الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"مصائب قوم عند قوم فوائد"... حال اللبنانيين الذين يقبضون بالدولار

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
"مصائب قوم عند قوم فوائد"... حال اللبنانيين الذين يقبضون بالدولار
"مصائب قوم عند قوم فوائد"... حال اللبنانيين الذين يقبضون بالدولار
A+ A-

"مصائب قوم عند قوم فوائد". مثل يصلح في لبنان في هذه الأيام، بالتحديد مع ارتفاع سعر صرف الدولار، ففي الوقت الذي يعاني فيه السواد الأعظم من اللبنانيين الذين يقبضون بالعملة المحلية من انخفاض قيمة رواتبهم وقدرتهم الشرائية، يعيش من يقبض بالدولار في ظروف أفضل حتى وإن ارتفعت الأسعار بشكل خيالي، إذ لم يتغيّر مستوى معيشتهم.

انعكاس إيجابي

شحُّ الدولار من السوق جعل من يحصل عليه وكأنه أصبح من الأغنياء الجدد، وإن كان موظفاً عادياً. نتالي واحدة من قلة قليلة من اللبنانيين لا تزال تقبض بالدولار، تعمل في إحدى المنظمات غير الحكومية؛ الأزمة انعكست عليها "إيجاباً" مع انخفاض قيمة العملة الوطنية، إذ قالت لـ"النهار": "أعمل في مؤسسة تمويلها أجنبي، راتبي يبلغ 1300 دولار، في السابق كان يعادل مليون و950 ألف ليرة، أما اليوم إذا حسبنا سعر الصرف 7500 ليرة فإن راتبي يعادل 9 ملايين و750 ألف ليرة، أي إنه تضاعف نحو 7مرات، وعلى الرغم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وكل الأغراض في السوق إلا أنه للمرة الأولى بات بإمكاني أن أدخر عدة ملايين، مع العلم أني زدت من شراء الحاجيات الخاصة بي". وأضافت: "ما زلت أشتري اللحم رغم ارتفاع سعره، والملابس ومستحضرات التجميل، لكن من ناحية أخرى أحاول أن أقتصد في ما يتعلق بشراء الطعام، أركز بشكل أكبر على الدجاج والأرز والمعكرونة، كما مسحت المطاعم والمقاهي من قائمة اهتمامي على الرغم من أنه باستطاعتي زيارتها، إلا أني أفضل أن أبقي جزءاً من راتبي لمواجهة الأيام الصعبة التي يحذرنا منها الخبراء والسياسيون".

رفاهية ولكن...

منال كذلك أثّر عليها ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل إيجابي، كون أولادها في أفريقيا يرسلون إليها 1500 دولار شهرياً، حيث قالت: "على عكس باقي المواطنين، للأسف، أشعر أني أعيش حياة رفاهية أكثر بكثير من السابق، أشتري ما يحلو لي وإن ارتفعت الاسعار، إذ يكفيني ما يصلني ويزيد، منزلي ملك وليس بالإيجار ولا أحتاج من المال سوى للطعام والشراب"، وأضافت: "على الرغم من أني أشعر بالراحة، إلا أنني أتمنى أن تعود الاوضاع الى طبيعتها، إذ لا أحد تخيل يوماً ان يصل سعر الدولار الى أرقام قياسية في لبنان، وفي النهاية لست أنانية، أريد ان يعيش اللبنانيون أوضاعاً جيدة، وألا نصل كما لوّح بعض المسؤولين إلى المجاعة".

حفاظ على المستوى المعيشي

على الرغم من اعتقاد من يقبض بالدولار أنه استفاد من فارق سعر الصرف بين الماضي واليوم، إلا أنّ، بحسب ما أكده الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة، الأمر لا يتعدّى إلا "محافظة هؤلاء على المستوى المعيشي الذي كانوا يعيشونه". وشرح أن "عدداً قليلاً من المؤسسات لا تزال تدفع رواتب موظفيها بالدولار وهي الشركات ووسائل الإعلام الدولية وذلك عبر حساب في المصرف fresh money".

وضعُ من يقبض بالدولار لم يتغيّر إلا أنه لم يتضرر من الأزمة، في حين من يقبض بالليرة تضرر، "منهم الموظفون في القطاع الخاص الذين حسمت رواتبهم الى النصف، كذلك الذين حرموا من الحوافز بالتحديد موظفي المصارف، أما موظفو القطاع العام فلا يزالون يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية وهم كباقي الموظفين خسروا من قدرتهم الشرائية نتيجة ارتفاع الاسعار بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، وهناك اصحاب الرواتب المرتفعة جداً بالليرة، أوضاعهم كانت ممتازة وفي ظل الوضع الحالي لم يخسروا سوى بالأرقام، أي إن نوعية حياتهم لم تتغير، هم مستمرون بشراء اللحم والخضر والخروج في نزهات، وإن كان مصروفهم قد زاد. وهناك من خسر عمله بشكل مطلق كما حال الندلاء في المطاعم إذ ان قسماً كبيراً منهم صرف من عمله سواء بحجة البطالة التقنية أو لأسباب أخرى"، مشدداً على أن "جميع اللبنانيين تضرروا من جشع التجار".

دعم من الخارج

وصول الدولار الى أيدي بعض اللبنانيين ليس فقط من طريق رواتبهم، بل إن عائلات كثيرة تستند على أقربائها في الخارج الذين اعتادوا ارسال دفعات شهرية لها، منهم لينا التي ترسل لها ابنتها منى 250 دولاراً شهرياً من الولايات المتحدة الأميركية، وقد شرحت لـ"النهار" كيف زادت قيمة المبلغ عن الضعف بعدما وصل سعر الصرف في omt الى 3800 ليرة، وقالت: "في البداية كنت أقبضه من الشركة المالية وعلى مدى اشهر على سعر 1500 ليرة كنت أشعر وكأن الأمر سرقة موصوفة من قبل الدولة، لكن الآن أعتبر ان السعر مقبول وإن كنا لا نزال نُسرق، وما زلت لا أعلم لماذا لا نستلم التحويلات بالدولار". وأضافت: "لا شك أن فرق المبلغ لا بأس به، لكن مع ارتفاع الاسعار الى أرقام خيالية لم يعد يحدث فرقاً"، وقالت: "لديّ أربعة أولاد يحتاجون الى الكثير من الحاجيات، راتب زوجي باللبناني، أحمد الله أن ابنتي تساعدني، فلولاها لكنا انكسرنا في منتصف الشهر".


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم