الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل سننعم بالحريرالصيني أم بفخ الديون؟

المصدر: النهار
شادي نشابة
هل سننعم بالحريرالصيني أم بفخ الديون؟
هل سننعم بالحريرالصيني أم بفخ الديون؟
A+ A-

بدأت العلاقـات اللبنانية – الصينية فـي العام 1955 حيث تـم توقيع أول اتفاقية تجارية بين لبنان والصين، وقد شـهدت العلاقات التجارية بين لبنـان والصين تطوراً كبيراً، فأصبحت الصين أكبر شـريك تجـاري للبنان، إذ بلغـت قيمة الصادرات الصينيـة إلى لبنان عام 2018 بمليارين و48 مليون دولار وهي تعد أكبر مصدر، وبالمقابل صدّر لبنان بـ22 مليوناً و194 ألف دولار.

وتأسست العلاقة الديبلوماسية بين الصين ولبنان في 9 تشرين الثاني 1971، وبعد ذلك شهدت العلاقات الثنائية تنمية مستقرة في شتى المجالات بما فيها الاقتصادية والتجارية والمالية والثقافية وغيرها.

إتخذت الجامعة اللبنانية قراراً عام 2015 بتأسيس قسم خاص لتعليم اللغة الصينية كجزء من منهج مركز اللغات والترجمة، فضلاً عن اتخاذها قراراً عام 2018 بإنشاء ماستر الدراسات الصينية.

ومع دخولنا الألفية الثالثة، تتطور التعددية القطبية والعولمة الاقتصادية والمعلوماتية الاجتماعية والتنوع الثقافي على نحو معمق، وتتسارع وتيرة التغير لمنظومة الحوكمة العالمية والنظام الدولي ويترابط مصير شعوب العالم بشكل أوثق من أي وقت مضى.

وفي الوقت نفسه، نواجه تحديات غير مسبوقة، إذ ما زالت الهيمنة وسياسة القوة موجودة. في هذا السياق طرح رئيس الصين شي جين بينغ مبادرة "الحزام والطريق" أي "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين" العام 2013، ولقد لبى لبنان هذه المبادرة بشكل إيجابي، وتم التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن البناء المشترك للحزام والطريق بين الحكومتين الصينية واللبنانية في أيلول 2017 وذلك بعد إقرار قانون 48 الذي ينظم العلاقة بين القطاعين العام والخاص في مجلس النواب اللبناني.

خلال الأعوام التي تلت هذه الاتفاقية، جاءت إلى لبنان وفود صينية مختلفة ترغب في الاستثمار. وقد أعدت دراسات ميدانية ووضعت أولوياتها في الاستثمارات، وحيث قد تصل نسبة استثماراتها إلى 12.5 مليار دولار.

ومن ضمن هذا المبلغ تنفيذ 9 مشاريع كبيرة، أبرزها سكك الحديد وقطاع الكهرباء. ولا يلتزم الصينيون بسكّة حديد واحدة تمتّد على الخط الساحلي، بل بشبكة متكاملة تجعل لبنان مترابطاً من أقصاه إلى أقصاه، عبر سكّة الخط الساحلي وربط المرافئ وسكّة طريق الشام، بما فيها نفق حمانا.

ويهتمّ الصينيون كذلك بإنشاء معامل لإنتاج الكهرباء، وكذلك منشآت إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، التي وُضعت دراسات لتوليدها فوق مجاري نهر الليطاني وسدوده، إضافة إلى مساحات أخرى. ولا يغيب نهر الليطاني عن الاهتمام الصيني، حيث يعرض الصينيون تنظيف مجرى النهر ومعالجة الملوّثات التي جعلت مياه النهر ومجراه مكاناً غير قابل للحياة، بدل أن تكون مصدراً للإنماء وتطوير الانتاج الزراعي، إضافة إلى ذلك هناك اهتمام صيني بالصناعات الغذائية كالبطاطا والتفاح الأحمر.

أما بخصوص التحديات التي قد نواجهها في مجال التعاون اللبناني-الصيني، فهي مختلفة وتنقسم بين سياسية واقتصادية وإدارية.

على الصعيد السياسي هل شق طريق استثمار الصين في لبنان سيكون سهلاً؟ في ظل الأجواء المتوترة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية وخاصة أننا نعيش في شبه حرب باردة بين الطرفين. رغم أن الصين تحتل صدارة الشركاء التجاريين مع الولايات المتحدة والمصدرين إليها. وجاء نحو 22 في المائة من إجمالي الواردات السلعية الأميركية من الصين في 2017، بينما أتت الصين في المركز الثالث للصادرات الأميركية بعد كندا والمكسيك، حيث صدرت الولايات المتحدة إليها نحو 8.5 في المائة من إجمالي صادراتها.

ماذا سيكون رد المجتمع الغربي؟ وما هي الأوراق التي قد تستعملها وحيث هناك أوراق متعددة من ضمنها سلل العقوبات وتوقيف الهبات التي تقدم، تفعيل الحروب الباردة على أرضنا وغيرها من السيناريوات.

أما على الصعيد الاقتصادي، فما هو المقابل؟ هل الطروحات الصينية في طريقة الاستثمار والأرباح ستأخذ بالاعتبار المصالح اللبنانية؟ أم لأننا في أمس الحاجة الى هكذا دعم واستثمار حالياً فتضع الصين شروطها بطريقة لا تناسب مصالح اللبنانيين. وخاصة أن الطبقة السياسية على مدى عقود كانت تهتم بمصالحها الشخصية قبل العامة.

أما على الصعيد الإداري، فكيف سيكون شكل العقود، هل ستكون بشكل استثمار أم قروض؟ كيف ستكون نسب اليد العاملة هل ستفرض الصين شروطها؟ حصل ذلك النقاش سابقاً في المنطقة الاقتصادية الحرة في طرابلس حيث كانت الصين تضغط للحصول على نسبة 70% من العمال الأجانب مقابل 30% لبنانيون ولكن ختاماً وصل الفريقان إلى حل مشترك 50%.

ولكن ذلك كان في فترة سياسية واقتصادية مختلفة، فالاستثمار الصيني مهم ولكن على لبنان أن يكون واعياً تماماً والتفاوض يجب أن يكون بناءً وشفافاً ويحفظ حقوق اللبنانيين حتى لا نصل إلى مرحلة كما حصل في سريلانكا والإكوادور ودول أوروبية مختلفة حيث وقعت هذه البلاد في فخ الديون الصينية.

على سبيل المثال اضطرت حكومة سريلانكا إلى تسليم ميناء "هامبانتوتا" الجنوبي لنظيرتها الصينية بموجب عقد إيجار مدته 99 عامًا، بعد فشلها في سداد أقساط الديون التي حصلت عليها لتمويل بناء المشروع الذي فشل أيضًا في تحقيق العائدات المرجوة.

لبنان يعد في مرحلة حساسة جداً اقتصادياً ومالياً وسياسياً وأي خطوة خاطئة قد تدمرنا إلى عقود مستقبلاً، ومن هنا تأتي أهمية الإصلاحات الإدارية حتى قبل بناء علاقات وتلقي دعم من أي جهة كانت لكي تأخذ الإجراءات الإدارية والشفافية الطريق الصحيح.


.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم