الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

فخّ الانتخابات النيابيّة المبكرة

المصدر: النهار
سينتيا الفليطي
فخّ الانتخابات النيابيّة المبكرة
فخّ الانتخابات النيابيّة المبكرة
A+ A-

مع بدء المرحلة الثانية لثورة ١٧ تشرين، وعودة الاحتجاجات الشعبية تدريجياً إلى الشارع بعد مرور فترة تهدئة، فرضها واقع وباء كورونا، ووعي المتظاهرين وحرصهم للحؤول دون المساهمة في نشر الوباء، تلوح في الأفق الكثير من الأصوات التي تطالب بانتخابات نيابية مبكرة، وقد تمت الدعوة للتظاهرات على أساس هذا المطلب في ٦/٦/٢٠٢٠ من قبل بعض الأحزاب التي تصنف نفسها في خانة الثورة كحزب سبعة والكتائب اللبنانية.

بداية، لا شك أن مطلب الانتخابات كسبيل لتغيير السلطة مطلب منطقي، سلمي وديمقراطي.

لكن، هل هو المدخل الصحيح للخلاص من السلطة السياسية القائمة في ظل وجود الحكومة الراهنة؟

في الواقع، هناك طريقتان تتجلى فيهما طرق التغيير السلمي في النظم الديمقراطية البرلمانية كلبنان:

إما أن يُسقط الشعب الحكومة، فيُجبِر رئيسها على الاستقالة وتُعتبر الحكومة بحكم المستقيلة، وهذا ما حصل مع الرئيس سعد الحريري بعد ثورة ١٧ تشرين.

أو أن يقوم الشعب بتغيير وتدوير السلطة عبر اختيار نواب آخرين وبذلك تكون الانتخابات النيابية هي السبيل الثاني.

في لبنان، الجهة التي تشرف على الانتخابات النيابية هي وزارة الداخلية والبلديات بواسطة هيئة الإشراف على الانتخابات بموجب المادة 9 من القانون ٤٤/٢٠١٧:

تُنشأ هيئة دائمة تسمى "هيئة الإشراف على الانتخابات".

تمارس الهيئة الاشراف على الانتخابات وفقاً للمهام المحددة لها في هذا القانون بصورة مستقلة وبالتنسيق مع وزير الداخلية والبلديات.

يواكب الوزير أعمال الهيئة، ويحدد مقرها، ويؤمّن لها مقراً خاصاً مستقلاً ويحضر اجتماعاتها عند الاقتضاء، من دون أن يشارك في التصويت.

تتألف هذه الهيئة بشكل أساسي من قضاة وآخرين (نقيب محامين سابق، خبير في شؤون الإعلام...).

في الواقع، إن من سيشرف فعلياً على هذه الانتخابات في ظل وجود حكومة حسان دياب، هي الطبقة السياسية اللبنانية الحاكمة ذاتها التي ثار بوجهها الشعب اللبناني في ١٧ تشرين، إذ يتجلى لنا يوماً بعد يوم، أنّها هي التي تقود السفينة، وأنّ وزراء هذه الحكومة ليسوا سوى نُزلاء يشهدون على واقعة الغَرَق.

ما يطرح التساؤل حول مدى استقلالية وشفافية انتخابات تجريها سلطة ممسكة ومتمسكة بزمام الحكم من جهة، وقانون انتخابي مفصّل على أساس طائفي معقد، قد يفرز الطبقة السياسية ذاتها من جهة ثانية، وقضاء غير مستقل وغير متحكم في ميزان العدالة للبتّ بأي طعن من جهة أخرى.

فهل هذا هو السيناريو الذي يتمناه ثوار ١٧ تشرين لتغيير السلطة الحاكمة؟

من المهم ذكر أن بعض مؤيدي هذا السيناريو يعللون بأنّه في حال سقطت الحكومة قبل إجراء انتخابات نيابية مبكرة، فإنه يتوجب على الحكومة الجديدة أن تنال ثقة المجلس النيابي، الأمر الذي يجعلنا ندور في حلقة مفرغة.

صحيح أن هذا التحليل صحيح من ناحية الآلية الدستورية لنيل الحكومة للثقة. لكنه كذلك فقط في الحالات التي تكون فيها البلاد مستقرة، ولا تشهد تحركات شعبية واسعة ومستمرة لتغيير الحكم.

أما في الواقع الحالي للبنان، فلا معنى على الإطلاق لانتظار ثقة البرلمانيين في الحكومة الجديدة، لأن التحركات الشعبية أسقطت الثقة عن المجلس النيابي ذاته. إن الشعب هو مصدر السلطات في مقدمة الدستور اللبناني، والنائب يمثل الشعب في البرلمان، وهو لا يمثل نفسه، ولا هو حاكم بأمره. وبالتالي فالأجدى أن تنبثق الثقة من الشعب اللبناني، ولا ننتظر من فاقد الشيء أن يعطيه!

بات واضحاً أنّ جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني سحب بساط الشرعية من تحت النواب الحاليين وقد تجلى ذلك في أكثر من مشهد، أبرزها الاعتراضات والاحتجاجات الشعبية التي رافقت جلسة إعطاء الثقة لحكومة حسان دياب بتاريخ ١١ شباط ٢٠٢٠، وما سبقه من محاولات تسكير مداخل المجلس النيابي لمنع النواب من الوصول إلى المجلس، حيث تم تأجيل جلسة منح الثقة بفعل قوة الشعب القاهرة التي حالت دون انعقادها في المرة الأولى.

كل ذلك يدحض الحجة الدستورية لأصحاب هذه النظرية.

أمّا السيناريو الآخر فهو إسقاط حكومة الهالوين هذه والإتيان بحكومة انتقالية بصلاحيات استثنائية، مؤلفة من مستقلين؛ بحيث تضمن ثورة ١٧ تشرين من خلالهم الشفافية في العملية الانتخابية. والأهم إقرار قانون انتخابي يضمن للأفراد اختيار ممثليهم بإرادة صحيحة حرّة غير مشوهة بفذلكات قانونية لا تكرّس إلا الطائفية؛ ومفصلة لضمان المقاعد الانتخابية للمنظومة الحاكمة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم