ومكتسبة بمعنى أن الإنسان إذا ولد من أبوين لا يجيدان فن التعامل مع العقل فإنه بكل تأكيد لن يكون عبقرياً، وهي مكتسبة إذ ثمة عوامل عدة قد تصنع غباء الإنسان. والعبارة التي تقول بأنه لا يولد الإنسان غبياً صحيحة نسبياً، فالإنسان السليم يُولد قادراً على التفكير وتحريك خلايا المخ، ومع مرور الوقت قد تتضاءل قدرته على التفكير بحسب العوامل المحيطة به. وقد يصبح الإنسان غبياً بسبب محيطه أو بسبب توقفه عن التفكير وعدم اهتمامه بتطوير ذاته".
ويُعرف الغباء على أنه البطء في اكتساب المعرفة أو اكتسابها بطريقة غير صحيحة، وكل مجتمع لديه تعريف معين للغباء، "فثمة من يرى أن الاستعجال في اتخاذ القرارات غباء، وهناك من يرى أن وضع الأمور في غير موضعها الصحيح هو الغباء. ويمكن أن نحصل على تعريفات كثيرة للغباء للتعبير عن عملية عقلية معينة، ولكن مع اختلاف التعريفات يمكن القول إن الغباء هو قصور عملية الفهم وفشل تنفيذ العمل.
وفي الواقع، فإن القدرات العقلية عموماً في المجتمعات المحافظة لا تُقدّم أي استثناءات، فهي تضعك بين خيارين، إما أن تكون متميزاً وتشغل مكانة بين نخبة المجتمع، وإما أن يُدرج إسمك في سجل ذوي الإمكانات العقلية المحدودة. وخشية أن يقع الناس في الإختيار السلبي الذي يجلب لهم الخجل، تكونت لديهم قيم معينة أصبحت جزءاً من منظومتهم الفكرية، وصار الغباء سمة للأشخاص الذين لا يحسنون المعرفة أو العمل. ومن هنا يمكن الحديث عن الشعور بالخجل من الغباء في المجتمعات التي تربط الغباء بمعرفة العمل، فإذا كان الغباء هو العجز عن تنفيذ عمل معين، فإن الشخص العاجز عن ذلك يوصف بالغبي لأنه لم يعرف معلومة أو مهارة. ومع سيادة الخجل في تلك المجتمعات يسود ادعاء الفهم وإنكار الجهل خشية أن يوصف الشخص بالغباء، ووسط هذه الثقافة يبرز الكذب على أنه سلوك احترازي يحاول فيه المرء وقاية نفسه من الوقوع في أفخاخ الغباء، فيدعي مثلاً أنه يعرف كل شيء، وتجده يتكلم عن نفسه أكثر من كلامه عن الموضوع، ولهذا يمكننا تفسير ظواهر في مجتمعنا مثل ادعاء المعرفة والتعليق المتكرر على موضوع ما والبكاء على الماضي وغير ذلك".
وعلى عكس الذكاء، يعتبر علم النفس الغباء "معدياً"، فهو ينتشر من شخص الى آخر ومن مجتمع الى آخر، ومواجهته للتخلص منه نادراً ما تحقّق النتيجة المطلوبة، "فكل منا في شكل أو في آخر وفي موقف معين دون غيره نُظهر بعضاً من الغباء وما من أحد كامل من دون عيوب وأخطاء وهفوات، من هنا أهمية اكتشاف نقاط القوة في داخلنا والعمل عليها وتقويتها كي تغلب الضعف والغباء فينا. أما إذا ما كان من بين الأشخاص المحيطين بنا بعض الأغبياء، فليس في إمكاننا دائماً أن تقطع علاقاتنا بهم، "لذا من الأفضل أن نحاول قدر المستطاع تجنّب المواجهات والصدامات، ومحاولة التحلي بأسلوب لطيف للتعامل معهم ومحاولة تفهمهم والنظر الى الأمور من وجهة نظرهم كي لا ندخل في جدال عقيم معهم".
[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم