الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

طرابلس: الأيقونة القلقة

الدكتور طلال خواجة
Bookmark
طرابلس: الأيقونة القلقة
طرابلس: الأيقونة القلقة
A+ A-
لم يكد جبور الدويهي ينهي روايته عن طرابلس حتى سألني ان ارافقه بجولة في المدينة لاختيار عنوان الرواية. التقينا في مقهى البان الدور الواقع في شارع رياض الصلح (الكزدورة) وهو احد الشوارع الجميلة الذي يربط المدينة بالاسكلة.طرابلس ليست غريبة على الروائي ابن زغرتا، وهو الذي اعتاد منذ الصغر ان يأتيها طالبا الى مدرسة الفرير في شارع الكنائس والذي كان يحتضن مع شارع الراهبات اهم الارساليات، وهو لم ينقطع عن عادة الحضور شبه اليومي الى المدينة التي احب، متنقلا بين الاندلس والبان دور وابو خليل. جبور لم يكن استثناء بين النخب الشمالية التي لطالما جذبتها المدينة العريقة بشوارعها ومقاهيها ومطاعمها ومكتباتها ومراكزها الثقافية ودور السينما فيها، فضلا عن اثارها واسواقها التاريخية والتراثية والحديثة التي تختصر خليطا من الحضارات وقرونا من تاريخ المدينة التي شكلت جاذبا لعموم الشماليين، كما لفئات واسعة من الشمال والساحل السوري.بعد جولة واسعة طالت الاحياء التي شكلت ملعبا للمتبارين على مدار عشرات الجولات القتالية التي عصفت في المدينة الاقرب للفوالق السورية المتحركة على انغام الربيع العربي الدامي، اختار الروائي "حي الاميركان" عنوانا لرواية تكاد تختصر التاريخ السياسي والاجتماعي الحديث للمدينة التي بناها الفينيقيون كمركز للتجارة والتواصل بين مدنهم الساحلية، والتي ستشكل، بموقعها وبطبيعتها الجغرافية المميزة، عقدة وصل اساسية على امتداد التاريخ، وستصبح جزءا من الجسر الذي سيربط بين الحضارات والهويات والشعوب ومهووسي الحروب والفتوحات والاساطير. اطلق على طرابلس لقب مدينة العلم والعلماء، لما احتوت من مدارس ومراكز علوم وتكايا، كما اهداها المتنبي ونزار قباني وسابا زريق اجمل قصائدهم.حاول كثر سبر اغوار المدينة، التي وان امتازت بطيبة ابنائها، الا انها شاركت في معظم الاحداث والافكار التي طبعت المنطقة، خصوصا في المراحل الاخيرة من الخلافة العثمانية ونشوء الكيانات واقتسام المنطقة الغنية بالنفط والاديان والثقافات على خطوط سايكس - بيكو، بالتلازم مع التحول نحو التحديث، مع ما رافق ذلك من اسهامات طرابلسية قي حركة النهضة العربية.فقد وقفت طرابلس بقوة مع شرعية الملك فيصل العربية بوجه فرنسا، خصوصا حين بدأت تخسر مكانتها الاقتصادية لصالح بيروت الصاعدة كرمز لحركة التحديث والتجارة والخدمات والتي ستصبح عاصمة للبنان الكبير، متحولة مع الجامعات والمستشفيات ودور النشر والوكالات التجارية الى منارة الشرق. ومع ترسخ لبنان الكبير شارك الطرابلسيون في النضال من اجل الاستقلال وقدموا الشهداء، رغم التهميش الذي اصابهم، سواء عقابا على...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم