الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الدولار و"الحاكم بأمرالله"

الدكتور رامي عوده
Bookmark
الدولار و"الحاكم بأمرالله"
الدولار و"الحاكم بأمرالله"
A+ A-
إنها العملة الخضراء التي برعمت في العقول، وأزهرت في النفوس حتى نمت في احشاء اقتصادنا وتمكنت من مفاصل دورتنا الدموية والاقتصادية حتى الإدمان.عشقنا هذا الدولار وفتحنا له بيت المال حتى استقر  مُدَولِراً كل ما تطاله سطوته من كتلتنا النقدية وسنداتنا السيادية. وقع سياسيونا في غرامه، وأقبل عليه المصرفيون ورجال المال والأعمال، واكتنزت به خزائن الأثرياء حتى طال العشق لهذا الدولار كل صاحب دار. أصبح جزءاً من طقوسنا؛ نرقص حوله وندق له الطبول، ونطرد من حوله كلَّ جن وإنس، ونُبَخّره تَبخيرا. وهكذا كهنة آمون، إفتتحوا له مصارف العبادة، ومنافذ الصرافة، ولم تنقصنا كل فنون الوثنية وعبادة الأصنام، فنَصّبنا كاهناً أعظم، وحاكماً بأمر الله. إنه المهندس الأعظم لكل سياساتنا المالية. بنى لنا هرماً لخوفو : مصرفًا مركزيًا حديدياً يفتي في اقتصادنا، ويُشرّع لسياستنا النقدية، ويستثمر في اليورو بوند و كل ما يخطر على بال من مشتقاتٍ مالية وبنك نوت. هل المشكلة في الكاهن الأعظم او بالحاكم بأمره؟ كلا ... لقد خلقناه على صورتنا ومثالنا. وأردناه كما هو عليه في وعينا ولاوعينا. أحببناه لأننا أحببنا الدولار، وعشقنا العملة الخضراء ليس لسواد عينيه، بل لأنها صارت إحدى آلهتنا، وسادت على الجيب، وعلى كل استثمارات الغيب. إنه الحاكم الذي ثبّت لنا الدولار، فثبتت عقيدتنا وإيماننا، وأصبحنا نقدم القرابين وعرق الجبين للحصول على بركاته، فتوحدنا حوله بكل مذاهبنا وطوائفنا...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم