الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

طرابلس أمام مرحلة قاتمة: التخريب المتداخل بالثورة والصراعات والتوظيف السياسي

جودي الأسمر
A+ A-

بات واضحًا أنّ طريق العنف الذي تسلكه طرابلس، هو إعلان لمرحلة قاتمة تعيد تموضع المدينة كمستقر لملعب أمني تتقاطع فيه الرسائل. لكن اليوم، تتكثف ضبابية هذه الرسائل، انطلاقًا من مصير المرتكبين وهويتهم، وهم مسؤولون عن سقوط 138 جريحا بين مدني وعسكري، إثر اشتباكات مع الجيش في ساحة عبد الحميد كرامي والتبانة، إضافة لتداخل أعمال التخريب بين استهداف المصارف الذي يعنون "ثورة الجوع"، وأخرى مشبوهة تطاول أبواب رزق يديرها مواطنون أبرياء، الأمر الذي استثار في الرأي العام فرضية اللجوء الى "الأمن الذاتي" في طرابلس، لا سيما بعد إضرام النار بمخفر التل مرات، بدون الاقتصاص جديا ممن يعتدون على أمن الدولة الذي يمثله معنويا وعمليا، هذا المخفر.

ريفي: سنكسر يد الدويلة

حول هوية المتورطين، اللواء أشرف ريفي ينفي لـ"النهار" مشاركته في أحداث طرابلس، قائلًا: "لا أقف وراء أي تخريب ميداني في طرابلس، وأنكر كل ما يقال عن ارتباطي بجهة عربية أو إقليمية تغذّي هذا التخريب. ومشاركتي في أيّ فعل عادة ما تكون واضحة ومعلنة وهذا شرف لا أدّعيه."

ريفي الذي جال أمس في طرابلس ليتفقد ويدعم المطاعم المتضررة، يضيف: "أنا داعم لثورة تشرين منذ يومها الأول وأولادي مشاركون في الثورة. إلا أنّ هذا العنف ليست أفعال ثورة واللعبة باتت مكشوفة".

ويتّهم اللواء ريفي تابعين لميليشيات "سرايا المقاومة" بوقوفهم وراء هذا التخريب، يقول: "الفاعل مجهول- معلوم. فمنذ أربعة شهور نبّهت من تفشّي ميليشيات تابعة لسرايا المقاومة في المناطق. منطقة الشمال وطرابلس تحديدا هي خزان سيادي بامتياز، وقد حاولت اليد الايرانية ضرب الدولة منذ أحداث 7 أيار 2008، فتصدينا لها وسيطرنا عليها في عكار والمنية والضنية، وبنسبة كبيرة في طرابلس، وسنكسر هذه اليد مجددًا اليوم".

و يضيف ريفي "لن نسمح بتشويه ثورة تشرين عبر ضرب أمن طرابلس. سنحمي الثورة ونحمي المدينة ونحن رهاننا على الدولة لذلك أطالب الجيش بالضرب بيد من حديد لمقاصصة المرتكبين وحفظ أمن طرابلس".

علوش: رفض الدولة

يفيد القيادي في تيار المستقبل، الدكتور مصطفى علوش، بقراءة إجتماعية-سياسية يعزو اليها انفجار الوضع في طرابلس، موضحًا لـ"النهار": "منذ سنوات طويلة، أقنعتنا طرابلس بأنها المدينة الأفقر على المتوسط، لأسباب موضوعية وذاتية. وسواء قبل انتفاضة تشرين التي فجرتها هذه الأسباب، أو من خلالها، الناس في طرابلس رافضون للدولة لأنها لم تفِ بمسؤوليتها تجاههم. فدور الدولة ينقسم الى شقّ اقتصادي وخدماتي وشقّ آخر أمني. وافتعال العنف الأخير وعبثيته هو مؤشر على تبني التطرف في رفض الدولة التي خذلت طرابلس".

ويضيف "أعتبر أن غياب القيادة السياسية فاقم هذا الغضب. سواء لجهة تسويات الرئيس الحريري، أو استقالة القيادة المحلية وتحديدًا الرئيس نجيب ميقاتي عن اتخاذ خطوات ومواقف سياسية منصفة لأهل مدينته".

وعن المتورطين، يقول علوش "هي وجوه سافرة وأسماء بأكثريتها سافرة". ويشير الى مسؤولية السلطة وأجهزتها، قائلا "السلطة السياسية التي تكيل بمكيالين في محاسبة العابثين بالأمن، هي المسؤولة عن تفشي الفوضى في طرابلس. لذلك أناشد مخابرات الجيش والمعلومات بمحاسبة هذه الشراذم التخريبية التي تمشي في الشوارع وتركب الموتوسيكلات، واعتدائها على مخفر التل بدون محاسبة سيقضي على ثقة أهالي طرابلس بقدرة ورغبة الدولة في رعاية أمنهم".

لجان شعبية ضد التخريب

وتوجه فريق الهيئة العليا للاغاثة بعد ظهر أمس لمسح الأضرار الواقعة، إلا أن الحصيلة الأولية تلخصت بتكسير سبعة محلات، هي: برغر كينغ، بيستاشيو تشكين، مقهى اليمني، أفران لبنان الأخضر، مطعم أبو صبحي، ومحلات لعلع للعسل، إضافة الى محاولة تكسير مقهى "سارة وكريم".

ويقول ل"النهار"، مسؤول مجموعة حراس المدينة الناشطين في ثورة تشرين، أبو محمود شوك، أن هذه الأحداث هي "رسالة من السلطة الفاسدة لتشويه ثورة 17 تشرين وطرابلس بالاخص. كان لطرابلس لقب "عروس الثورة"، وأتوقع أنّ الوقت آن لتدفع ثمن ثورتها ولقبها وهم يريدون تحويلها الى زمرة من البلطجية. ولا علاقة لثوار 17 تشرين أو المتواجدين في ساحة تشرين إطلاقا بالأعمال التخريبية. هذا التشويه الممنهج سنتصدى له ونقوم حاليا بتفعيل لجان شعبية ومدنية للمحافظة على أمن طرابلس وأرزاق وأملاك الناس".

وإزاء هذه المشهدية الغوغائية في العنف والضرر بالأجساد والأرزاق، انفجرت مواقع التواصل الاجتماعي بغضب كبير عبّر عنه أهالي طرابلس، ووقف أهالٍ في ساحة عبد الحميد كرامي يوم السبت في اعتصام اتخذ شعار "طرابلس مدينة للسلام"، تزامنت مع مصالحة حفّزتها فاعليات ووجهاء التبانة بين أهالي المنطقة والجيش اللبناني.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم