الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"ملف اللاجئين السوريين أخطر ما واجه لبنان في تاريخه" درباس لـ"النهار": الحل مراكز تجمّع ترفع علم الأمم المتحدة على الحدود

ألين فرح
A+ A-

قضية اللاجئين السوريين في لبنان مرشحة لاحتلال واجهة الاهتمامات في لبنان. فالعدد المسجل في المفوضية العليا للاجئين تخطى المليون، عدا من يدخلون من دون تسجيل. ولبنان لم يعد في مقدوره استيعاب هذا العدد الهائل من اللاجئين والمرجح للازدياد، وخصوصا الآثار الأمنية والسياسية والاقتصادية لهذا النزوح. والدولة، منذ بداية الازمة السورية وتدفق اللاجئين، لم تضع أي استراتيجية واضحة لمعالجة الأزمة، فهل ادركت الحكومة خطورة هذا الملف، وبدأت العمل جدياً على معالجته؟ وما خطة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس للمعالجة؟


قبل اسبوعين زار وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الاردن واطلع من كثب على المخيمات ومراكز الاستقبال التي اقامتها الدولة الاردنية للاجئين السوريين الى اراضيها. وشارك الاحد في الاردن في المؤتمر الثالث للوزراء المسؤولين عن اللاجئين السوريين في دول الجوار، بدعوة من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، والاجتماع الرابع سيكون الشهر المقبل في لبنان. وهو يضع حاليا تصوره لحل هذه القضية وسيعرضه امام اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف اللاجئين السوريين، علما ان اللجنة يرأسها رئيس الحكومة وتضم وزراء الدفاع والخارجية والداخلية والصحة والعدل والاقتصاد والعمل والاتصالات والتربية والشؤون الاجتماعية، ودرباس هو منسقها العام، الى جانب رئيس مجلس الانماء والاعمار وحاكم مصرف لبنان. يقول درباس لـ"النهار": "في الاجتماع الأول للجنة، توافق كل الوزراء على ان الاوان قد حان لتكون للبنان سياسة حيال هذه القضية، ويجب ان نتفق على هذه السياسة المتعددة البعد".
يعود درباس الى بداية الازمة السورية ويقول ان التعامل معها جرى وفقاً لزوايا مختلفة، "فكل فريق سياسي نظر اليها نظرة تناسبه. بالتالي لم تتمكن الحكومة اللبنانية أو لم ترغب في أن تكون لها استراتيجية واضحة تجاه الأثر الذي سيتلقاه لبنان بوضوح. ربما ظن بعضهم ان البداية كانت تنبئ بدخول ألوف من السوريين الى لبنان لبضعة شهور، ولكن بعد مرور ثلاث سنوات اصبحنا امام ملايين وربما لسنوات عدة. وعلى رغم ذلك، ما زال لبنان لا يملك استراتيجية تجاه هذه الازمة".
يعدِّد درباس لـ"النهار" الآثار الاقتصادية والاجتماعية والصحية السلبية على لبنان من جراء هذا الوضع، "ولم نتكلم بعد على الاثر السياسي والامني، خصوصا ان ثمة اليوم مليوناً و30 الفاً مسجّلين في المفوضية العليا للاجئين، عدا غير المسجلين، وهم ينتمون الى مشارب سياسية مختلفة، حتى من ضمن الفريق السياسي الواحد. اضافة الى ذلك، لدينا حوالى 900 مخيم عشوائي، غير خاضعة لاي رقابة، أنشأتها البلديات وحتى السوريون الذين لجأوا الى لبنان. وما زلنا الى الآن نخاف ونرتعش اذا ذكرنا كلمة مخيمات للاجئين السوريين".
ويضيف: "بوتيرة كل دقيقة يدخل نازح الى لبنان بمعايير غير منضبطة. لمجرد ان يبرز أي سوري هويته للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يسجل على انه لاجئ، ودور الدولة في هذا الموضوع يكاد ان يكون معدوماً.


أفكار وخطة
يريد الوزير درباس ان يعرف الشعب اللبناني حقيقة الوضع، ولكن إلامَ ستبقى الدولة بلا استراتيجية وسياسة واضحة حيال هذه القضية؟ يجيب: "تبدأ السياسة من واقعية الامكانات الجغرافية والديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان على تقبل هذه الحال. ولكن اذا كنا نريد ان نكون واقعيين، فلا يستطيع لبنان تقبل هذه الحال. ثمة كلام بدا يتخذ شكلاً عنصرياً في ما يتعلق باللاجئين السوريين، وعلينا ان نحذر من هذا الكلام والانزلاق العنصري. يجب الا ننسى ان الشعب اللبناني تعرض لهذا الوضع قبل ذلك. هؤلاء اخواننا وهم استضافونا سابقاً في مرحلة من المراحل.
يؤكد وزير الشؤون ان اللجنة ستجتمع قريباً، وسيعرض فيها أفكاره وخطته لمعالجة الازمة. "اولا هذه قضية عربية وليست لبنانية أو سورية بحتة. وعلينا ان نستنفر موقفاً عربياً يشعر بأن هذا الوضع في لبنان لا يستطيع المجتمع اللبناني ولا الدولة اللبنانية تحمله. وثانياً علينا مخاطبة المجتمع الدولي، الذي يبدو انه يحضرنا لسنوات طويلة لمعالجة الاثر".
وإضافة الى الشقين العربي والدولي، "ثمة شق يبدأ من عندنا، اذ لا بد من تنظيم الدخول السوري. أصلاً كانت هناك معايير موضوعة بين وزارة الشؤون الاجتماعية والامن العام، ولم تعترض عليها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وطبقت لشهر فقط وأعطت آثاراً جيدة، لكنها لم تعد تطبق. علينا بالتالي تنظيم الدخول الى لبنان، وثانيا تنظيم الوجود السوري فيه. بمعنى اننا لا نستطيع ان نبقي التوسع السوري داخل الخلايا اللبنانية لأنه يؤدي الى تضخم".
ويشدد درباس على اقامة مراكز استقبال للاجئين في مناطق فاصلة بين الحدود اللبنانية – السورية والتي هي اراض لبنانية"، اي مراكز استقبال تليق بانسانية السوريين، على أن نؤمن لهم البنى التحتية، لكن الامم المتحدة ترفض بحجة الامن. نحن لا نطلب من الامم المتحدة اقامة حظر جوي على مناطق في سوريا، بل نقول هذه اراض لبنانية ارفعوا عليها علم الامم المتحدة، ونحن كدولة لبنانية ننظم الامن فيها، ونستطيع اختيار مناطق حدودية بعيدة قليلا عن العمران في لبنان، ونقيم تجمعات عبارة عن مراكز استقبال بمواصفات جيدة جدا، وتربط المساعدات بالاقامة في هذه المراكز او المخيمات.
هل ثمة خوف من بقاء النازحين السوريين في لبنان؟ يجيب درباس انه بموجب الاحصاءات التي تملكها وزارة الشؤون، توزع اللاجئون في المناطق الاكثر فقرا في لبنان واختلطوا في المجتمع اللبناني، "فضاقت بهم ذرعا هذه الاماكن ارضا ومجتمعات. اذا، لا احد يتوهم بعامل تغير الجغرافيا الديموغرافية. عندما يتحول هذا الموضوع من هم عند طائفة الى هم عند كل الطوائف وكل اللبنانيين، تصبح اقامة مراكز الاستقبال القريبة من الحدود الوسيلة الوحيدة للتخفيف من الانتفاخ في الداخل اللبناني.
ويطمئن درباس الى ان لا خشية من استمرار هذه الحال في لبنان. لا احد لا يعود الى بلده وخصوصا ان ارضه ما زالت موجودة. وبعد انتهاء الحرب ستبدأ ورشة اعمار في سوريا وفرص العمل ستكون اكبر هناك، كما يمكن ان نرى لبنانيين يذهبون للعمل هناك".
ولكن اذا بقيت الامم المتحدة عند رفضها اقامة هذه المراكز، فماذا تفعل الدولة اللبنانية؟ يجيب درباس: "اذا لم نبد ارادة حقيقة لاقامة هذه المراكز، فيستسهلون الموضوع، اما اذا كان للدولة موقف وسياسة واضحين فالامر يختلف. علينا ان نصر".
ويختم بالقول ان "المجتمع اللبناني يدافع عن نفسه ليس لاسباب عنصرية بل لاسباب واقعية وحقيقية.
هذا الملف هو اخطر ما تعرض له الشعب اللبناني في تاريخه، وهو خليق بأن يجعل كل خلافاتنا وراءنا، لاننا اذا كنا حياله متقاعسين ومتجاهلين ولا مبالين فسنجد انفسنا وقد اصبح البلد ليس لنا".


[email protected]


اعداد اللاجئين


بلغ عدد السوريين نحو مليون و30 الفاً بحسب المفوضية العليا للاجئين، يضاف الى هذا العدد 13% من يدخلون خلسة و51 الف فلسطيني لاجئ من سوريا و41 الف لبناني عائد من هناك و63% من اللاجئين في شمال لبنان ومنطقة البقاع.


الآثار الاقتصادية


تقدر الخسائر الاقتصادية بـ 7,5 مليارات دولار ما بين 2012 و2014، وتقدر حاجات لبنان من الدعم المباشر للمحافظة على البنية التحتية والخدماتية المتوافرة بـ 2,8 ملياري دولار الى اواخر 2014. تضاف الى هذا المبلغ الحاجات الانسانية المدرجة من ضمن خطط الاستجابة للحال الانسانية وتبلغ 1,89 مليار دولار. ويتوقع ان يزيد عدد الفقراء في لبنان من جراء هذه الازمة 170 الف شخص اضافي، اما البطالة فستصل الى 20% مع زيادة اعداد العاطلين عن العمل ويقدر بـ 324 الف شخص.


 


 


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم