الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

حتّى لا يتعرض أطفالنا لصدمات إضافية... لا تنتهكوا خصوصيتهم

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
حتّى لا يتعرض أطفالنا لصدمات إضافية... لا تنتهكوا خصوصيتهم
حتّى لا يتعرض أطفالنا لصدمات إضافية... لا تنتهكوا خصوصيتهم
A+ A-

لم يميّز إنفجار مرفأ بيروت بين كبير وصغير، فالكل تضرر بشكل أو بآخر، والمصابون هم من مختلف الفئات العمرية. وفيما يبدو احترام خصوصية الكل واجباً، يعتبر الأطفال من الفئة العمرية الأكثر هشاشة. ولا يخفى على أحد أنهم سواء تضرروا جسدياً أو لا، ثمة أثر نفسي واضح نتيجة الصدمة التي تعرضوا لها. في هذه المرحلة، ثمة حاجة ملحة إلى إحاطة نفسية مدروسة تساعدهم على تخطي هذه الصدمة وتداعياتها. كما أن الحرص مطلوب في طريقة التعاطي مع الأطفال في هذه المرحلة أينما وجدوا، يبدو الحرص مطلوباً أكثر بعد من وسائل الإعلام التي تجري مقابلات اليوم مع الأطفال المصابين أو أولئك الذين فقدوا أحد أفراد عائلاتهم وتنشر صورهم بشكل واسع، ويتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. تشدد الاختصاصية في المعالجة النفسية شارلوت خليل على الأخلاقيات في المقابلات الإعلامية مع من تعرض إلى صدمة بشكل عام وبشكل خاص الأطفال الذين هم أكثر حساسية.هل من شروط معينة يفترض توافرها عند إجراء مقابلات مع أطفال؟

من أهم المعايير المطلوبة لدى إجراء مقابلة مع شخص تعرض لصدمة كتلك التي تعرض لها من أصيب في الانفجار، سواء كان طفلاً أو راشداً، أن يكون موافقاً على إجراء المقابلة فلا يتم الضغط عليه لإجرائها. فلا يوضع بحسب خليل أمام الأمر الواقع دون سابق إنذار، فيجب أن يكون حاضراً لذلك.

أيضاً تشير إلى أن التعاطف مطلوب وطبيعي، شرط عدم المبالغة إلى حد توثيق هذه المشاعر المزعجة التي لديه. فهذا يزيد من الضغط النفسي عليه بعد مشاهدة المقابلة لاحقاً.

كذلك إذا كانت ستعرض مشاهد قاسية في إطار التقرير، يجب تبليغ الشخص بذلك.أما إذا كان المعني طفلاً، فيعتبر الأمر أكثر حساسية، لأن الطفل يكون قد تعرض لصدمة تتخطى مناعته النفسية وسنّه وطاقته. وعند إجراء مقابلة مع طفل عاش تجربة مماثلة، كما حصل مع الأطفال الذين تعرضوا لصدمة جراء إنفجار مرفأ بيروت، فالدقة مطلوبة للتأكد مما إذا كان الطفل مستعداً للإطلالة على وسيلة إعلامية بعد الصدمة الكبيرة التي تعرّض لها. ففي هذه الحالة تعرضهم للمزيد من الضغط النفسي أو طرح أسئلة معينة عليهم من قبل أشخاص لم يخضعوا لتدريب نفسي حول طرق التعاطي مع طفل، يمكن أن يزيد الوضع سوءاً. فثمة أسئلة معينة وطريقة محددة للحوار يجب التقيد بها، وأخرى خاطئة يجب عدم اعتمادها، خصوصاً إذا كان الطفل فقد أحد والديه أو أحد المقربين، لأن التعامل معه بهذه الطريقة يبدو أكثر قساوة بعد ويؤثر سلباً على حالته النفسية وعلى حزنه.

انطلاقاً من ذلك تنصح خليل الإعلاميين الذين يجرون مقابلات مع الأطفال:

-عدم الضغط على الطفل.

-عدم إبداء الرأي في الوضع الذي هو فيه والامتناع عن القيام بإسقاطات معينة لوجهة النظر الخاصة في الحوار وطرح الأسئلة.

-عدم التحدث عن الذات.

-عدم إعطاء تطمينات غير صحيحة.

-عدم إجراء مقاربة مع أشخاص آخرين في أوضاع مشابهة.

-عدم استخدام مصطلحات فيها نوع من الضغط النفسي.

-عدم مطالبة الطفل بقطع وعود لأهله الذين فقدهم لأن توثيق هذه اللحظات يزيد من الضغط النفسي عليه ومن الأعباء عليه، خصوصاً أنه في حالة صدمة وتضارب مشاعر وحزن. ففي هذه الحالة يمضي الطفل حياته محاولاً إما تنفيذ هذه الوعود الموثقة أو أنه يتغلّب عليه الإحساس بالذنب لعدم قدرته على تنفيذه. هذا ما يولّد لديه اضطرابات نفسية.

تشدد خليل على أن الأطفال الذين مروا بهذه التجربة الصعبة في لحظات انفجار مرفأ بيروت، تعرضوا لصدمة حقيقية ويعيشون تداعياتها إلى اليوم. ومن المهم عدم زيادة تداعياتها من خلال صدمات أخرى صغيرة متكررة. فإذا لم تؤخذ في المقابلات التي تجرى مع الأطفال الصدمة التي تعرضوا لها، وإذا لم تحترم المعايير المهنية والنفسية المفروضة في مثل هذا الوقت، ثمة صدمات صغيرة إضافية يتعرض لها الأطفال بعدما تعرضوا له جراء الإنفجار. فالحداد خط أحمر والأطفال خط أحمر أيضاً. ويجب عدم التغاضي عن ذلك في اية مقابلة تجرى مع طفل أو مع أي شخص تعرض للصدمة.ماذا عن دور مواقع التواصل الاجتماعي؟

لا تقتصر المشكلة على وسائل الإعلام التي تجري مقابلات مع الأطفال، ويحصل أحياناً انتهاك لخصوصيتهم، إنما التحدي أيضاً في وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر تعليقات وصوراً لا تأخذ بعين الإعتبار حاجات الطفل وخصوصيته والمعايير النفسية. فهو قد لا يرغب بتداول صورة ترافقه كل حياته بهذا الشكل مع ما يترافق معها من تعلقيات لأنها قد تشكل ضغطاً نفسياً إضافياً عليه. من هنا تشدد خليل على أهمية احترام خصوصة الطفل ورغبته ورغبة الأهل أيضاً، ومنهم من طالبوا بوقف مشاركة صور أطفالهم وهذا أمر طبيعي.

الصدمة جراء فقدان شخص عزيز أو جراء عيش لحظات الانفجار الصعبة، تعتبر قاسية جداً. ويجب أخذ ذلك بالاعتبار بالسماح للأشخاص المعنيين بعيش الحزن والحداد النفسي. يجب احترام حزنهم وحاجتهم للتواجد مع المقربين فقط. ويبدو هذا ضرورياً اكثر بالنسبة للأطفال وإن كان يطبق أيضاً على الكل. فكل من يفقد شخصاً مقرباً يحتاج إلى هذه المساحة التي يشعر فيها بالأمان مع المقربين. في هذه المرحلة قد تكون لهؤلاء الأشخاص ردود فعل يمكن ألا تكون منطقية أو طبيعية، وهي تتفاوت بين شخص وآخر، ومن غير المحبذ أن تكون علنية. في هذه الحالة يمكن ألا يرغب الطفل الذي ينمو في مرحلة لاحقة أو أي شخص آخر معني، بعد تخطي هذه المرحلة، أن يوثّق هذه اللحظات أو أن يظهرها علناً، لاعتبار أن كل ما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي يتم تداوله على نطاق واسع.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم