الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

كيف تواجهان الصلع؟

ليال كيوان بو عجرم
A+ A-

"تخيّلي حقلاً بلا عشب، أو نبتة من دون أوراق، أو رأساً بلا شعر!"، هذا ما بادرتني به جنى فور سؤالها عن تعايشها مع فقدان شعرها.
يمرّ رجل أصلع أمامنا فلا يثير فينا أي نظرة غريبة أو مرتابة، لكن ما أن تمرّ امرأة صلعاء حتى تتهافت نظرات التعجب والدهشة، ألا يُقال إن الشعر تاج جمال المرأة؟ لكن لننظر الى الموضوع من زاوية أخرى، قلة من النساء مقارنة بالرجال يُصبن بالصلع وهذا ما يثير الاستغراب، لكن الصلع مثله مثل أي عارض آخر قد يصيب الرجال والنساء، وإن كان أشدّ وقعاً وإيلاماً لدى المرأة التي تعتزّ عادةً بجمال شعرها وتفخر به. فما هي أسباب الصلع؟ وكيف يتعامل الطرفان معه؟


خسرت شعرها بسبب الهورمونات
كانت في السادسة عشرة من عمرها عندما بدأت هورموناتها بالتغيّر مسببة بعض المشكلات لها، وكان شعرها كثيفاً جداً ويلفت النظر لشدة جماله وغزارته. لكن فجأة، بدأ شعر جنى يتساقط بكثرة نتيجة التغيرات تلك ولم تترك طبيباً إلا وزارته كي تعالج المشكلة، "توصلت أخيراً الى وقف التساقط من دون التمكن من إيجاد حلّ لبعض المساحات الخالية من الشعر في رأسي". وعانت الكثير بعد ذلك وعلى مدى سنوات عدة وانعزلت عن الأصحاب والناس، الى أن تعرفت الى زوجها فأُغرما ببعضهما البعض وساعدها كي تخرج من عزلتها ومتابعة حياتها.


أسباب الصلع
يصيب الصلع الرجال والنساء على حد سواء وإن كانت النسبة العظمى من الرجال. وتكون الأسباب إما وراثية أو هورمونية أو بسبب التقدم في السن، وفي بعض الحالات تكون الضغوط النفسية أو الإفراط في استخدام مستحضرات الشعر التجميلية أو النقص في الغذاء أو بعض الأمراض الجسدية كمرض الغدة الدرقية، من الأسباب المؤدية الى تساقط الشعر. ويشرح الاختصاصي في الأمراض الجلدية الدكتور بطرس الأحدب، أن "ثمة نوعاً من الجينات يؤدي نقله وراثياً إلى صلع الرأس، بالإضافة الى ازدياد الهورمون الذكوري في الجسم لدى كل من الرجال والنساء يسبب الصلع. عندما يفرز الهورمون الذكوري بكثافة، فإنه يجمع نوعاً من الخمائر لتكوين مادة أخرى وذلك يشبه دفع قوة خارجية لمبنى، واذا كان هيكل هذا المبنى ثابتاً فلا تؤدي هذه القوة الخارجية أي دور. لذا، من غير الضروري أن تتحول رؤوس جميع الناس الذين يحملون جين الصلع صلعاء، بل يتعلق ذلك بكمية إفراز الهورمون الذكوري".
وللصلع عند النساء أسباب وراثية أو مرضية ايضاً، نتيجة الاضطرابات الهورمونية أو الأمراض التي تسبب زيادة في إفراز الهورمونات الذكورية أو فقر الدم أو سن اليأس. ووفق الأحدب "غالباً ما يصاحب هذا النوع المرضي، أعراض أخرى مثل ظهور حب الشباب في سن متأخرة، وخشونة في الصوت، وزيادة في إفراز الدهون الجلدية وتكون نسبة الأندروجين في الدم مرتفعة في تلك الحالات".
وفقدان الشعر او الصلع هو أكثر من مجرد مشكلة بصرية وظاهرية، فهو يولّد أيضاً مشاعر مضطربة تقلق صاحبها. وإذا كان الرجل يعاني بعض الشيء من فقدان شعره ويتأثر نفسياً بذلك، يتحطم عدد كبير من النساء نفسياً من جراء فقدان شعرهن ويشعرن بالدمار النفسي، فتشعر المرأة بفقدان الثقة شيئاً فشيئاً بنفسها وتبدأ تجنب الأماكن أو المواقف التي تُظهِر الصلع لديها مثل المسابح وغيرها.
والتمتع بصحة جيدة هو أمر مهم حتماً ولا نقاش حول ذلك، لكن لا يشترك جميع الناس في هذا الهاجس ولا يعطونه أهمية كبرى، فما يهمّهم هو كيف يبدون وكيف يظهرون، لذلك تراهم يرتدون الملابس الجيدة ويتزيّنون بالحلى الفاخرة ويصففون شعرهم بالطريقة المناسبة، فما بالك إذا فقدوا شعرهم؟ وبالنسبة الى المرأة، تعتبر خسارة الشعر مدمرة كلياً لأنه من المفترض أن تتمتع بشعر صحي وجميل، أما بالنسبة الى الرجل فالأمر يتخذ بعداً آخر.
ويتحدث الاختصاصي في علم النفس الاجتماعي الدكتور كمال بطرس عن أن القلق والاكتئاب هما النتيجتان الأكثر شيوعاً لفقدان الشعر، "وهما قابلتان للتطور والاستفحال، فكلما خسر المرء شعراً أكثر يصبح أكثر اكتئاباً وعزلة عن المجتمع. وعند الصلع، يصبح الانسان أكثر عرضة للدخول في مرحلة اكتئاب وقلق حادة وخطيرة، وتنمو لديه "الفوبيا" من المجتمع والناس أي ما يعرف بالرهاب الاجتماعي، وأيضاً جنون العظمة!". وهذه الاعراض تظهر لأن الصلع يجعل كلاً من المرأة والرجل يبدو أكبر سناً، "فهو يعني لكثيرين نهاية الشباب والحيوية وفقدان الرغبة بالأمور والأشياء والحياة عموماً. كما أن الصلع يغيّر مظهر الوجه، وتظهر الدراسات أن الرجال الذين يصابون بالصلع أكثر من غيرهم هم الأقل رضى عن طلتهم. والنساء هن الأكثر معاناة من هذه المشكلة، وذلك لأنهن يأخذن كثيراً في الاعتبار نظرة الناس والمجتمع والمحيط لهن من دون شعر، خصوصاً الشريك أي الرجل، فالمرأة يهمّها جداً رأي الرجل بها وأن تبقى جذابة في نظره ومغرية. فهي تمضي الكثير من الوقت وتنفق الكثير من المال لتصفيف شعرها والاعتناء به، وخسارته تعتبر بالنسبة اليها خسارة جزء كبير ومهم من الأنوثة والجمال ويشكل لها صدمة حقيقية. كما أن الصلع يخلق مشاعر الغيرة من الآخرين والأخريات من ذوي الشعر الصحي والسليم، وهذا من شأنه أن يسبّب التعب أكثر فأكثر. وبعض الذين يصابون بالصلع ينتقل اهتمامهم الى الجسد ويركزون على تحسين لياقتهم وصحتهم البدنية، أو يهتمون أكثر بملابسهم، وبعض الرجال يلجأون الى الشوارب أو اللحية لتعويض نقص الشعر في رؤوسهم!".


الصلع في دراسات
كشفت دراسة جديدة أن الرجال الصلع يتميّزون بالقوة والتأثير الأكبر على من حولهم، بالإضافة إلى كونهم أكثر جدارة بالثقة. وأظهرت الدراسة التي نُشرت في مجلة "تايم" الأميركية، أن الرجال الذين يحلقون رؤوسهم بالكامل ينظر إليهم الآخرون على أنهم أكثر رجولة وأكثر قدرة على فرض سيطرتهم على من حولهم. وبيّنت أن الرجال الصلع لديهم فرص عمل بمركز قيادي أكثر من أقرانهم الذين يحافظون على شعرهم، وذلك بسبب السمات الرجولية التي تظهر جلياً عليهم. ونصح الباحثون الرجال الذين يعانون مشكلات تساقط الشعر والصلع بحلق رؤوسهم بالكامل، إذ ان ذلك سيؤدي إلى تقوية جاذبيتهم.
وبيّنت دراسة نُشرت في المجلة الطبية البريطانية، أن المرور بتجربة تساقط الشعر الكثيف يدمّر مشاعر المرء ويسبب معاناة نفسية ويؤدي الى مشكلات شخصية واجتماعية ومهنية. وتتفاقم حدة المشكلات لدى النساء نظراً الى ارتباط الشعر بمفهوم الجمال واعتباره ركيزة أساسية له.
وفي حاضرنا، اختلف مفهوم الرجل الوسيم لدى النساء ولم يعد صاحب الشعر الكثيف الناعم واللامع ويتمتع بالعيون الملوّنة، فبعض الدراسات تشير الى أن الرجل الأصلع لديه مكانة خاصة لدى النساء وحضور طاغٍ قد يتفوق على كثر من الرجال الآخرين. وتعقيباً على ذلك، يشير خبراء الأناقة الى أن الرجل لا يفقد أناقته أو رجولته بعد فقدان الشعر، كما ينصحون الرجل الأصلع أن يجعل له لحية خفيفة توفر مظهراً فوضوياً عصرياً ينال به ثقة النساء وإعجابهم، بدل حلاقة اللحية بالكامل أو تركها كثيفة. كما أن ارتداء النظارات الشمسية يضيف المزيد من الأناقة للرجل الأصلع، ويجعله أكثر جاذبية لدى النساء مثلما فعل الممثل الأميركي فان ديزل خلال ظهوره في العروض الخاصة بأفلامه، وإطلالته المميزة دائماً في الصحافة والإعلام.


الصلع بالأرقام


- 50 في المئة من الرجال يواجهون مشكلة فقدان شعرهم قبل الخمسين، بينما 80 إلى 85 في المئة يختبرون فقدان كثافة الشعر خلال حياتهم. كما أن 25 في المئة منهم يواجهون الصلع في عمر الثلاثين.


- 4 من أصل 7 رجال يرثون الجين المسبّب للصلع، إلا أن أسباباً أخرى تؤدي إلى الصلع منها الصدمة النفسية والتغذية السيئة، بالإضافة إلى وجود مشكلة في فروة الرأس.


- 50 في المئة من الرجال يصابون بالصلع مقابل 13 في المئة من النساء اللواتي يصبن بالصلع قبل سن اليأس، وتزداد النسبة تدريجاً إلى أن تبلغ 75 في المئة عند من يتجاوزن الخامسة والستين.


- بيّنت دراسة بريطانية أن ثمة 40 % من النساء اللواتي يعانين الصلع يواجهن مشكلات في الزواج، ونحو 63 % يتحدثن عن صعوبات مهنية في العمل.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم