الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

سجينة الحبّ التي أمضت عشرين عاماً بعيداً عن العيون

المصدر: النهار
ليال بورسلان
سجينة الحبّ التي أمضت عشرين عاماً بعيداً عن العيون
سجينة الحبّ التي أمضت عشرين عاماً بعيداً عن العيون
A+ A-


أمس بالذات، اكتشفنا أن هناك امرأة تُدعى مريم، قصتها قصة. ولأنها قصة مؤثرة وشائقة، فنحن نريد أن نرويها للعشّاق عشية عيدهم. هي قصة عجوز تبلغ الآن من العمر ثمانين عاماً ونيف، أمضت عشرين عاماً من حياتها سجينة حبّها الممنوع، الذي لم تتح له الظروف أن يظهر إلى العلن.
في أحد الأيام الغابرة، استيقظ أهالي إحدى البلدات الدرزية في جنوب لبنان، على خبرٍ وقع عليهم وقوع الصاعقة. حقيقة هذا الخبر أن أحد وجهاء القرية، ويدعى وحيد، الذي كان الأهالي يعتقدون أنه اتخذ العزوبية خياراً له في حياته، هو... متزوج منذ عشرين عاماً. فكيف هو متزوج ولم ير أحدٌ له امرأةً في بيته، الذي يقع في ساحة البلدة، وبين بيوتها، وفي وسط أهاليها؟
كان الأهل والأصدقاء يزورونه أكثر من مرة في الأسبوع، ويمضون السهرات الطوال عنده، وكان يستبقيهم للعب الورق، بهدف إبعاد الشبهات عن حياته الخاصة.
أين كانت تقيم امرأته إذاً؟ هي كانت تقيم في "سجنها" المحبوب، محجوبةً عن عيون الرقباء، في قبو تابع للمنزل، حيث هناك كان يتساقيان الحبّ والغرام، في غفلة من الناس.
أما اليوم، وبعد انكشاف القصة، فهي تقيم علناً في بيتهما الزوجي، لكنْ بعد وفاة الزوج. تروي مريم لموقع "النهار" الالكتروني قصتها بحنينٍ يغلبه الدمع، إلى تلك الأيام الخوالي. تقول: ليت وحيد، زوجي، لم يمت لأعود "سجينته"، ونحتفل معاً بعيد العشّاق.
كان عمر مريم تسعة عشر عاماً، عندما كانت تقصد عين البلدة لتملأ جرّتها ماء. وقد شاء القدر، أو ملاك الحبّ، يوماً، أن تقصد العين على جاري عادتها، بشعرها الأسود الفاحم وعينيها الزرقاوين، وصوتها الطروب الشجي، فسمعها وحيد الذي كان يعبر من هناك، والتفت إلى ناحية الصوت، فرآها، وسُحر بها للتوّ. وهي رأته، فالتقت عيونهما ذلك اللقاء القاتل، لينسج الحبّ خيوطه الأبدية بينهما من حرير النظرة الأولى.
لماذا لم يعلنا زواجهما يومذاك؟ لأن العلّة التي منعتهما قبل أكثر من ستين عاماً، لا تزال هي هي: الطائفية. مريم شيعية وهو درزي. لم يجرؤ وحيد يومذاك أن يعلن حبّه في مجتمع مغلق، ولم يستطع أن يتخلى عن حبّ حياته، فقرر ومريم الزواج سرّاً. ومن أجل تحقيق هذه الأمنية، أعلن إسلامه لدى شيخ مسلم، كان هو الذي عقد قرانهما.
تروي مريم لـ"النهار" أن وحيد كان هو طبيبها وطبّاخها والساهر عليها، عندما كانت تمرض. ولطالما أمضى الليالي بقربها، يناجيها، ويحرس نومها، إلى أن تستعيد عافيتها.
فهو كان يقصد الطبيب متظاهراً أنه هو المريض، ليأتي بالأدوية، بناء على المعلومات التي يستقيها من حبيبته المريضة.
ولكم أبدى الناس والأهل تعجبّهم عندما كانوا يزورونه في بيته، ويجدونه مغموراً بروحٍ ليست من الرجال في شيءً.
كانت مريم هي تلك الروح.
تختم مريم قصتها بالقول: وافقتُ على أن أتخلى عن العالم كله من أجل وحيد. ليت الزمن يعود بي الى الوراء، لأكون "سجينة" حبّه العظيم.
وصيّتها الى العشّاق اليوم، عبر "النهار"، أن يجدوا في هذه القصة الحقيقية، ما يحملهم على الاقتداء بضوئها الذي ظلّ ساهراً حتى في عتمة القبو القديم.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم