الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الشعار الأمني عنواناً لمرحلة الانتخابات الرئاسية؟

روزانا بو منصف
A+ A-

ينقل زوار عواصم اجنبية عن مسؤوليها اعتقادهم بان القلق الكبير الذي يساورهم في شأن لبنان يتمحور على مسائل امنية في الدرجة الاولى تبعا لتدخل افرقاء لبنانيين في سوريا وما استدرج ذلك من ردود فعل امنية كما يتمحور على مسألتي الارهاب وضرورة مساعدة لبنان والجيش اللبناني في ما قد يواجهه على هذا الصعيد الى جانب موضوع تدفق اللاجئين السوريين الى لبنان. ومع ان لبنان يواجه صعوبات اقتصادية هائلة وثمة حاجة كبيرة لديه لاستنهاض اقتصاده ومساعدته على استرجاع الاستثمارات التي خسرها، فان هذا الامر يبدو متأخرا عن الملف الامني وضرورته بأشواط اقله في المدى المنظور. وتبعا لذلك فان التركيز على هذه الاولويات في النظرة الى لبنان تزكي انطباعات بان المرحلة الامنية قد تفرض عناوين او خيارات امنية لا سياسية يعتقد انه يجب اخذها في الاعتبار في الانتخابات الرئاسية المرتقبة، وهو ما بدأ الترويج له في بعض الاوساط على رغم ان زوار هذه العواصم ينقلون عدم دعمها من حيث المبدأ لمرشحين معينين كما عدم وضعها فيتو على غالبية المرشحين.


وهو أمر لا يبدو متمتعا بصدقية كبيرة لدى الاوساط السياسية اللبنانية. اذ ما ينقل يفيد عملانيا، وفي حال التمسك بمنطق اولوية الخيار الامني على ما عداه بالنسبة الى من يناسبهم، بتضييق الخيارات ان لم يكن حصرها في مرشحين معينين تماما كما كان يحصل ابان الوصاية السورية من ترجيح للخيارات الامنية من اجل تبرير خيارات معينة. وهذه الخيارات الضيقة قد يرد في طليعتها قائد الجيش الذي وعلى رغم كونه موظفا من الفئة الاولى بحيث يحتاج الى تعديل دستوري وفقا للمادة 49 من الدستور وهو تعديل لن يحصل في احسن الاحوال لاعتبارات عدة، الا ان لدى هذه العواصم استشارات قانونية لبنانية تفيد بعدم حاجة قائد الجيش الى تعديل دستوري ما دامت خدمته في قيادة الجيش ممددا لها ولم يعد يشغل خدمة اصلية بغض النظر عن امكان الدفع في اتجاه تزكية قائد الجيش ام لا نظرا الى ان المجال علما ان هذا المنطق قد يجد من يتصدى له قانونيا ايضا في القول ان قائد الجيش كما حاكم مصرف لبنان يحتاج كل منهما الى تعديل دستوري شأنهما شأن احتمال التمديد في حال تم التوافق عليه ايضا. لكن وعلى رغم العناوين يقول اصحاب هذه المعلومات ان الامر مفتوح امام توافق المسيحيين او تنافسهم وما يمكن ان ينجم عن ذلك. اذ وفي ظل اختلاف جوهري لا يزال يعبر عنه الاقطاب الموارنة في مواقفهم بحيث يبدو اي تقارب في ما بينهم مستحيلا او شبه مستحيل في الوقت الذي يسعى كل من المرشحين الرئيسيين الى الانفتاح على الطوائف الاخرى في سعي الى تعزيز حظوظهم فانهم ينأون بانفسهم عن الانفتاح على بعضهم البعض تعزيزا لمواقعهم او تعزيزا لحظوظ احدهم مما قد يترك المجال للآخرين من اجل ترجيح كفة اي مرشح قد يكون يرغب فيه هؤلاء الافرقاء. ففي ظل حرص الدكتور سمير جعجع ورغبته على ابداء مرونة ولو مشروطة ازاء "حزب الله" في مقابل مرونة متزايدة لدى العماد ميشال عون مثلا ازاء تيار المستقبل وباعتبارهما المرشحين الاساسيين اللذين يحاولان السيطرة على اي ترشيح آخر داخل قوى 8 او 14 آذار، فان الاعتراض المسيحي على هذا او ذاك مضافا الى اعتراضات محتملة من الطوائف الاخرى قد يوفر اللجوء الى خيارات من خارج الاصطفاف السياسي الحاصل.
الا ان ما تخشى منه مصادر سياسية ان يكون عنوان المرحلة الامني هو عنوان مسبق لرئاسة معينة على رغم ان انتخاب قائد الجيش او سواه ممن يمكن تصنيفهم في خانة من يملكون القدرة على القيادة الامنية امر قد لا يؤدي الهدف منه في نهاية الامر. اذ ان انتخاب اي من هؤلاء المرشحين لموقع الرئاسة الاولى من شأنه ان يحول القيادة الامنية حتما مع اي رئيس جديد الى قائد جديد اصيل للجيش من جهة ستكون الحاجة ملحة اليه قريبا، كما ان القرارات الاساسية في لبنان باتت من صلاحية مجلس الوزراء بحيث ان الهامش المتاح امام الرئيس العتيد لا يبدو بالمقدار الذي يتم التذرع به من اجل تبرير انتخاب مرشحين معينين. هذا على الاقل ما تعتقده المصادر السياسية التي تبدو حذرة ازاء ما يمكن ان تحمله مهلة الشهرين المقبلين الفاصلة عن انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان وحتمية انتخاب رئيس جديد. اذ ان هذا الحذر سبق ان عبر عنه نواب في مداخلاتهم في اثناء جلسة مناقشة البيان الوزاري للحكومة واعطائها الثقة من ان يكون ثمة مصلحة في تظهير العامل الامني لدى جهات معينة وابرازه على غيره من العوامل المهمة التي تتفاعل على الساحة الداخلية من اجل دفع الانتخابات الرئاسية في اتجاهات معينة او ان لا يتم اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها مما يفتح الباب على مخاوف او تطورات امنية يعتقد انها ستعزز او قد تعزز من خيارات معينة او قد تكون من اجل ذلك عن عمد. وقد عدت هذه المصادر تأليف رئيس مجلس النواب نبيه بري لجنة من اجل ان تجول على القيادات تحضيرا للرئاسة تضييعا للوقت وايهاما بلبننة كاملة للاستحقاق في الوقت الذي توحي المماطلة بانتظار "كلمة سر" ما تفرج عن الانتخابات وعن ترجيح اسم الرئيس المحتمل.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم