الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الإدماج ومقياس النجاح في اليوم العالمي للتوحّد \r\nنشاطات لتفهّم الحاجات وتوفير فرص العمل

رلى معوض
A+ A-

"القوة الكامنة لديهم هي نبع للإلهام. هم جديرون بالفرص وبكل ما يمكن توفيره لهم من تعليم، وعمل، وإدماج". بهذا الكلام اطل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون في اليوم العالمي للتوعية من مرض التوحد، يحض المجتمع الدولي على اهمية ايجاد فرص العمل والتعليم والدمج لهم.


وقال: "ينبغي لنا كي نقيس مدى نجاح مجتمعاتنا أن ننظر في مدى نجاحنا في إدماج ذوي الحاجات الخاصة والقدرات المختلفة، بمن فيهم المصابون بمرض التوحد في تلك المجتمعات، باعتبارهم أعضاء كاملي العضوية يحظون بالتقدير. وللتعليم والعمل أهمية أساسية. فالمدارس تربط الأولاد بمجتمعاتهم المحلية، والعمل يربط البالغين بالمجتمع عموما. والذين يعانون التوحد جديرون بالسير على الدرب نفسه الذي يسير عليه الآخرون. فمن خلال إدماج الأطفال الذين تختلف قدراتهم على التعلم عن غيرهم في المدارس العادية والمتخصصة، يمكننا أن نغير المواقف ونعزز الاحترام. ومن خلال إيجاد عمل مناسب للبالغين المصابين بالتوحد، يمكننا أن ندمجهم في المجتمع".
غريغوري عمره اليوم 14 عاماً، ماهر في الرسم ومبدع في علوم الكومبيوتر، قريب من القلب يجذب الناس اليه، الا انه يحب ان يكون في عالمه الخاص، يتواصل على طريقته، ويعبر متى شاء. فهو يعاني التوحد منذ الولادة. والتوحد هو اضطراب في النمو نتيجة اضطراب في الجهاز العصبي مما يؤثر على العمل الطبيعي للدماغ، ويعوق الولد عن التعبير والتواصل الاجتماعي مع محيطه، فتظهر أعراض التوحد باكرا، حيث بينت الدراسات الحديثة انه يبدأ عند الجنين. والتوحد درجات تختلف أعراضه من طفل الى آخر ويتدرج من الخفيف الى الشديد، فيعاني الأولاد صعوبة في التواصل مع الآخرين، واستخدام اللغة في شكل مناسب، والتفاعل الاجتماعي والقدرة على اللعب التخيلي، الى تصرفات متكررة ومقاومة لأي تغيير.
اكتشف أهل غريغوري انه متوحد منذ عمر السنتين، بعدما لاحظوا عدم قدرته على التركيز وغياب لغة العيون والتأخر في الكلام. اعتقدوا في البداية انه لا يسمع، لأنه لا يجيب عند مناداته، يلتفت فقط للامور التي تهمه. اخذته والدته الانكليزية الى انكلترا ليشخص طبيب الاطفال حالته، كما طلب له الفحوص اللازمة، من فحص للاذنين و"سكانر" للرأس، وهنا بدأت رحلة العائلة المميزة مع ابنها المتوحد.
الاهل في البداية لم يصدقوا ان ما يحصل لهم حقيقي: "بدأنا البحث عن اسباب اخرى، بعد ذلك تقبلنا الفكرة وعملنا على دمجه مع تلامذة من عمره في مدرسة الانطونية - غزير ورافقته معلمة خاصة كل الوقت، واليوم هو في مؤسسة سيزوبيل بعدما انشأت صفا خاصا للمتوحدين. يحب الرسم ويشارك في معارض متخصصة" يقول والده.
رئيسة الجمعية اللبنانية للتوحد السيدة اروى حلاوي هي والدة شاب متوحد، اسمه عباس وعمره 23 سنة، انشأت الجمعية في عام 1999. "كنا 5 عائلات لدينا أولاداً يعانون من التوحد، وسرني عندما تعرفت على اهل يعانون الحالة نفسها التي اعيشها، وهذا ما ساعدني في تقبل الوضع، لانني مررت بحالات نفسية يعيشها الكثير من الاهل، منها النكران ثم التساؤل، لماذا انا؟ ثم فقدان القدرة على النوم والاصابة بالاكتئاب. وجودي مع الاهل اراحني لانني تنبهت الى انهم يتابعون حياتهم في شكل طبيعي. تقبلي لحالة عباس انعكس ايجابا على حالته وجو المنزل، من هنا جاءت فكرة تأسيس الجمعية التي وضعت 3 اهداف: دعم الاهل معنوياً ونفسياً. تقديم افضل الخدمات للذين يعانون التوحد، وتوعية المجتمع على هذه الحالة، خصوصا وانه عندما انشأنا الجمعية كانت معرفة تفاصيل هذا المرض لا تزال مجهولة.
في طفولته لم يكن عباس يركز معي ولا يلتفت لينظر، تأخرنا في تشخيص حالته حتى عمر الـ5 سنوات، وهذا أخر التدخل المبكر الذي يؤدي الى نتائج افضل". الجمعية فتحت صفوفاً مهنية للشباب الذين يعانون التوحد وهي تركز على مواهب هؤلاء الاشخاص وتهدف بعد ذلك الى الدمج الاجتماعي. "من اجمل قصصنا الناجحة قصة الفنان علي طليس، وهو رسام بارع شارك في العديد من المعارض، يبيع لوحاته اليوم ويتبرع بنصف مردودها للجمعية. وشارك تمثيلا في مسلسل لبناني على الـ"ام.تي.في".
تعمل الجمعية على برامج دمج مدرسي عدة مع القلب الاقدس الجميزة، ومدرسة الضحى - دائرة شاتيلا. ولديها مركز تشخيص وتدخل مبكر للاطفال يعمل فيه فريق متعدد الاختصاصات، منها معالجة النطق، معالجة النفس الحركي، مربية تقويمية، ومعالجة نفسية بالتعاون مع الاطباء النفسيين واطباء الاعصاب. "نسعى الى التوسع من خلال جمع التبرعات وافتتاح مركز آخر للاهتمام بالاولاد".
ومن أبرز نشاطات الجمعية في اليوم العالمي للتوحد ماراتون ركض يقوم به العداء علي وهبي فيركض لمسافة 550 كيلومتراً في لبنان كله على 12 يوماً ويتوقف في عدد من المحطات بالتعاون مع الجمعيات التي تعنى بكل انواع الاعاقات ومنها التوحد.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم