لست أدري أنه من المستحب أن يتّهم الإنسان نفسه بالمغفّل حتى يرضي سواه، أو يدّعي المعرفة، لأن المفهوم الشائع يشرح أن الفرد قد يعرف شيئاً، ولكن تغيب عنه أشياء أخرى كثيرة!
الحدث
بدأ الأمر عند سماعي تحليق طائرة، تلاه إطلاق قذيفة صاروخية، ثم تلاها دوي انفجار متكرر هائل، متزامن مع اختراق قوي لجدار الصوت. تسبّب كل ذلك باهتزار منزلي مثل ورقة الخريف، وشعوري بالخوف من سقوطه في أية لحظة!
لن أنسى تلك اللحظة التي لم يتعدَّ زمانها الثلاثين ثانية. لا أدّعي أنني أعرف هويّة الطائرة، لكنني على ثقة مطلقة أن شاشات الرادار في مبنى مطار بيروت الدولي، تستطيع كشف هوية تلك الطائرة، وتحديد مكانها، وعما إذا كانت لدولة عدوة أو صديقة، لأن مدى ومجال هذا الرادار يصل إلى أبعد من حدود دولة اليونان الأوروبية.
أخال أن القذيفة التي أطلقتها تلك الطائرة كانت الصاعق الذي فجّر مستودع المتفجرات في العنبر رقم 12، في مرفأ بيروت، الذي كان مرفأ بالفعل، قبل حدوث الإنفجار البركاني المدمر الهائل، الذي دمره ومسحه بالكامل.
موقع العنبر
يقع العنبر رقم 12 في مكان قريب جداً من مبنى إهراءات القمح المسلح، ومحاذ له، والعنبر 12 مكشوف على البحر من الناحية الشمالية، ويفصله عن البحر عنبر آخر من الجهة الغربية! لا أشير بإصبع الاتهام لأية جهة حول كيفية اختيار موقع العنبر رقم 12، لكن موقعه يدعوني الآن إلى الالتباس والشك والذهول.
آثار الانفجار
تبين صور وفيديوهات الانفجار التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، أن قوة عصف الانفجار قد احتواها مبنى الإهراءات المسلح الضخم من الناحية الجنوبية، وانطلقت بقوة هائلةومضاعفة نحو الجهة الشمالية الشرقية المكشوفة، بدءاً من جسر شارل حلو، صعوداً نحو منطقة الأشرفية، وأيضاً نحو الجهة الشمالية المكشوفة، نحو منطقة الكرنتينا، وامتداداً على الواجهة البحرية، حتى ما بعد موقع نهر الكلب.
"حجز" مواد الباخرة المهددة بالغرق
ذكرت الأنباء أن باخرة كانت معرضة للغرق، وتبين أن حمولتها هي من مواد التفجيرات، غير الشرعية دولياً، فتمّ نقلها وتخزينها في العنبر رقم 12، عام 2014، ومنهم من قال إن عملية "وضع اليد" قد تمت منذ شهور قليلة!
إنني أستخلص أنه فيما لو حصلت عملية الدهم والتخزين عام 2014، لا بد من أن يكون هناك مستفيدون كثيرون قد تستروا عليها، وقبضوا رشوات ضخمة على تخزينها. وأنه إذا حصل ذلك منذ شهور قريبة، وخلال فترة موجة انتشار وباء الكورونا، فإن وراء الأكمة ما وراءها، وما وراء وراء وراءها!
لا بد من ذكر أنه في عام 2014 كانت حالة الحرب السورية في ذروتها وفي أسوأ وأخطر أوضاعها التدميرية، ومن المحتمل أن تكون وجهة الباخرة المذكورة إلى مرفأ لبناني لتهريبها برّاً إلى سوريا، أو تخزينها في الداخل اللبناني، أو التوجه المباشر إلى مرفأ سوري. وإذا كانت قد أفرغت حمولتها التفجيرية منذ شهور قليلة في العنبر رقم 12، فهناك غموض وتساؤلات عديدة حول جهة، ووجهة استعمالها.
إن مجرد الإعلان عن بيان حمولة الباخرة، سوف يوضح ويظهر ويبين كل تفاصيل المحتويات المشحونة وعن مرفأ الوصول، مع ذكر أسماء الجهة المصدِّرة، والجهة المستوردة.
خلاصة
ليس من الغرابة حصول عمليات تهريب، وتخزين، وتضليل، مثل تلك العملية الإجرامية التي تمت في العنبر 12، في بلد مثل لبنان، حيث ينخر الفساد كل أوردته وشرايينه الإدارية والرقابية والأمنية، لكن مكمن الغرابة هو مدى الإجرام الذي تذهب إليه مافيات التخزين، والتهريب، التي انسلخت عنها وأسقطت كل التهم السابقة حول المواد السامة التي توزعت على مناطق عديدة من لبنان، منذ سنين ليست ببعيدة، وما زالت جاهدة لتدمير لبنان وتجويع وقتل شعبه الآمن!
إن الطرف الشرير، أو الأطراف الشريرة التي تسببت بهذه الإبادة الجماعية، كانت تدرك مدى مخاطر وأضرار الدمار، وشمولية التدمير الذي سينتج عن هذا الانفجار التاريخي الفظيع، وأفترض أنهم درسوا موقع العنبر 12، وبدقة ودراية في التفاصيل، حتى يكون قنبلة نووية موقوتة، يجري تفجيرها عندما يحين الموعد، وحين يأتيهم الأمر بالتنفيذ الفوري، من جانب "الباب العالي"!
هل ستتكشّف عناصر وأسباب وأهداف هذه الجريمة النكراء، الشبيهة لقنبلة هيروشيما المدمرة؟
على من ترفع شكواك يا لبناني؟
هل ترفعها إلى حثالة، وسوقة، وأوباش القوم؟
ماذا نفهم من هذا الاهتمام الدولي الفوري لما حصل، رغم أنهم قد تغافلوا عن سقوط الشعب اللبناني بأكمله إلى هاوية المجاعة، طوال شهور مديدة؟
ماذا تعرف هذه الدول عن أسباب، ونتائج، وأهداف هذا الانفجار التدميري الهائل؟
وما هي الدول التي كان لديها معلومات دقيقة عن محتويات العنبر 12 الهدامة؟
صمت هادر! صمت كافر! صمت قاتل!