السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

سهم الوقت

موسى جابر
سهم الوقت
سهم الوقت
A+ A-

سهم الوقت الذي يسير بثبات للأمام بغض النظر عن حزنك أو فرحك، لا يأبه لتدخل الآلهة أو دعاء الأمهات.

وتبعاً للقانون الثاني في التيرموديناميكا، فإنّ العبثية تزداد مع تقدّم سهم الوقت، لذلك فقد ترى كوباً يسقط عن الطاولة وينكسر ويتناثر، لكنك لن ترى كوباً منكسراً يجمع نفسه ويقفز عائداً إلى الطاولة. فالسير عكس سهم الوقت غير منطقي ويولد كماً مضاعفاً من العبثية.

ولكن كيف يسير سهم الوقت في المذاهب الروحية؟ وما أثر وجهة سهم الوقت في هذه المذاهب على التفاعلات الاجتماعية؟

سنكتفي بعرضٍ موجز لمفهوم سهم الوقت عند الديانات الإبرهيمية بموضوع الحياة بعد الموت وموضوع علاقة الأولاد بالأهل.

في موضوع الحياة بعد الموت، تقوم هذه الديانات بعكس سهم الوقت، فتنطلق من الحياة العبثية حيثما يسود الصراع بين الخير والشر والشهوة والفضيلة وصولاً إلى الموت، ثم يوم الحساب ومن بعده حياة أبدية منظمة، إن في الجنة أو في النار. هذا النظام المتزايد في حياة البشر المعزولة، يؤشر حسب رؤية الديانات الإبرهيمية لعكس سهم الوقت، والحركة عكس سهم الوقت تؤدي لفوضى عارمة وغير ممنهجة ولا منطقية.

وإنّ فترة عصور الظلام في أوروبا، كما والارهاب المتصاعد في منطقتنا، هي من بعض الإفرازات المباشرة لتوظيف انعكاس سهم الوقت في فكرة الحياة والموت.

أما في ما يخص علاقة الأولاد بأهلهم، فإنّ الديانات الإبرهيمية تجعل من طاعة الأهل واستيعابهم فرضاً دينياً يوازي طاعة الله، كتقديس الأسرة والرعية أو إنّ رضا الله من رضا الوالدين.

هنا أيضاً يوجد عكس لسهم الوقت، فالطبيعي أن تكون التوصية منصبّة حول كيفية التربية والتنشئة ومدى حساسية فعلي "الإنجاب" و"التربية" ووجوب تقديس الطفل وليس الأهل، لأن السير عكس سهم الوقت في موضوع تربية الأطفال يورّث المشاكل النفسية والشعور المتمادي بالذنب للأطفال. ذلك أنّ الاولاد أصلاً هم من يضفون صفتي الأمومة والأبوة على الأهل.

جهل الأهل بالتربية مسؤولية والطاعة ليست مطلوبة من الأهل اتجاه أولادهم، بل المطلوب هو الوعي التربوي وفهم المسار الطبيعي لسهم الوقت وغائية الإنجاب، والإدراك أنّهم بالإنجاب والتربية يسعون لإخراج أفضل صيغة من الأنا النفسيّة الناتجة عن تفاعل الأطفال بمحيطهم ومزجها بالأنا الطبيعية، تلك الأنا الصافية السعيدة التي تستحق أفضل أشكال الحياة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم