الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أوجدَ البديلَ في هذه الأزمة... من موظّف في مول إلى بائع مونة

المصدر: "النهار"
فرح نصور
أوجدَ البديلَ في هذه الأزمة... من موظّف في مول إلى بائع مونة
أوجدَ البديلَ في هذه الأزمة... من موظّف في مول إلى بائع مونة
A+ A-

"المهم ما إحتاج حدا"، شعار حمله خضر الذي كان يعمل موظفاً في مول معروف في بيروت. أُغلق البلد بسبب كورونا بعد أربعة أيام من طلبه إجازة من العمل. وجد نفسه دون عمل ودون أي مدخول، فاضطرّ إلى البحث عن البديل، ووجده في بيع "المونة". خضر يروي حكايته لموقع "النهار".

يمثّل خضر واحداً من الأشخاص الذين فرضت عليهم الأزمة الاقتصادية ومعها كورونا، إيجاد بدائل لوظائفهم التي اضطروا لتركها، في محاولة لمواجهة صعوبة هذه الحياة. هو أب مسؤول لا يفكر سوى في إعالة أولاده وزوجته وإيجاد "لقمة حلال". ونظراً للأوضاع الراهنة، رأى خضر- الذي لم يرغب في الإفصاح عن اسمه الكامل- أنّ الأزمة ستطول، وهو لا يستطيع المكوث دون عمل: "لديّ عائلة، زوجتي وأربعة أولاد، ويتوجّب عليّ تسديد قرض للبنك، لذا بحثت في ما يمكن أن أقوم به، وفكرت بالعمل بالمأكول وتحديداً المونة".


في بادئ الأمر فكّر بأن ينتج بنفسه المونة ليبيعها. لكن هذه الفكرة كانت ستكلّفه مبلغاً كبيراً لا يستطيع تحمّله. لذا، بحث عن أشخاص ينتجون المونة المنزلية، ليقوم هو بتعليبها وبيعها. لكن لم يكن لدى خضر أي فكرة عن كيفيّة إنجاز هذا العمل. بدأ يسأل المقربين والأصحاب ويبحث كثيراً للحصول على المعلومة التي تنفعه. وبدأ بالتفتيش على مصادر لتموينه، وعثر في نهاية المطاف على شخص "عتيق" في إنتاج المونة الذي زوّده بما يشاء من منتوجات. وللشروع في "مصلحته" الجديدة، ساهم بعض أفراد عائلته بدعمه مالياً. وانطلق برأس مالٍ قيمته مليون ليرة لبنانية، لشراء المواد الأولية من منتوجات جاهزة للتعليب (مربى، كبيس...)، وأوعية التعليب (زجاجات، مراطبين...).


وتشارك خضر عمله مع شخص آخر. أوكله عملية التعليب كي "يستفيد" بدوره من مردودٍ في ظلّ هذه الظروف الصعبة، واكتفى بالتوزيع. بدأ يشتري بضاعته الجاهزة ويبيعها للسوبرماركات والدكاكين في الجنوب، حيث تختلف الطلبات عليها، منها "بالـ 4 و5 حبات" ومنها "بالصناديق". في غضون حوالي شهرين، تلقى خضر أصداء إيجابية على بضاعته، ويحمد الله على أنها باتت مطلوبة من الزبائن، حتى أنّ منها قد نفد كاللبنة والمربى. حاول التواصل مع أشخاص في طرابلس لتزويده لكنّ أسعارها ارتفعت وقد لا يستطيع تأمينها.

عن جودة بضاعته، يشرح خضر كيف عثر بعد جهدٍ جهيد على رجل عجوز يصنع وزوجته دبس الرمان الأصلي ويبيعها "قنينة قنينة"، وصار يشتري منهم. وبذلك يصف المنتوجات التي يبيعها بالـ"تنافسية". ويعطي مثالاً عن سعيه للحصول على أجود أنواع المنتوجات بأنه بحث لمدة أسبوع للعثور على زجاجة ماء زهر أصلية، فالمنتوجات التي يبيعها "أصلية" و"مزبوطة". وهي مجموعة من المربيات، المخللات، دبس الرمان، لبنة بزيت وغيرها...

وبسبب الغلاء الفاحش الذي يشهده لبنان حالياً، يعاني خضر من ارتفاع أسعار البضاعة التي يشتريها بسبب جشع التجار. لكنّه يكتفي بالربح القليل الذي لا يتعدى الـ 1000 ليرة "بالحبّة". استطاع بهذه القناعة أن يكسب الزبائن، ويقول: "الحمدلله، ولو في شوية معاناة، ع القد، بس كتر خير الله ما عمنمد إيدنا لحدا".



تواصل المعنيون في المول معه مؤخّراً ليتأكّدوا من عودته إلى العمل، لكنّه لم يحسم قراره بالعودة بعد إلى وظيفته التي يعمل فيها منذ 20 عاماً. وكأنّ بخضر استساغ عمله البديل، ووجد فيه حسنات عديدة، منها العمل الحر دون التقيد بدوام محدّد، بالإضافة إلى أن هذا العمل جعله يتواجد بالقرب من أهله ومع عائلته على مدار الأسبوع بدلاً من يومين فقط.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم