الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"المير" لجان رطل... اغتيالات طرابلس حيث بدأت

المصدر: "النهار"
جودي الأسمر
"المير" لجان رطل... اغتيالات طرابلس حيث بدأت
"المير" لجان رطل... اغتيالات طرابلس حيث بدأت
A+ A-

الفيلم لبناني منذ الوهلة الأولى. لبناني في العنوان الذي اختاره المخرج جان رطل، وهو اللقب المحلي لأحمد المير الأيوبي مسؤول الحزب الشيوعي في #طرابلس، ولبناني في الخلاصة التي تطالب بتقرير رسمي عن مقتل واحد من بين "200 ألف شهيد لبناني بين مدني وعسكري" قضوا منذ الحرب الأهلية، بإشارة مكتوبة من جان.

شيوعي منذ الولادة

الشيوعية رافقت الشخصية من المهد الى اللحد. رسمت قدره. المير المعروف أيضا بأبو حسن، ولد مع الشيوعية اللبنانية عام 1924، ومات بسبب شيوعيته اغتيالاً بالرصاص أمام منزله في الميناء، مساء 13 حزيران 1979.

الثقل التوثيقي الأهم يظهر في شهادات لـ42 متحدثًا. غالبية هؤلاء من قادة وحزبيين شيوعيين ويساريين رافقوا المير أو جايلوه، نذكر منهم حنا غريب، ونهلا الشهال، والياس عطا الله، ورشيد درباس، وتوفيق سلطان، وأديب نعمة، وفي تسجيل للراحل عبد المجيد الرافعي وغيرهم كثير. وتحدث أبناء المير حسن ومهى ولينا ورندة ونجله الأصغر زياد الذي فقد والده في عمر السنتين فأراد أن يعرفه من خلال إعادة صياغة الروايات الشفوية التي يسمعها هنا وهناك، ولكي لا يبقى والده في مخيلته "أسطورة" إنما شخصية إنسانية مكتملة الأوجه، فبادر إلى إنتاج الفيلم. وظهرت الإعلامية الراحلة رولا الأيوبي التي ألحت عليها الرغبة في انتاج وثائقي عن والدها خلال فترة علاجها قبل أن يدهمها الموت.

خلال مدّة 75 دقيقة، لا يملّ المشاهد وقد يطلب المزيد. عمد جان الى تجنب المطولات. طوّع ترتيب وتجزئة الشهادات لتخدم تطور سيرة الشخصية التي قسمها الفيلم إلى "البدايات"، "كادر عامل"، "بناء سمعة"، "عسكرة وجبهات"، "الأب الأم"، و"الجنازة" وتلت قسم "الشهداء يشبهون بعضهم" ما يدعم استعارة جمالية مكررة في الفيلم عبر عنصر "المرآة". نشعر أن ثمة مرآة نصبها المخرج بين المير وشهداء لبنانيين، وبينه وبين من عايشوه "بعد أربعين سنة، قدر لنا أن نعثر على وجه الغائب نضراً من انعكاساته على وجوه حاضرة"، يقول بداية الفيلم الذي أضاف مرايا مكانية في لقطات حية تتعاكس بين بحر وفضاء الميناء، وهي إطار الفيلم، فيما كوّنت طرابلس "الروح" من خلال ملامح قيادية صلبة وملتزمة وفي "أوادمية" الشخصية، وكان لبنان امتداداً لجرائم بدون عقاب ولا نهاية.

فيلم لم يكتمل

مقابل غنى المقابلات ووفرة الصور وقصاصات الجرائد، يعاني الفيلم قلّة في أشرطة الفيديو التي توثق للمير ومرحلته. ولم يفلح بحث المخرج طوال سبعة أشهر في إيجاد فيديو بصوته. وقف زياد الأيوبي عند هذه العقبة باعتبارها ترشّح الفيلم لتحديثات بما فيها معلومات جديدة تتناول حياة المير "حتى الساعة لا زلت أسمع تفاصيل عن والدي لم أكن أعرفها من أناس كثر. الفيلم لم يكتمل".

والفيلم حقاً لا يكتمل ما لم يفرج عن معرفة القاتل وهو مسؤولية أجهزة الدولة اللبنانية وقضائها والحزب الشيوعي نفسه الذي يعرف من قتل أحد أبرز قادته، حسب روايات لقدامى الحزب.

لكن الأكيد أن مقتل الأيوبي هو رافد من روافد صراعات "الآخر" في طرابلس، والفيلم تذكير بها. في سياقه نهاية السبعينيات يقع الصراع بين بداية نشاط منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة أبو عمار وعدائه لنظام الأسد المتمترس في المدينة، وتقاطع هذه المعارك مع صعود حركة التوحيد الاسلامية.

"المير" حسب تعريفه هو تذكير لنا جميعاً بـ"بداية الغاء الأحزاب السياسية. وبداية إمحاء ذاكرة جيل اشتغل على قضايا لم تعد من ألف باء الحضور السياسي في البلد". حين جرى إطلاقه في عرضين متتالين، لتفادي الاكتظاظ، غصت مدارج بيت الفن في الميناء بمشاهدين من مختلف الأعمار، تتكامل تفاعلاتهم بين نوستالجيا جيل المير وتمثلات "اللحم والدم" لمن عرفه لتوّه على الشاشة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم