الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

قبل أن تنتهي الحكاية

المصدر: النهار
ديما الأعور
قبل أن تنتهي الحكاية
قبل أن تنتهي الحكاية
A+ A-

قبل أن تنتهي الحكاية، فلنُبقِ بذاكرتِنا أمَّ طفلِ الثّلاثةِ أشهرٍ الّذي أسقته الماءَ والسّكرَ بدل الحليب لأنّها لا تملِكُ المالَ. فلنُبقِ بذاكرتنا حيرةَ أبٍ لإيجادِ الأكل لأولادهِ. فلنتذكَّرْ طوابيرَ الخُبزِ والبنزين والمازوتِ. لنتذكَّرْ غلاءَ الأسعارِ وإرتفاعَ الدّولارِ، ولنُذكِّرْ أنفُسنا بانقطاع الكهرباءِ والماءِ والدّواءِ. ليبقَ بذاكرتِنا مشهدُ أُمٍّ تودّعُ أبنَها وابنتَها على أبوابِ المطار وتلك العِناقات المُبكية.

ولئلا ننسى هذه الثلاثين عامًا الماضية، فلنتذكّرِ الذُلَّ والجوعَ والفقرَ، ولنعلمَ أنّ من أضرمَ الحربَ بنا هو نفسُه من جرّنا إلى تلك الطّوابيرِ. قبل أن تنتهي الحكاية لنتذكَّرْ أصدقاءَنا وأقاربَنا في بلاد الإغترابِ، وليالينا الجميلة، وذكرياتنا الحلوة وشوارعَنا وأصواتَ ضحكاتنا وأغانينا ومهرجاناتنا. وقبل نهاية الحكاية فلنتذكَّرْ لُبنان الحلم ولُبنان الأمل. فلنَعُد بالزّمنِ إلى حقبةِ الرّجالاتِ الوطنيّة، فمن يحكمونَ بلدَنا الآن ليسوا إلاّ ذكوراً مُحبّي للسلطاتِ الفاسِدَةِ. فالوطنُ بدون رجالاتٍ وطنيّةٍ يُصبح خرابًا. قبلَ أن تمضيَ الحكاية فلنرَ بيروت، ولنُدرِكْ دائمًا أنَّ لبنانَ جنّة اللّه على الأرضِ أوكلَهُ إلى حُكّامٍ جعلوا منه نار جهنّمِ. والأمنية الأخيرة الّتي تكمُنُ في هذا البلد تبقى للمؤرّخيْنَ، فليوثّقوا الحقائقَ والصّورَ كما هي لتعيشَ الأجيالُ القادمةُ على حلمِنا، لعلّ تاريخنا هذا سيوحّدُ ويُعلّمُ شباب هذا الوطن الوطنيّةَ والمُواطنيّةَ. فنحنُ نهشوا بنا من هم على الكُرسيّ، ولو كُنّا نعلَمُ بحالٍ كهذا، هل كُنّا سنلوّثُ إبهامنا بذلك الحبرِ الأزرقِ؟ على أمل أن يصمُدَ بنا هذا البلد الجّميل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم