الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الله خلقنا "إنساناً"، والإنسان يُبعثر الأحرف!!

المصدر: النهار
كاتيا سعد – باريس
الله خلقنا "إنساناً"، والإنسان يُبعثر الأحرف!!
الله خلقنا "إنساناً"، والإنسان يُبعثر الأحرف!!
A+ A-

"إنسان"، هذه هي الكلمة الوحيدة التي يجب أن تظهر على بطاقة الهوية . "إنسان"، هكذا يفترض أن تكون لغة التواصل بيننا. ما هو دينك؟ ما هو لونك؟ ما هو عمرك؟ ما هو مستواك الاجتماعي؟ ما هو مستواك التعليمي؟ ما هو طولك؟ ما هو وزنك؟ ما هو ...؟ وما هو...؟ هذا ليس من شأننا الغوص به جزافاً، بل له مقامه وظرفه. وثقافة المجتمع لا تُبنى على هذه الأسئلة "الخاصة"، بل قد تدمّرها وتؤدي أحياناً إلى هلاك شعبها.

في عام 2020، ضجّ الإعلام بمنصّاته المختلفة بخبر وفاة "جورج فلويد" وهو إنسان قبل أن يكون "أسمر البشرة". وثم انتحار "سارة حجازي" التي أثقتلها هويتها في مجتمع دلّ عليها كونها "مثلية الجنس" وهي في الأصل إنسان. وانتحار عدد من اللبنانيين لعدم احتمال الظروف المعيشية الصعبة: علي الهق، سامر حبلي، خالد أديب وتوفيق ف.ح. وهم "إنسان". نضيف إلى ذلك الجرائم التي ترتكب مباشرة تحت مسمى "جرائم الشرف"، وتلك التي ترتكب بشكل مبطّن منها "جرم التنمّر". كلها جرائم ضدّ الإنسان والإنسانية قبل أي تعريف آخر.

كفى نتعالى على خلق الله الذي لم يفرّق بين دين وآخر، وبين عرق وآخر، وبين طبقة اجتماعية وأخرى... هو جمعنا تحت سقف واحد "الحياة"، وتحت شعار "المحبة" ؛ ولكن أنانية الإنسان فرّقتنا بالأشكال والألوان، وصبغت لنا بطاقات فرعية. فامّحت الابتسامة بالدمعة، وجرت تضحية الحياة بالموت.

كفى نقسّم كيان الإنسان إلى جزيئات، فيعود ويوحّدها الموت. أين نحن من مقولة "أخيك الإنسان"؟ من حَمَلة الشهادات الجامعية؟ من كِفاح جمعيات حماية حقوق الإنسان؟ أم نحن أمام مشهد مسرحي، وما إن تنزل الستارة تعمّ الفوضى في الكواليس؟ أم أنها مجرّد نظريات وشعارات نبتلعها الآن، ولكن لا عملية "هضم" لها بشكل صحّي ـ إنساني؟

آن الأوان، خاصة في ظل الظروف الكارثية التي يشهدها العالم، أن يعي هؤلاء "المجرمون" بحق الإنسان والإنسانية أنّ:

الدين له احترامه المطلق، وصدق القول: "كل واحد ع دينو، الله يعينو".

المثلية الجنسية ليست جريمة، والاختلاف مطلوب في كل مجتمع وغنى لشعبه،

الطبقة الاجتماعية مجرّد "كنية"، وقيمة الإنسان ليست منوطة بها.

النحيف والضعيف والطويل والقصير تندرج تحت الأرقام، لا تشير بيدك إليها وأنت تجهل أصل الحكاية.

فلنحاول فهم هذه الفروقات ـ الامتيازات أولاً، ونتعلّم التعايش معها ثانياً، وحينها نرتقي بكلمة "إنسان".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم