الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لبنان بين الفدرالية واللامركزية

المصدر: النهار
شادي نشابة
لبنان بين الفدرالية واللامركزية
لبنان بين الفدرالية واللامركزية
A+ A-

بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية أوصى اتفاق الطائف باللامركزية الإدارية عام 1989. مر 31 عاماً على هذه التوصية، ولكن الطبقة السياسية كانت تتهرب مراراً وتكراراً من إقرار قانون اللامركزية في لبنان.

لأن وسيلة تقسيم النفوذ والموارد في القانون اللاحصري كانت مريحة للطبقة الحاكمة، حيث بعد إتفاق الطائف الوزير هو رئيس جمهورية وزارته وبالتالي من يأخذ هذه الوزارة أو تلك الوزارة يحصل على النفوذ في هذا المجال أو ذاك المجال.

ولكن كل نظام مبني على المحاصصة من دون محاسبة ومساءلة، وعلى الاقتصاد الريعي وليس الإنتاجي، سيأتي يوم وينهار. فعلامات الإنهيار بدأت منذ سنوات ولذلك كانت تراهن الطبقة السياسية على مؤتمر سيدر لتمدد فترة إحياء السلطة.

أحد الأركان الأساسية التي أبقت لبنان واقفاً على رجليه هو الدعم الخارجي والمال السياسي، ولكن مع تغيرات الواقع في المنطقة وتغير الأولويات وإنهيار الإتفاقات والصراع الإقليمي والدولي أدى إلى شبه توقف الدعم الخارجي.

وهذا التوقف عن الدعم فضح واقعنا، لأنه أدى إلى انكماش اقتصادي وأصبحت الدولة مضطرة إلى وضع سياسات ضرائبية لكي تمنع الإنهيار، إضافة إلى ذلك فضح نهب مدخرات الدولة.

السلطة تحاول إبقاء مركزية القرار من خلال استعمال غرف الإنعاش كوسيلة صندوق النقد و"سيدر" حيث تطبيق بعض الإصلاحات يبقي نفوذها أكثر من تطبيق لامركزية القرار. لأنها كالعادة ستكون مسيطرة بطريقة غير مباشرة على مواقع القرار.

ولكن مرور الزمن يكبر الفجوة والثقة بين الشعب والنظام المركزي، وحتى الوسائل المطروحة مثل صندوق النقد وسيدر ليست الحل، إنما وسيلة لمنع الانهيار فقط.

وبالتالي بفعل انهيار الثقة بالسلطة المركزية، وتراكم تهميش الأطراف، وشعور بعض الطوائف بالمظلومية، واهتراء النظام السياسي في لبنان الذي لم يعمد على تطويره لمدى سنوات فنحن متجهون إلى نظام لامركزي شئنا أم أبينا والصراع مستقبلاً سيكون حول شكل هذا النظام.

البعض سيحاول تسويق الفيدرالية كطرح بديل، والبعض الآخر يطرح اللامركزية الإدارية، والفرق بين الاثنين بشكل موجز، الفيدرالية هي لا مركزية سياسية وإدارية، تكون مهمة الهيئات المنتخبة فيها أكبر منها في اللامركزية الإدارية، حيث تخطط هذه الهيئات اقتصادياً وأمنياً، ولديها صلاحيات أوسع. وكل ولاية تشارك الحكومة الفدرالية في التخطيط وتبقى السياسة الخارجية بيد السلطات الفدرالية. ومثال على ذلك الولايات المتحدة ونظام الكانتونات في سويسرا.

أما في نظام اللامركزية الإدارية فإن هيئات منتخبة تسمى عادة (البلديات) تشرف على الجوانب الأمنية أحياناً، ولكن يبقى الإشراف المباشر للدولة يغطي الدفاع والأمن والتخطيط الاقتصادي، ومثال على ذلك النظام الفرنسي والتركي.

السلطة في لبنان تحاول إعادة إنتاج نفسها من خلال التحدث عن الدولة المدنية والدولة القوية ونظام لا طائفي وغيرها من الأمور، ولكن لن ينجح ذلك لأنه كما ذكرنا سابقاً، أن الفجوة كبيرة ولا يحيي الدولة المركزية إلا الحكم القوي الذي يحمّل المسؤولية إلى من هم فعلاً نهبوا الوطن وأوصلوه إلى ما نحن عليه، وذلك شبه مستحيل، لأن النظام الطائفي أقوى بكثير من أي شخصية مدنية أو عسكرية ممكن أن تأتي لتنفيذ ذلك.

والسؤال الذي يطرح نفسه، ما شكل النظام السياسي الذي سوف يكون ما بعد الانهيار المالي والاقتصادي؟ هل النموذج في لبنان سيكون بين الفدرالية أو اللامركزية أم شكل جديد خليط ما بين الاثنتين؟


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم