الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

حيّ على رصّ الصفوف!

المصدر: النهار
سينتيا الفليطي
حيّ على رصّ الصفوف!
حيّ على رصّ الصفوف!
A+ A-

أين هي الثورة الآن؟ سؤال يطرحه معارضو الثورة ومؤيدوها على السواء، من باب الحرص أو الشماته لا ندري، لكن ما نعرفه هو أن تلك اللحظات العفوية الجميلة التي جمعت اللبنانيين بكل اختلافاتهم قد انتهت، وآن الأوان لرصّ الصفوف من جديد. بدأت ثورة 17 تشرين بتسكير الطرق من بعض الشبان احتجاجاً على فرض رسوم على واتساب، ساعات قليلة تلاها طوفان للشعب اللبناني على كافة أراضيه، شكل اللبنانيون فيها أوركسترا بشرية، عزفوا على أوتار السياسيين الحسّاسة: الفساد، النهب، الطائفية، التوريث السياسي، الإفقار، التجويع، الزبائنية، الكذب، النفاق، الهدر، القضاء إلخ... في الحقيقة، ما يجمع اللبنانيين أكثر بكثير مما يفرّقهم، وهذا ما يفسّر تناغم صرخاتهم ومطالبهم رغم غياب أو ضعف الأطر التنظيمية والتنسيقية.

لكن هل العفوية وحدها ما زالت كافية؟

الجواب هو كلا. كلا، لأن السلطة السياسية "المخضرمة" جرّبت مراراً وتكراراً خرق الشوارع واستغلال أوجاع الناس ومآسيها، فاشتروا بعض المعارضين وهدّدوا البعض الآخر... اعتقالات بالمئات، وتلفيقات وتهم بالعمالة غب الطّلب. أرسلوا حاشياتهم للتعدي على النّاس وكمّ أفواههم وصرخاتهم المحقّة الصادقة. ضربوا النّساء والرّجال. استخدموا القضاء والأجهزة الأمنية والعصي والتهديدات، حتّى الكلاب البوليسيّة لم يوفّروها لاستفزازنا وإذلالنا والضغط علينا من أجل التّخلي عن حقوقنا والانصياع لمشيئتهم... لكن فشروا!

إن العفوية لم تعد نافعة مع هذه السلطة. آن الأوان لرصّ الصفوف وتشكيل جبهة سياسية معارضِة منظمّة. وليس المقصود بذلك إيجاد قيادة للثورة، لا، بل تنظيمها، والتنسيق الجدي والمجدي بين مكوناتها، بشكل واضح المعالم يوحّد اللبنانيين بوجه السلطة ويمكّنهم من كشف المقنّعين الذين يبايعون الزعماء بقليل من الدّراهم ولا ينفكوا عن التبجّح يومياً في فضائياتهم.

آن الأوان لنجتمع ولو لمرّة واحدة على الحق. إنّ ثورتنا هي ثورة حق وكرامة وليست ثورة جياع، ما جمعنا هو كراماتنا وحقوقنا وأوجاعنا ومآسينا وهواجسنا، جمعتنا عقولنا لا بطوننا. فلنضع الكتف إلى الكتف ولنقف سدّاً منيعاً بوجههم.

نعم لتوحيد جميع مكونات الثورة في جبهة سياسية عريضة تعمل جديّاً على التغيير بالطرق السلمية الحضارية التي تشبهنا، تشبه أبناء ثورة 17 تشرين. نعم للتغيير عبر المؤسسات وليس بتحطيمها وتكسير أرزاق النّاس. نعم للتغيير عبر شد الخناق عليهم سياسياً وفي صناديق الاقتراع. نعم لقطع أنفاسهم شعبياً عبر كشفهم في القضاء والمحاكمة والمحاسبة بدل قطع الطرقات. نعم لحرقهم سياسياً بدل حرق الدّواليب والبيئة. نعم لوحدتنا ووطنيتنا واصطفافنا في وجه الشرذمة والنّفاق والخبث السياسي. نعم لتوحيد مكونات الثورة في خط جبهوي سياسي عريض وصلب يفرض إرادة الشعب عبر المؤسسات والانتخابات والنقابات وصناديق الاقتراع.

لا تخافوا على الثورة، فهي، وإن خمدت، تحت الجمر.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم