الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الطالب اللبناني يتأرجح هذا العام بين موجة كورونا وشبح الاقتصاد

المصدر: النهار
ملاك غدار
الطالب اللبناني يتأرجح هذا العام بين موجة كورونا وشبح الاقتصاد
الطالب اللبناني يتأرجح هذا العام بين موجة كورونا وشبح الاقتصاد
A+ A-

بدأ الطالب اللبناني عامه الدراسي 2019-2020 بثورة شارك فيها وأيّدها من وجد فيها مخرجاً للوضع المزري الذي يعيشه ذووه، فراح يخرج من صفه المدرسي كلما اشتدت به الوطنية، إلى الساحات للمطالبة بأدنى حقوق الإنسان: كهرباء وماء وضمان صحي وفرص عمل... تفاجأ بعدها بفئة تقول إنّ سفارات تموّل هذه الساحة، وراقصة تعرض جسدها العاري أمام مسجد الأمين، وتوزيع أموال طائلة على الثوار... فما كان يحلم به هذا الشاب من تغييرٍ هوى حتى قبل أن يبدأ. هو لم يطالب إلا بالأموال المنهوبة التي سرقها النواب والوزارء ومن حولهم من رجال أعمال وحوّلوها إلى الخارج ليتركوا لنا البؤس والفقر المدقع والبطالة. وفي ظل هذه الأزمة، ضرب لبنان وباء هو الأول من نوعه عالمياً فحال دون خروج اللبناني من منزله إلا للضرورة، واشتدت الأوضاع الاقتصادية خنقاً على المواطن اللبناني وبالتالي على هذا الطالب الشاب الذي كان يسمع يومياً أن والده يصرف من مدخراته التي كان يخبئها لليوم الأسود، إلاّ أنّ هذا اليوم أتى يحمل في طياته موجة كورونا. كان يستمع إلى الأخبار يومياً ليطّلع على عدد الاصابات وكأنه ينتظر خبراً ينقذه من مأزق حقيقي، كان ينتظر أن تفتح المدرسة أبوابها لأنه ضاق ذرعاً من بقائه مكتوف اليدين في المنزل. كان يود أن يشارك أصدقاءه همومه ليتأكّد أن والده ليس الوحيد المتضرر مادياً وليدرك أنهم يعانون أيضاً من الوضع عينه. لم نكن نعير هذا الطالب أي اهتمام، ولم نكن نشعر أنه كان يعاني بقدر ما نعانيه من المشاكل التي رُميت علينا. بعد فترة، بدأ التعليم عن بعد "أونلاين" في وطن حيث الكهرباء تزورنا مرة كل ست ساعات، والانترنت أبطأ من السلحفاة. هذا التعليم هو الأسوأ في تاريخ لبنان، ليس من ناحية الأساتذة والطلاب إنما من الناحية التقنية الغائبة تماماً عن لبنان وعن مدارسه. أشبّه هذا التعليم بالغريق الذي يقاوم البحر في أثناء العاصفة، يحاول أن يسبح إلا أنه يفقد أنفاسه في اللحظات الأخيرة. بذل كل من الطلاب والأهالي والأساتذة جهداً كبيراً إلا أنّه لم يكن كافياً لإعطاء الطالب المنهج كاملاً. بعدها، أُعلن عن انتهاء العام الدراسي ومُنحت إفادات بالنجاح لجميع الطلاب. اجتاح لبنان فيما بعد شبح الدولار ونزل اللبناني مجدداً إلى الشارع يطالب بالحد الأدنى من حقوقه في بلد نُهب وما عاد يليق بأبنائه، فاتجه بعضهم إلى الهجرة في اللحظة التي فُتح فيه المطار. وجد الطالب نفسه أمام حائط مسدود، فجنى عمر والده ووالدته في المصرف الذي حجز على أموالهما وأغلق مصدر رزقهما، وطُردا من عملهما بسبب الوضع الاقتصادي الكارثي وتقلب سعر الصرف.

أيها الأهل، تعيشون هذه الضائقة مع أولادكم على مختلف أعمارهم. إنهم يختنقون مثلكم ولا يعبّرون لأن "اللي فيكن مكفيكن". اذهبوا وضمَّوا أولادكم واغمروهم بالعاطفة ومدّوهم بالأمان الذي فقدناه جميعاً. الطالب اللبناني تعرض لأقسى أنواع الكبت الداخلي هذا العام بفعل الضغوطات التي عشناها ونعيشها كل يوم.

ماذا بعد؟ هل العام المقبل يحمل في طياته انفراجات؟... نأمل وندعو وننتظر!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم