الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل يدخل العالم دورات عدّة من فرض ورفع الإغلاق بسبب كورونا؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
هل يدخل العالم دورات عدّة من فرض ورفع الإغلاق بسبب كورونا؟
هل يدخل العالم دورات عدّة من فرض ورفع الإغلاق بسبب كورونا؟
A+ A-

هذا التحذير لرئيس منظّمة الصحّة العالميّة تيدروس أدهانوم غيبريسوس جاء بعدما سجّل يوم الخميس الفائت وحده حوالي 150 ألف إصابة إصابة وهو أعلى رقم تمّ تسجيله منذ تفشّي الوباء.

اضطرارٌ للتعايش... حتى إشعار آخر

في حين تُظهر دول عدّة انخفاضاً تدريجيّاً في أعداد الإصابات والوفيات بالفيروس، تبدو هذه الأعداد متصاعدة في دول أخرى مثل الهند والبرازيل. أصبحت أميركا اللاتينيّة ومنطقة الكاريبي بؤرة وباء إذ تجاوز عدد الإصابات فيها مليوني شخص، وفقاً لأرقام "وكالة الصحافة الفرنسيّة". كذلك، يشهد شمال شرق الولايات المتّحدة تراجعاً في انتشار الوباء، لكنّه يواصل تفشّيه في أنحاء أخرى من البلاد.

من جهتها، سجّلت البرازيل أمس أكثر من 31 ألف إصابة إضافيّة وأكثر من 55 ألفاً يوم الجمعة، بينما تخطّت أعداد الوفيات فيها 50 ألفاً. وسجّلت الهند حوالي 30 ألف إصابة إضافيّة خلال اليومين الماضيين. كذلك، انضمّت تشيلي وبيرو إلى لائحة أكبر عشر دول من حيث العدد الإجماليّ للإصابات بفيروس "كوفيد-19" على أراضيها.

تتأكّد بشكل يوميّ حتميّة اضطرار العالم إلى التعايش مع الفيروس لأشهر طويلة لحين إيجاد لقاح له، وهو الأمر غير المتوقّع قبل السنة المقبلة. علاوة على ذلك، يأتي الرهان الحاليّ على ابتكار لقاح فعّال وسط ظروف سياسيّة أقرب إلى أن تكون غير مؤاتية للأبحاث الطبّيّة. فالحكومات تتنافس في ما بينها لتكون الأولى في اكتشاف وتوزيع اللقاح من أجل تحقيق مكاسب جيو-سياسيّة كأحد أهداف هذا التنافس. ويضغط هذا السباق على المختبرات لتحقيق الأهداف بشكل أسرع مع المخاطر التي قد تتأتّى عن اختصار المسافة الزمنيّة خصوصاً لجهة بروز أعراض جانبيّة خطيرة.

بالمقابل، وحتى مع افتراض نجاح اللقاح بالسرعة المطلوبة، تعجز الاقتصادات الدوليّة عن البقاء مغلقة أو في حدّها التشغيليّ الأدنى طوال هذه الفترة. وحذّر رئيس الاحتياطيّ الفيديراليّ جيروم باول الأسبوع الماضي من أنّه، بوجود أو عدم وجود لقاح، ستحتاج الولايات المتّحدة إلى ما لا يقلّ عن سنتين للانطلاق من حيث توقّف الاقتصاد في بداية سنة 2020. على الضفّة الأخرى، تخاطر الدول بإعادة تفشّي الفيروس إذا رفعت الإغلاق، حتى ولو كان رفعاً تدريجيّاً. المثل الصينيّ الأخير والمخاوف من عودة انتشار الفيروس في العاصمة بيجينغ هي جرس إنذار مبكر للدول الأخرى.

ومع انتظار موجة ثانية، وربّما أكثر، من تفشّي "كوفيد-19" أصبح البحث عن أساليب مواجهة أخرى مع الوباء أكثر إلحاحاً، بالتزامن مع عدم قدرة الناس نفسيّاً على مواصلة تحمّل البقاء في منازلها وخسارة مداخيلها. في هذا الصدد، تنقل شبكة "بلومبيرغ" عن خبيرة نماذج تفشّي الوباء في جامعة ميشيغان برامار مُخِرجي قولها إنّ إغلاقاً أكثر مرونة عقب انتشار موجة ثانية من "كورونا" ليس ضروريّاً وحسب بل هو مرغوب به أيضاً.

فكرة باستراتيجيّات مختلفة

إنّ دخول دورات متعاقبة من فرض ثمّ رفع الإغلاق هو فرضيّة حديثة نسبيّاً تحاول قدر المستطاع الموازنة بين حيويّة الاقتصاد والحفاظ على حياة الموطنين. يميّز الخبير في الأسواق الماليّة زاكاري كارابل بين أن "تغلق" أو "تطفئ" الاقتصاد من جهة وبين أن "تقتله" كلّيّاً من جهة أخرى، حيث ذكر أنّ شبكات إنتاجيّة أغلقت أعمالها بشكل نهائيّ. ولفت كارابل النظر في مجلّة "بوليتيكو" إلى أنّ دراسة مدعومة من الاتّحاد الأوروبّيّ وجدت أنّ أنجع استراتيجيّة لمواجهة موجات أخرى من "كورونا" هي فرض إغلاق حازم لمدّة 50 يوماً يقابله تشغيل الاقتصاد لفترة 30 يوماً، تتبعها إغلاقات إضافيّة وفقاً لما تقتضيه الحاجة.

وأشار إلى استراتيجيّة أخرى أعدّها أحد معاهد تل أبيب تتّصل بفترة أقصر من فرض ورفع الإغلاق: 4 أيّام عمل مقابل 10 أيّام من إيقاف الإغلاق. ويمكن أن يمتدّ العمل في الأيّام الأربعة على عدد أطول من الساعات. وتستند هذه الاستراتيجيّة إلى أنّ الإصابة المحتملة في أيّام العمل ستَظهر على الأرجح خلال الأيّام العشرة من البقاء في المنزل، بالتالي تصبح الحالات أكثر قابليّة للاحتواء. وشرح كارابل أنّ المدارس النمسويّة تعتمد استراتيجيّة مشابهة.

ووجدت دراسة ثالثة من جامعة بيرن السويسريّة أنّ فرض ملازمة المنازل على 50% من الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و 49 عاماً يمكن أن يقلّل فرص انتقال العدوى. فهذه الفئة العمريّة هي الأكثر اختلاطاً مع الفئات الأخرى كما مع الأصدقاء والزملاء. من جهتها، دعت منظّمة الصحّة نفسها باكستان إلى إغلاق لمدّة أسبوعين مقابل رفعه لأسبوعين آخرين، بعد ارتفاع عدد الحالات بشكل دراميّ.

أيّاً تكن استراتيجيّات الإغلاق التي تعتمد على "إطفاء/تشغيل" الاقتصاد بشكل دوريّ، فإنّ تطبيقها المتكرّر يصطدم بصعوبات نفسيّة متزايدة لدى المواطنين كي يتقبّلوها، إن لم يكن هنالك تلكّؤ في اعتمادها أساساً من قبل السلطات، كما هي الحال في الولايات المتّحدة. لكنّ الخيارات الأخرى ليست أفضل.

خطوط عريضة

ما يصعّب فرض استراتيجيّة مواجهة واحدة على جميع الدول ليس اختلاف الإمكانات الاقتصاديّة فقط. كما أدّت نسبة الثقة الشعبيّة بالحكومات وممارسة القيم المدنيّة دورهما الجوهريّ في تخفيض عدد الإصابات بالفيروس خلال المرحلة الأولى من التفشّي، كذلك ستكون الحال مع الاستراتيجيّات المقبلة. من جهتها، تفقد عمليّات التباعد الاجتماعيّ فاعليّتها في المدن الفقيرة التي تعاني من اكتظاظ سكّانيّ، بما ينعكس بدوره على استراتيجيّة "الإطفاء والتشغيل". فالوحدة السكنيّة الواحدة في دول العالم الثالث تضمّ عدداً أكبر من القاطنين بالمقارنة مع ما هي الحال عليه في الدول الاسكندينافيّة مثلاً.

في نهاية المطاف، ليست هذه الاستراتيجيّات "ترياقاً" للتخلّص من الجائحة، كما ذكرت "بلومبيرغ". حتى أنّ أحد معدّي الدراسة في جامعة بيرن، نفى وجود "جواب بسيط على سؤال أيّ استراتيجيّة يجب اختيارها."

خلاصات هذه الدراسات هي خطوط عريضة لما بإمكان الحكومات أن تتعامل معه لاحقاً ومجرّد مقترحات قابلة للتعديل وفقاً لمعطيات كلّ دولة... أقلّه لحين اكتشاف اللقاح الموعود.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم