الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"كتاب العتب" لملحم الرياشي: لا حدود للأفق

المصدر: "النهار"
يوسف طراد
"كتاب العتب" لملحم الرياشي: لا حدود للأفق
"كتاب العتب" لملحم الرياشي: لا حدود للأفق
A+ A-

لم يضع ملحم الرياشي حدودًا للأفق، بل عشق الحبّ والمحبة. فالتقط شروق الشمس ذبذبات، بواسطة رادار فكره الواسع، وطبعها خواطر في "كتاب العتب" الذي احتّل الرابع بالترتيب ضمن مجلّد ضمّ ستة كتب، صدر عن "دار سائر المشرق" للنشر بطبعته الأولى العام ألفين وسبعة عشر.

عتبة الكتاب "مش زعلان منَّك عتبان عليك!"، اختصرت اهداءً وتقديمًا ومقدمة، ليلج حبره السطور منعتقًا من الدواة، سارحًا في ربوع فكر المتلقي. كتب حول الرحيل بخيوط أمل البقاء. وحول المنزل بخيوط شعاع المغارة عندما تعانقت "مع الفوق!". جعل القارئ يندفع إلى العمل بدافع حبّ الأرض التي "تحرثها وتزرعها وتأكل من خيراتها". يحزن لحزن "لم يولد لجميع الناس" لأنه حكْر على "المتصارعين مع الآلهة". يجول في شوارع الخواطر مع الفقراء، خوفًا على رحيل الأحبة من فرح المنازل. يرهب من "وهم القوة". وتنهمر دموعًا تخطّ اثلامًا في خدّيه على "شباب راحل من دون خطيئة... وعن سابق خطأ". يحب الحبّ كخيول بيضاء أثارت عاصفة غبار أحمر ليس لها استقرار. يكتشف ألم الثري من المال وفرحه من "عوز الفقراء إليه". يعلل مرضًا في "صحّة بدنية مزيّفة". يحب المرأة الصبية، الزوجة، العاملة، الفاضلة، الفاتنة والأم التي هي أفضل النساء. لأنه عند اجتماع هذه الصفات "تكثر السيدات". يحلم بالزّبد الأبيض النقي من موجة "أحنت رأسها إلى أسفل" لكن هذا الزّبد اشرأب زاهيًا من عناقها مع صخور تنتظر الصخب. يصادق الخوف لخوض البحار، منطلقًا إلى الحرية فرحًا. يبكي فلسطين "مذ أُخذ قرار بأرضٍ". يعانق الوطن في فسحة "المطارح المبعثّرة من عشب وبيت وقرميد وحيط" كي ينتشله من الموت الأحمر.

كاتب لم "يمتطِ العفّة لشهوةٍ أكبر" ذاهبًا إلى حقيقتها دون دعوة، جاعلًا السحر يهيمن على قلوب طيّبة دون خداع. فحَقَدَ القارئ حقد الصالحين على إعلان جعل الواقع كذبة كبيرة، من خلال بوح السرد، كالأشجار ضاربة الجذور "لأن أصولها أقوى من الحاضر اللعين". ثم شبّه السلطة بمرض الأصحاء "لأنها كذبة لا تصدق". جعل كل من يعترف أن "الشرف أرفع من مذّلة الشهوات" يرى الخلاص بدل ملح سدوم. اختصر الفلسفة في وجدانه، عندما وجد الحكمة خاضعة لحروف الحبّ، بعد غوصه في لاهوت البُشرى. لهذا تقمّص القارئ رسالة ليتفوق "على درج من بشر" عند إيمانه بأن السيد "تجسّد في المشرق، وأنزل على أساطير الحضارات حقيقة".

من يقرأ يتعلم لغّة العيون راميًا "مياه الدقائق واللحظات" ملتقطًا "أنفاس الهنيهات". من يقرأ تنفجر في وجهه معاناة الدول الصغيرة لأنه "يأتيها حاكم عاهر بثوب عاقل". من يقرأ يجد حلم المظلومين بالحرية عولمة تكنولوجيا، يمتشقونها هاربين بها إلى الأمام من فقرهم "فليكن ذلّ ولتكن...راحة!". عند الوصول إلى العتب الفائض لوعةً "قبل القول وقبل الموت وقبل العتب"، انفتحت العيون على "حرب وضرب" وأصغت الآذان "على دمار" قبل أن تسمع العتاب.

ذات يوم من أيام الحجْر، كانت الطريق معبّدة، يسير عليها بوح العتب حتى أعتاب البحر، مبتعدًا عن ديكتاتورية سلطة العشق، عاصفًا في الرغبات الطائشة صوابًا، ناثرًا قمح الكلمات الجميلة على بساط الأماني القادمة، جامعًا المحاصيل الوافرة على بيادر الفكر.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم