الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ضمائر مضمرة وعاصمة مذبوحة

المصدر: النهار
رحمه عمر زيتون
ضمائر مضمرة وعاصمة مذبوحة
ضمائر مضمرة وعاصمة مذبوحة
A+ A-

وبتنا نشك من فرضية وجود ضمائر في مسؤولين طائشين جلادين امتد سوطهم على ضهر ووجه عاصمة القلوب، فحاصروا مداخل شرايينها وخنقوا أبناءها ضمن خلايا طائفية مذهبية مسرطنة. فاحترقت بيروت لوعة على شعبها المسلوب حق استنشاق أنفاس الحياة. فاغتالوها عنوة، علها تسكت أنينها المزعج في آذانهم الصماء كما أسكتوا ضمائرهم ومسؤولياتهم تجاه أرواح وردية الهوا والهوية. تقاذفوا المسؤوليات في ما كانت مفارق النجاة مقطعة الأوصال مضرجة بالدماء وأبواب المشافي تضج بالجرحى والمنكوبين والمتبرعين، والمفقودين بين أحضان الرماد وألسنة النار والمرعوبين مفترشين أرصفة زجاج ودماء متخذين سماء ملتهبة بقلوب أحبة تتهاوى بين أمل ومئة إحتمال سقوف لوجوه سابقت دعواتها تلك الزواريب التي خطتها دماء الرؤوس على الخدود ونشاف الدموع ورجفة الأقدام تسابق موج المرفأ عل اللقاء يرسو هناك والعنبر فرحاً يفوح.

أي عنبر والعنبر ملغوم ورائحته نار وبارود وطعمه حرقة أحبة وملح دموع الأوطان. اغتالونا جميعاً، فمن لم يمت جسداً مات ألماً، ومن لم تقطف حياته كوردة بيلسان شاحبة هو الآن يقطف أكاليل ورد وبخور لشهداء ماتوا على أيادي مسؤولين غير مسؤولين إلا عن مصالحهم الضيقة يتفقدون الرماد ببدلات وربطات عنق ومواكب مفيّمة ليعموا أبصارهم عن بشاعة ما اقترفت أياديهم السوداء المضرجة بدماء شعبهم بكل وقاحة يحتمون بمرافقين من أجهزة أمنية، نسوا أن هذه المؤسسات قدمت شهداء، وشهداؤها ليسوا بأكياس رملية وأحصنة لصدورهم الصخرية القاسية اللعينة التي تبيت فساداً ندفع أثمانها دماء، آلاماً، أوجاعاً، عواصم، أبطالاً، فلذات أكباد، أحبة، وأياماً سوداء من عمرنا الزهري.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم