السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

انتحار مصابي كورونا في مصر... قلّة وعي أم هروب من ظلم مجتمعي؟

المصدر: النهار
عبدالمنعم فهمي
انتحار مصابي كورونا في مصر... قلّة وعي أم هروب من ظلم مجتمعي؟
انتحار مصابي كورونا في مصر... قلّة وعي أم هروب من ظلم مجتمعي؟
A+ A-

أصاب جدل واسع ومخاوف كثيرين في مصر بعد انتحار بعض المصابين بفيروس كورونا المستجد، خلال الأيام الماضية، وأصبح السؤال المُلح في الشارع المصري؛ ما علاقة الانتحار بكورونا؟ وكيف يتم تجنب ذلك وحماية المصابين من أنفسهم؟

أكّد الدكتور علي إسماعيل أستاذ الطب النفسي بكلية الطب في جامعة الأزهر، أن أزمة كورونا حدثت فجأة بصورة غير متوقعة، وهدّدت حياة كثيرين وممتلكاتهم، كما أن المعلومات المتاحة حول (كوفيد-19) لا تزال قليلة وغير واضحة بشكل كبير.

وقال إسماعيل لـ"النهار": "إن الإنسان كلما انخفض وعيه ومستواه العلمي والثقافي، كانت استجابته وتعامله مع أزمة مثل فيروس كورونا بطريقة غير صحيحة وبشكل سيئ، وبخاصةٍ أن المعلومات المتاحة حوله غير كافية".

وتابع: "قلق الشباب وشعورهم أن الموت أصبح قريباً، يكون له خطر كبير عند إصابتهم ويكوّن لدى بعضهم شعوراً بعدم تحمّل الأزمة والرغبة في التخلص من حياتهم، ويكون هذا السلوك اندفاعياً نتيجة الشعور بالقلق والضغط".

وأكّد إسماعيل العلاقة بين الاكتئاب وكورونا، قائلاً: "غالباً ما يكون الاكتئاب مصاحباً للأمراض المميتة، ويُدخل كثيرين في حالات اكتئاب شديد تُكوّن لدى بعضهم أفكاراً انتحارية، يصحبها تخطيط وتنفيذ".

وأضاف: "غياب البُعد الديني والروحاني عن الإنسان من العوامل المؤثرة على الوقاية من فيروس كورونا والعلاج منه، وتحمل تبعاته الاقتصادية والنفسية، وبالتالي عدم التفكير والإقبال على الانتحار".

كما أشار إسماعيل إلى دور الأسرة والمجتمع في حماية المصابين بفيروس كورونا المستجد من أنفسهم، قائلاً: "دعم الأسرة والمجتمع للمصاب بفيروس كورونا له أثر كبير عليه ويعطيه الأمل في تخطي تلك الأزمة، أما في حالة رفض المجتمع والأصدقاء للمصاب وتجنبهم التعامل معه، يقلل من تمسكه بحياته ويعطيه إحساساً بأنه غير مرغوب به وعار عليهم، وهو ما يدفعه إلى الانتحار".

وأكّد أستاذ الطب النفسي أن من يتعاطون المخدرات من الشباب أكثر عرضة للانتحار، وأعراض الانسحاب من الإدمان والشعور بالغضب والعصبية تؤثر عليهم في مواجهة كورونا، وتجعل الانتحار فكرة مستساغة لبعضهم.

وأضاف: "لا بدّ من مراجعة التاريخ الانتحاري الشخصي والعائلي للمصاب بفيروس كورونا".

وأشار إسماعيل إلى أنه لا بدّ من زيادة الوعي والدعم النفسي لمصابي فيروس كورونا المستجد، والتعامل الجيد معهم سواء كانوا في العزل الصحي بالمستشفيات، أو في عزل منزلي.

وفي السياق نفسه، قال د.عمرو سليمان استشاري الطب النفسي، وعضو الجمعية العالمية للطب النفسي، إن هناك ملحوظة مهمة هي أن الحوادث المتفرقة التي حدثت، لا يمكن تعميمها كظاهرة، بل هي أزمة عالمية نعيشها، وكثيرون لديهم حالة من فقدان الأمل واليأس وعدم استبصار المستقبل، نتيجة الرعب الذي يعيشه بلدان العالم على إثر تفشّي فيروس كورونا المستجد.

وأضاف سليمان لـ"النهار": "متابعة كثيرين للتجارب المتتالية التي تجريها الشركات العالمية لإنتاج لقاح للعلاج من (كوفيد-19)، تثير حالة من الخوف، واليأس في مواصلة الحياة بصورتها الطبيعية".

وتابع: "هذه الأشياء تحتاج إلى تدقيق علمي، وإعطاء الأمل للناس الذين وجدوا أنفسهم في دوامة أزمة كورونا والخوف من الموت بهذا الفيروس اللعين، فيجب أن يتصدّر العلماء المشهد".

وأشار إلى أنه من الطبيعي مواجهة الأشخاص الذين يعانون هذا الخوف في كثير من المجتمعات وليس المجتمع المصري فقط، كما يجب رصد هذه الحالات نظراً لانعدام الأمل بالنسبة لهؤلاء الأشخاص.

وأضاف سليمان: "الحكومات لا تعرف متى تسير العجلة الاقتصادية للبلدان، وهو ما يُعد أمراً قاسياً على الأفراد، والعقل البشري لا يجيد التصرف مع هذا الظرف، ولا يستطيع التحرك نحو الأمام، والتحكم في الضغط العصبي بشكل مناسب، ولكن البشرية تعرضت في الماضي لظروف ومواقف كثيرة مشابهة لجائحة كورونا، أعطت لنا مناعة قوية في مواجهة مثل هذه الظروف".

"جهاز الإنسان المناعي يخزّن ما يمر به من فيروس كورونا، والإنفلونزا الإسبانية نصاب بها في الصيف والشتاء حتى الآن، وحينما ظهرت في العقد الثاني من القرن العشرين لم تكن ضمن أرشيف الجهاز المناعي للإنسان، وبالتجربة التي مرّت بها البشرية ومع الأجيال المتعاقبة أصبحت لدى الإنسان خلفية حول هذا الفيروس، وأصبحت مناعته قادرة على مواجهته على الرغم من أنه لم يتم اكتشاف علاج له حتى يومنا هذا".

وأكّد سليمان أن من أقدموا على الانتحار لم يدركوا أن هذه الأزمة ستمر مع الوقت، ودور العلماء ضروري لإعطاء الأمل للناس في ظل هذه الأزمة التي ستمر بكل آلامها وسنجد انفراجة قريبة لهذه الجائحة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم