الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مصائب الخطاب الدينيّ الإيديولوجيّ

الأب صلاح أبوجوده اليسوعي
Bookmark
مصائب الخطاب الدينيّ الإيديولوجيّ
مصائب الخطاب الدينيّ الإيديولوجيّ
A+ A-
"السياسة هي حبّ الوطن، وليس أيّ أمرٍ آخر " (دوستويفسكي)عندما تسود غريزةُ البقاء المواطنَ بسبب تسارع انهيار اقتصاد بلاده، وتراجع قيمة عملتها، وازدياد مخاطر الأزمات الغذائيّة فيها، يصبح همّه الوحيد تأمين موارد رزقه وحسب؛ فيُقصي عن ذهنه كلّ تفكير في مسائل تخصّ مجتمعه أو الوطن. لم يكن غريبًا، بالتالي، أن يرى بعضهم في كلام المفتي الجعفريّ الممتاز الشيخ أحمد قبلان مؤخّرًا، نكأً للجراح في غير وقته. ولكن بالرغم من هذا الموقف المبرَّر إنسانيًّا، وبصرف النظر عن صواب أو خطأ ردود الفعل الساخطة والشاجبة مضمون كلام المفتي قبلان، وصواب أو خطأ التحليلات التي رأت فيه مناورةً سياسيّة أو صرخة عفويّة تُعبّر عن ألم الناس، تبقى أهميّته في أنّه يشير إلى ضرورة مواجهة أسباب الكارثة التي تعيشها البلاد، وعدم الاكتفاء بالسعي لمعالجة نتائجها. وعلى سبيل المثال، هل تكفي ملاحقة مَن نهبوا الدولة، ومَن يتاجرون عن طريق المعابر غير الشرعيّة، ومفاوضة صندوق النقد الدوليّ للحصول على قروض؟ أم يجب أن نسأل أيضًا لماذا وصلت البلاد إلى هذه الحال؟ إنّ دولتنا ضعيفة منذ تأسيسها، وضعفها أنتج ويُنتج وسيُنتج أزمات حياتيّة واقتصاديّة وسياسيّة شديدة التعقيد. ألا يجب إذًا أن نواجه الأسباب نفسها التي أدّت إلى هذا الضعف المزمن؟بالطبع، ليس هذا السؤال بالجديد، بل طُرح طوال تاريخ لبنان المعاصر، وبوجه خاصّ في زمن الأزمات. غير أنّ اللافت، في هذا السياق، أنّ المعالجات كلّها تركّزت على نتائج الأزمات، ولم تتطرّق إلى أسبابها العميقة. لذا، تتّخذ الحلول شكل تفاهمات ميثاقيّة، وهي لا تعدو كونها حصيلة تقنيّات لحلّ النزاعات، من خلال تدوير الزوايا، وصولاً إلى تفاهم يُرضي الجميع أو، على الأقلّ، الأفرقاء الأقوى على الساحتَين السياسيّة والطائفيّة. وعندما تُثير مرجعيّات تلك الأفرقاء الكلام على ضرورة التوصّل إلى عقد وطنيّ جديد، أو إقامة مؤتمرّ تأسيسيّ، أو إلغاء الطائفيّة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم