أوراق تريز عواد التائهة... ثلاثة أشعار تنشر للمرة الأولى

لعلّ أحد أهم شروط النجاح هو ترك أثر خالد يضمن أن أحداً لم يملأ مكاننا بعدنا. فعلتها تريز عواد. اتّخذت لنفسها من أدبها وشعرها منزلةً رفيعة بين رواد الشعر الحر والمسرح العربي، وأحكمت إغلاقها، ثم غادرت. أخذت المفتاح معها إلى ما وراء الأفق، حيث يليق بمرهفي الحس وصادقيه التربّع. رحلت وخلّفت وراءها أفكاراً غصّت بها الكتب، فجعلت منها رمزاً للشعر العربي- الفرنسي- اللبناني، ومنها ما لم ينشر مسبقاً في دواوين أو مسرحيات فبقي يتيماً، بارداً، ينتظر أن يلحق بأمّه. وفي الآتي، ثلاثة أشعار تنشر للمرة الأولى، وضعتها عواد بين عامي 2018 و2019، وهي: "المرأة الموسمية"، "أصوم عنكَ" و"في الفجر".

الشعر الأول:

المرأة الموسمية

(راشانا في 13 تشرين الأول 2018)

أنا المرأة الموسمية

أسقي المسكونة بدمع العيون

أتجوّل في جلالي الكروم

أحتسي رحيق الحب في القلوب

فشرّعوا الأبواب بوجهي.

في الفجر كلمتي نورٌ من نور

أرقامي كواكب الأكوان

وصِفري ثروة الفقراء

فشرّعوا الأبواب بوجهي يا نيام

الشعر الثاني:

أصومُ عنكَ

(راشانا في 3 آذار 2019)

أصومُ عنكَ في زمن الأشواق اللّاهبة

وأتوق إليكَ عميقاً في الأعمار الهاربة

جلدي يشفُّ على جسمي برشاناً نيّراً

وعيني تدمع على يدي وعلى حروف الفِراق

أتسلّق شجرة الحب صيف شتاء

وأشرد في براري الغربة مهما كان المكان

فهاتِ كلمةً بلسماً شمساً في الأحشاء

وضمّد جروحاً مديدة العمق في عمر البركان

الشعر الثالث:

في الفجر

قدِم إليّ متسربلاً بأرجوان الفجر

بين طيّاته جرحُ الأزل

فارتشَف القهوة بين كفّيه

وسمّر لي قلبه على الجدران

ريشه يفرش دماً الطرقات

فتهتُ أبحث عنه طويلاً كالأعمار

ولم ألقى جناحاً يخفق ولا خيال

فتسلّقتُ شجرتي فجراً وما زلت في الهواء

سيخلّد الأدب المسرحي والشعري تريز عواد بصبوص، المربية والصحافية والأديبة والشاعرة، ابنة بحرصاف، التي اضطلعت بالصحافة الأدبية والثقافية في الإذاعة والتلفزيون الفرنسي بين العام 1958 والعام 1963. كما حررت في مجلة "الحوار"، و"مواقف"، و"النهار الثقافي"، و"باريس"، ومجلة" الكلمة" العراقية، ودرست في معهد الفنون الجميلة سنة 1968 وفي كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية.