الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

جدار الأمنيات والصراعات الغبيّة!

المصدر: النهار
د. عصام عطالله
جدار الأمنيات والصراعات الغبيّة!
جدار الأمنيات والصراعات الغبيّة!
A+ A-

تتسارع الأحداث ويتفاقم حجم المواقف المسؤولة أحياناً وغير المسؤولة أحياناً أخرى، بحسب من يطلقها ومن يمثّل. وعند بناء الأوطان أو الحفاظ على الكيان، هل يجوز للبعض استعمال أفكار تُفرض على الآخرين لا تتماشى مع الدستور الذي بُني على ميثاقية جعلت لبنان منارة في هذا الشرق لعقود؟

هل يستطيع الحالمون فرض عقائد لا تتلاقى مع الغالبية من اللبنانيين؟ قد يلتقي العديد من الأفراد مع بعضهم البعض حول مواضيع مختلفة ومتنوعة، منها المفيد ومنها مضيعة للوقت، كل بحسب حاجاته وتطلعاته لملء فراغ ما على صعيد الزمن أو على صعيد الروح.

وفي الواقع اللبناني، ومهما كان الموضوع، يجد البعض من هؤلاء أنفسهم ينجرفون نحو الحديث عن السياسيين والسياسة، وهذه الأخيرة أصبحت تجري في دماء المواطنين لدرجة أنها أصبحت فئة دم فلان وعلتان حسب التيار الذي ينتمي إليه أو يقدّره أو يفضله على غيره من الأحزاب والتيارات الموجودة في البلاد ... وما أكثرها، رغم عدم فائدتها لتاريخه، لدرجةٍ تنسحب تطلعات الأفراد وما ينتمون إليه، إلى بلاد الأحلام، ولكي نبقى واقعيين، إلى رغبات وتمنيات!

تمنيات وأمنيات تبدأ بفكرة وخيال، هكذا تتحقق الأحلام، لا بل هكذا نبني المستقبل، هذا عندما تتحوّل الامنيات والاحلام إلى مشاريع يبدأ تنفيذها على أرض الواقع فتصبح حقيقية، بينما في الواقع اللبناني فالعكس صحيح، حيث الواقع يصطدم بجدار الأمنيات ولا يجد له منفذاً سوى بالعودة إلى الصراعات التافهة والغبية التي تقتل الزمن بدل أن تبني من خلال حقائق لأحلام وتطلعات يرغب بها كل مواطن ينتمي إلى وطن.

إلى جانب الزمن، يصطدم الواقع بجدار الامنيات، حيث تصبح هذه الاخيرة، مرتبطة بمكان ليس هو المكان الذي عليه تبنى الاوطان، بل تكون لاحقة ومتلازمة مع أمكنة أخرى، قريبة كانت أم بعيدة، وفي ذلك حالة من حالات الضياع حيث يضاف إلى ضياع الوقت ضياع البوصلة لا بل المكان، فتموت الاحلام والتمنيات لعدم جواز تطابقها مع المكان الصحيح لقيامها.

والرابط بين الزمان والمكان هو كيفية معالجة واقع التمنيات خصوصاً عندما يصبح الوطن وفكرة الوطن، ورسالة الوطن، وهوية الوطن، مجرد تمنيات تصطدم في مكانها وزمانها مع أفكار سياسية وأهداف حزبية وأهواء فردية، تريد للكيان أن يذوب في إيديولوجياتها الصغيرة على حساب الأهداف الكبرى لنشوء الوطن والكيان، وتصبح هذه التيارات "الأفكار" بالنسبة لبعض الأفراد والجماعات، الوسيلة لتحقيق المبادئ الأساسية لبناء وطن ما، وخصوصاً في الحالة اللبنانية التي يعمل البعض لتأمين حاجات الأحزاب، ولو على حساب الوطن، حتى لو أدى ذلك إلى ذوبان لبنان، لبنان الهوية والعيش المشترك، لبنان الرسالة.

أما الحقيقة فهي ثابتة، والأمنيات وإن تظهرت ببداية خيالية، لكنها لا تُبنى فقط على الخيال، فكل إنسان يعمل لتحقيقها وبالتالي يستوحي واقعه من خلال حياته وخبراته وتطلعاته نحو المستقبل وما يريد أن يحققه لنفسه او لأحبائه من خلال تلك التمنيات. وفي الوقائع اللبنانية،ما زال المواطن أسير تمنيات أحزاب لم تستطع من تحقيق الرؤية التي وعدت بها من ينتمون إليها أو من ينتمون إلى الوطن، الكيان الأسمى، لا بل عملوا على تهميش التمنيات، وبدل العمل على تحقيق رؤيا شاملة ونوعية، تعمل الأحزاب والتيارات لتثبيت الواقع وتهميش الأحلام!





الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم