الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الرهان على طلبة لبنان للخلاص

المصدر: النهار
سعد نسيب عطاالله
الرهان على طلبة لبنان للخلاص
الرهان على طلبة لبنان للخلاص
A+ A-

يقول الرئيس الأميركي الثالث والثلاثون، هاري ترومان (١٨٨٤-١٩٧٢) ؛ "لا يمكنك أن تغتني عن طريق السياسة إلا إذا كنت فاسداً".

عندما ينتهي القارئ الكريم من الفقرة الأولى لهذا النص، فإن فكره ينتقل، لا محالة، إلى الحالة السياسية المخجلة التي مر بها لبنان منذ إعلان استقلاله عن فرنسا ولغاية الآن.

يمكن استثناء الرئيس فؤاد شهاب، الذي زار الرئيس شارل حلو يوماً أرملته الهرمة في بيتها، عارضاً عليها المساعدة، وكان طلبها المتواضع الوحيد، تسديد فاتورة ديونها لدى بقّال الحي.

ما سمعت عن ثري في لبنان إلا وكان أحد أجداده، أو والده، أو نفسه، سياسياً، قد غرف هو وزمرته، ما طاب لهم من خزينة المال العام، دون الالتفات إلى الدور الريادي والمسؤول الذي يجب أن يقوم به مسؤول رسمي، من أجل توفير حياة فضلى للناس الذين يدعي تمثيلهم.

شهد عهد الرئيس فؤاد شهاب، بناء مؤسسات عامة، جعلت من النظام اللبناني مثالاً لتقدم ونهوض الدول، بالرغم من تشويه بعض الضباط المتسلطين، على سمعته النقية لاحقاً، ما أدى إلى بروز سلطة "المكتب الثاني"، التي دام نفوذها حتى بداية الحرب الأهلية، في أواسط سبعينيات القرن العشرين.

لا ضرورة لذكر أسماء الأثرياء في لبنان للدلالة على قولي، بل تسهل معرفتهم عندما نسجل لائحة بأسماء رؤساء الجمهورية، وذكر أسماء ذريتهم، بالإضافة إلى أسماء رؤساء الحكومات وذريتهم، والنواب، والوزراء، والسفراء، والمستشارين، وبطاناتهم من المحافظين، والقائمقامين، والمدراء العامين، وصولاً إلى رؤساء البلديات، والمخاتير!

يتوارث هؤلاء السياسيون، الذين تشهد حسابات الخزينة العامة على "نظافة كفهم الملوثة"، المناصب العامة الرفيعة، أبا عن جد، ودون منازع، ويتوارثون معرفتهم وثقافتهم "المشوهة"، دون صرفهم سنوات طويلة من عمرهم في الجامعات لاكتسابها.

وصل التخلف عندهم إلى درجة أن زوجة الزعيم لا تلد سوى الزعماء والقادة، وأمهات الشعب الكادح تلد القطعان والأتباع والرعاع!

تماهى مفهوم الزعامات السياسية في لبنان مع عهر رجال الدين الفاسقين الذين يتشاركون معهم في الفساد، ومع وسائل الإعلام التي انتقلت من حالة حرية الرأي والتعبير، إلى حالة المديح والتبخير، لكل مالك وسيلة إعلامية!

يشعر المرء بالخجل والغثيان عندما يتابع برامج حوارية، يفاخر خلالها المحاورون بمعرفتهم الحقيقية لكل ما يفعله زعيم معين، من الصباح حتى المساء، ومن استقبل ومن ودع، والحكاية تطول!

كما لا يمكن أن نسهو عن ذكر أن ولوج السياسيين إلى محاصصة الأجهزة الأمنية، وتسخيرها للدفاع عن مكاسبهم الذاتية، ومطالبهم الوقحة، وفسادهم المستدام، قد زاد طينة الفوضى والتشرذم بلة.

عن أي دولة يمكننا التحدث بعد تغييب وإسقاط كل المؤسسات التي رسخ فيها الرئيس فؤاد شهاب بنى الدولة العادلة، والقادرة، والنظيفة؟!

ماذا بقي من هيبة الدولة بعد استنزاف سياسييها الفاسدين مدخرات المودعين في المصارف، وبالتعاون الخبيث مع أصحابها الجشعين، وعاثوا فيها نهباً، واختلاساً، ورشوة، وسرقة!

ينبري هؤلاء السياسيون، بين الحين والآخر، من خلال أدوار متفق على توزيعها في ما بينهم، بتبني مبادئ المحاسبة، والشفافية، ومحاربة الفساد، وهم اللصوص الفاسدون الذين لن يهتدون!

لا يحلمن أحد بحصول بوادر خلاص من نيران "آتون الفساد" التي تحرق جيوب الناس وتعبهم، ومستقبل أولادهم، قبل استئصال مطلق لطغمة "السياسيين"، من هذا النظام السياسي البائس، والإطاحة بهم، ورفض كل مقولات دجلهم، واقتراحاتهم الكاذبة.

إن تطييف، ثم إلغاء، الاتحاد العام لطلبة لبنان، وبعده الاتحاد العمالي العام، قد حصل على يد هذه الطغمة السياسية الدائمة والمتجددة، وأبطل دور الطلبة والعمال في تصحيح بوصلة بناء الوطن.

يمكن القول إن إعادة إحياء الإتحاد العام لطلبة لبنان، من شأنه خلق قوى شبابية ناشطة، وضاغطة على السلطة الفاسدة، يمكنها أيضاً، مواجهة أدوات السلطة الأمنية، والمطالبة بإعطاء فرص للشباب والشابات، للوصول إلى مراكز القرار، وبناء دولة قادرة، وعادلة، وغير فاسدة.

ولا أمل بعودة نبض العمال إلى شرايين الاتحاد العمالي العام الجافة، الذين سقط دورهم على يد مجالس العجزة الذين احتوتهم زمر السلطة، وتغافلوا عن الانتشار الإجرامي لصرف العمال من العمل، وتسببوا في تكاثر البطالة، وتجويع العاطلين عن العمل.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم