الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

اليوم الرمضاني الأول في طرابلس بعد فتح البلاد: "عالم لا كورونا فيه"

المصدر: "النهار"
طرابلس- رولا حميد
اليوم الرمضاني الأول في طرابلس بعد فتح البلاد: "عالم لا كورونا فيه"
اليوم الرمضاني الأول في طرابلس بعد فتح البلاد: "عالم لا كورونا فيه"
A+ A-

قبل إعلان رئيس الحكومة حسان دياب رفع التعبئة العامة جزئياً، كان قطاع واسع من الطرابلسيين قد أخذ على عاتقه قرار الفتح الجزئي، واليوم يستفيد الطرابلسيون من الجزء الآخر ليرفع على حسابه قرار التعبئة بصورة تامة، ضارباً بعرض الحائط استمرار محاذير انتشار الكورونا، بينما يعتقد كثيرون أن الكورونا مزحة، أو لعبة سياسية.


نهاراً، فتحت المدينة بصورة تامة، وعادت الحياة فيها إلى طبيعتها، على أن يبدأ منع التجول عند السابعة مساء، ويستمر حتى الخامسة صباحاً. إلا أن الطرابلسيين التائقين لأجواء السهرات الرمضانية، والديوان في الشارع ليلاً، تجمعوا على زوايا الأرصفة، وفي مختلف الساحات، وبدأوا بممارسة كل ما طاب لهم في الليلة الأولى من رفع التعبئة الجزئية، لكن قرار الرفع الليلي أخذوه على عاتقهم منذ أوائل رمضان، وشرعوا يعوّضون مما حُرموا منه في الأسابيع الثلاثة الأولى.


عقب الإفطار، ازدحمت المدينة ليلاً بالسيارات والمشاة، وهرعت المحلات التجارية لفتح أبوابها، فعجّت المدينة ليلاً بالحركة في كل مناطقها، والبداية من شارع التل الذي ازدحم بالسيارات، وفتحت محلاته التجارية، ووفد رواده، وبدت بعض المحلات مزدحمة بالزبائن، لا متباعدين، ولا مكممين، باستثناء شخص واحد فقط.




والحق يقال إن مقهى فهيم الذي كان يعج بالسهارى سابقاً، استضاف أعداداً قليلة، انتشرت متباعدة بين الطاولات، ولم يعرف إن كان ذلك بسبب عدم قدوم الرواد، أو بسبب الإجراءات المطلوبة. الحركة ناشطة نسبياً، لكن المبيعات مترددة، وقليلة.


ومن الأسواق الشهيرة في طرابلس السوق العريض، الذي فتح أيضاً طوال النهار، وفي الليل. ويصف منسق لجنة تجار السوق عبودي الأبيض الحالة بـ"المقبولة" في اليوم الأول، "لكن لا يمكن تعويض الخسارة بالأيام القليلة المتبقية" كما قال، مردفاً: "بصورة عامة، لقد انتهينا كتجارة في البلد، فلا تجارة ولا زراعة ولا صناعة ولا شي... البلد منتهي، عم تحكي بدولار أربعة آلاف، اللي خسر شغلو، اللي عم يقبض نص معاش، الوضع مأسوي بصورة تامة".


وركّز الأبيض على أن "المشكلة اللبنانية تتميز عن المشكلة العالمية التي بدأت مع الكورونا، فالأزمة مندلعة سابقاً، وجاءت تحركات١٧ تشرين الأول، ثم جاء الكورونا، ولا نأتي بجديد إذا قلنا إن الوضع الاقتصادي مأسوي جداً، والكورونا ضربت في مختلف دول العالم، لكن في الخارج، قُدِّمت لقطاعات واسعة تجارية أم صناعية، مساعدات... وعندنا، القادم أسوأ، على ما أعتقد، عساي أكون مخطئاً".


نزولاً نحو تقاطع عزمي-البولفار، والمئتين-البولفار، تقفل أرتال السيارات التقاطعات العديدة، ويزيد من إعاقة الحركة تدافع الدراجات النارية التي تفوق أعدادها أعداد السيارات والمارة، يتنقل على الواحدة منها عدة شبان.




وفي شارع عزمي، يتوقف السير لشدة الاكتظاظ، وتنشط الحركة أمام المحلات، وفي داخلها؛ وعاد باعة القهوة والكعك ينتشرون في الشارع، ويقول أحدهم إنه "مضى علينا سبعون يوماً دون عمل، وجئنا اليوم علّنا نعوّض القليل، ومهما جرى فالتعويض مستحيل"، ويضيف أن "السبب كان الكورونا الذي ما هو إلا لعبة سياسية دفعنا ثمنها غالياً".


أرصفة مزدحمة بالتجمعات الشبابية أمام المقاهي، وعلى زوايا الشوارع، بينما راحت النساء زرافات يتجولن بين المحلات، وبعشرات التجمعات، فتتحول الشوارع إلى فوضى غير مسبوقة.

الأمر عينه يسجل من التل باتجاه شارع المصارف، نزولاً إلى طريق الميناء، حيث ازدحام سيارات، وتجمعات ومارة، وقد فتحت صفوف محلات الماركات المعروفة المحيطة بمبنى السيتي كومبلكس نهاراً، لكنها التزمت منع التجول ليلاً، فبدت مقفلة، وأضواؤها خافتة، وعاد باعة الرصيف الجوالون يتجولون أو يتركزون على الزوايا، تلبية لطلبات اعتاد زبائنهم عليها مثل القهوة الحلبية، والذرة التركية، وفتحت مطاعم الأرصفة مع إقبال ضعيف، لكن مع تجمعات كبيرة على مقربة منها.


أما رصيف الميناء فحدِّث ولا حرج، فقد كان ناشطاً نسبياً قبل الرفع الجزئي للحكومة، لكنه بات اليوم مفتوحاً على غاربه دون أية تحفظات.


ويختصر المشهد الطرابلسي في الأول من أيام رفع التعبئة الجزئية بأنه "عالم لا كورونا فيه".




باعة العصائر


تشتهر زاوية شارع السراي العتيقة بأعتق بائع للعصائر والمشروبات الرمضانية الشهيرة، لكنه يركز عمله على الخرنوب طوال أيام السنة، يضيف إليها السوس، وعصير الليمون في رمضان.


يدير البسطة "ابو العبد"، الذي يصف الحالة بغير المسبوقة عليه، وعلى والده قبله، حيث "نركز عملنا في هذه الزاوية من الأربعينيات من القرن الماضي، لكن لم يمر علينا إقفال وسوء عمل مثل هذه المرة".


وقال: "مضى زمن طويل لم نفتح، ولم نبع، مع تراجع المساعدات العينية من قبل أجهزة الدولة".


قريباً منه، أول شارع الراهبات، عاد أبو الهلال يحيي بسطته، لبيع عصائر الليمون والجزر. "منذ عشرين سنة وأنا أعمل على هذه البسطة في رمضان، وكانت البسطة تغطي نفقات كل حاجتنا منذ أيام الوالد الذي مضى سبعون عاماً على إقامته البسطة"، يقول أبو الهلال.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم