الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

عامر جراد مهندس لبناني يطوّر محطات معالجة الصرف الصحّي... كلفة قليلة وفاعلية عالية (صور)

المصدر: عكار- "النهار"
ميشال حلاق
عامر جراد مهندس لبناني يطوّر محطات معالجة الصرف الصحّي... كلفة قليلة وفاعلية عالية (صور)
عامر جراد مهندس لبناني يطوّر محطات معالجة الصرف الصحّي... كلفة قليلة وفاعلية عالية (صور)
A+ A-

أزمة تلوث المياه السطحية والجوفية بدأت تشكل عاملاً ضاغطاً على الاقتصاد الوطني العام وعلى أبناء المناطق اللبنانية كافة الذين باتوا يتخوفون من اللجوء إلى مياه الينابيع والأنهر لريّ مزروعاتهم وللاستخدام المنزلي، كما أنه يتم الاعتماد بشكل أساسي على المياه المعبأة لتأمين مياه صالحة وسليمة للشرب.

وأصابع الاتهام الصريح والواضح لمسببات هذا التلوث والضرر الكبير تشير إلى مجاري الصرف الصحي المنشأة بشكل ارتجالي وبطريقة غير علمية ولا تستوفي أياً من شروط السلامة العامة وحماية البيئة، بحيث حُوِّلت هذه المجاري المضرة بشكل عشوائي إلى الأودية ومجاري الأنهر التي تحولت بمجملها إلى مجرور كبير أضرّ بفعل تراكم الأضرار سنة إثر سنة بالمنتجات الزراعية وجودتها، كما أن عدم ترشيد استخدام الأسمدة والأدوية الزراعية قد فاقم من هذه الأزمة على نطاق واسع وبات من الضروري اليوم وقف هذه التعديات الجائرة على بيئة هذا البلد مياهاً وتربة وهواء وغطاء زراعياً وحرجياً، وبات من الملحّ ابتداع طرق علمية مدروسة لرفع أذى مجاري الصرف الصحي المسلطة بشكل وقح وفاضح على مصادر مياهنا في عكار بشكل خاص كمنطقة غنية بالمياه وبكونها منطقة زراعية بالدرجة الأولى؛ ومع الارتفاع الملحوظ بالنمو السكاني، يبدو من الحكمة الإسراع بالمعالجات قبل أن نخسر كلياً ثروتنا المائية المحسودين عليها في محيطنا.

الدكتور عامر جراد (دكتوراه ميكانيك ومياه) من فريق (استشاريون بلا حدود) توصّل أخيراً إلى تطوير محطات معالجة الصرف الصحي لتتمكن من إنتاج 100% مياهاً صالحة للريّ، وتحويل الفضلات إلى سماد عضوي 100% أيضاً.

وهذه المحطات المطورة من الفريق اللبناني هي الأقل كلفة عالمياً، وبإمكان أي بلدية أو مجمعات سكنية أو صناعية أو سياحية امتلاكها وتشغيلها. مع الإشارة إلى أن التجارب أثبتت نجاحاً باهراً وهي قيد التطبيق في بعض البلديات شمالاً.

وفي حديث مع المستشار المهندس زكريا الزعبي رئيس مجموعة "استشاريون بلا حدود لبنان"، قال: "المجموعة بانتظار موعد مع وزيري البيئة والطاقة لتسليمهما نسخة عن هذه المحطات، وأخذ التراخيص واختبارات الأثر البيئي التي ستفاجئ الجميع من حيث النتائج والتكلفة المنخفضة، وسهولة التشغيل والصيانة".

من جهته، اعتبر الدكتور عامر جراد أن السبب الأساسي وراء فقداننا للمياه السليمة هو عدم التخلص من مياه الصرف بطريقة آمنة وصحية، والسببان الرئيسيان هما المحطات المصممة للربح، وعدم استكمال المعالجة غالباً للبقايا المعالَجة. 

وأضاف: "المسؤولون يبحثون عن المحطات ذات الكلفة الكبيرة لأن الحصة تتناسب مع الكلفة. أما المحطات الصغيرة المحلية أفضل بكثير وأقل تكلفة، بحيث إن معالجة بقايا المعالجة (الحمأة المنشطة SLUDGE) مهمة جداً وأساسية"، لافتاً إلى أنه "بعد سنوات من البحث والعمل توصلنا لحلول عملية جداً (رخيصة وفعالة)، تراعي الاستدامة، تؤمن فرص عمل، تحفظ مياهنا، تقينا شر الأمراض، وهذا مسار جديد بطريقة آمنة ونتائج رائعة وذات تكلفة معقولة".


وفق جراد، يكمن الحل في:

أ‌. إنشاء محطات صغيره ومتوسطة لمعالجة الصرف الصحي؛

لماذا محطات صغيرة ومتوسطة؟

لأنها تتمتع بالمميزات التالية:

1. تقوم بمعالجة خطوط الصرف المعتادة في القرى والبلدات والتي عادة لا تكون ذات تدفقات كبيرة للخط الواحد.

2. إن المحطات المحلية توقف التعدي الحاصل على الأودية والأنهار المحاذية لتلك القرى والبلدات.

3. في حال توقف التعديات على الأنهار ستصبح نظيفة وقابلة للحياة النهرية ويمكن للسياحة أن تزدهر.

4. من المتوقع افتتاح وإعادة الحياة لمنتجعات نهرية نفتقدها جداً ونفتقد فرص العمل في هذا النوع من السياحة الداخلية.

5. تعالج مياه الصرف التي كانت قد استخرجت من آبار المنطقة أو من الشبكات لتعالجها وتتركها للري أو تترك للأنهار.

6. يستطيع أهل المنطقة تنفيذ معظم أجزائها، وبذلك يتعلمون ويستفيدون وبالتالي يحافظون على المنشأة فيما بعد.

7. في حال تعطلت المحطة المحلية يكون الضرر محلياً على عكس المحطات الضخمة التي تجمع عدداً كبيراً من البلدات.

8. المحطات الضخمة ذات كلفة عالية جداً وذات خطورة كبيرة حين تتعطل.

9. المحطات المركزية تحتاج لشبكات صرف طويلة ومكلفة جداً وما يرافق هذا الأمر من اعتراضات نراها بين المناطق.

10. المحطات المركزية تعمل لصالح عدد كبير من المناطق حيث إمكانية الاختلاف كبيرة ومروحتها ضخمة.

11. المحطات المركزية تشكل خطورة بالغة على المنطقة المتواجدة فيها في حال الحروب والنزاعات.

ب - إنشاء محطات تسميد طبيعي (تقوم بتحويل ناتج المعالجة إلى سماد طبيعي)؛ إذ إن تلك المحطات تتمتع بالمميزات التالية:

1. تحول الحمأة ( (SLUDGE حيث يتم التخلص من جميع المكونات الضارة والإبقاء على ما هو جيد ليتم تنديفه وتجفيفه ثم تحويله إلى كعكة الحمأة ليتم بعدها خلط تلك الكعكة مع المخلفات الزراعية الجافة والنباتية الخضراء بنسب معينة لتعطينا بعد فترة سماداً طبيعياً يغني التربة ويدعم الزراعة وخاصة في بلدنا حيث إن هذا الأمر شبه مفقود (الدعم المجاني) للمزارعين.

2. التخلص من المخلفات الزراعية بطريقة سهلة وآمنة.

3. تطوير مراكز التسميد ومصانع إنتاجها وفتح هذا المجال على مصراعيه للناشئة

4. إن محطات التسميد تكون مجاورة لمحطات الصرف وعادة ما تستقبل محطات الصرف من شبكات الصرف الصحي ومن الجور الخاصة بالأبنية حيث لا يوجد شبكة صرف صحي وبالتالي محطات تكرير لها، وعادة ما يتم التخلص من النواتج المؤذية للبيئة والبشر بين القرى والبلدات ما يؤدي إلى مشاكل لا تعد ولا تحصى.

ولفت الدكتور جراد إلى أن الموضوع طويل جداً ومتشعب ولكن نستطيع تلخيصه على الشكل التالي:

الصرف الصحي لا يمكن تجاهله فهو ضرورة لأي بناء أو منشأة بغض النظر عن وجهة الاستعمال، وعندما يترك كما هو حالنا يكون مدمراً للبيئة والبشر والموارد المائية وغيرها الكثير، أما في حال تم التعامل معه بشكل احترافي، إنساني وعلمي، فيمكن أن يتحول لناتج مفيد، حيث تصبح الفائدة مضاعفة (تحويل الضار جداً لنافع جداً).

هذا المنطق عادة لا يعارضه أحد لأن الإنسان بطبيعته وفطرته السليمة يريد الخير ويختاره ولكن عند السؤال عن التكلفة يحجم معظم المتحمسين، سواء كانوا أشخاصاً عاديين أو معنويين وخاصة في ظل هذه الظروف الراهنة.

لهذا فإن طرحنا هو اختيار أفضل الحلول ودمجها وتعديلها لتعطينا أفضل النتائج وبتكلفة صغيرة جداً، حيث أستطيع الادعاء بأن تكلفة مشاريعنا لا تزيد على ٥ وحتى ٢٠ في المئة مما هو متوافر في السوق المحلية والإقليمية ونجاعة تفوق الـ ٨٥% من أفضل الحلول المتوافرة في دول العالم؛ ربما يقول قائل: ولمَ لا نأخذ الخيارات الأفضل على الإطلاق ونحصل على ١٠٠%؟ نجيب ببساطة بأنني أفضّل الحل القادر على تنفيذه ولو لم يكن أقرب إلى الكمال على حلول لا أستطيع تحمل كلفتها، وهذا الخيار هو المنطقي وخاصة في وضع بلدنا الراهن.

في الخلاصة، إنها خطوات علمية مدروسة ومن المفيد اللجوء إليها بالسرعة الممكنة بدلاً من إهدار الوقت ووقف تفاقم حالة التلوث القائمة والتي ستتفاقم في المستقبل المنظور.

وعلى السلطات في الوزارات المعنية كما في البلديات والاتحادات البلدية الإسراع في تبني الحلول التي تكفل وتضمن رفع التلوث واستعادة المياه لسلامتها والمزروعات لألقها... بكلفة زهيدة وقليلة جداً قياساً بما تم صرفه على مشاريع فاقمت الإساءة وصعّبت الأمور.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم