الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أحمد زاهر "حلَّل دمه"... ما أشطره!

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
أحمد زاهر "حلَّل دمه"... ما أشطره!
أحمد زاهر "حلَّل دمه"... ما أشطره!
A+ A-

يؤكّد أحمد زاهر أنّ الأداء العظيم يُعلِّم، وإن لم يكن الممثل بطلاً أول. محمد رمضان في مكانه، وهو في مكانه، يكتملان، من دون أن يبتلع أحدهما الآخر. فتحي البرنس، شخصية قاتمة، تبخّ السمّ. رجل بلا ضمير، ميّت الأخلاق، بشع الروح. يحمله الطمع إلى التمرُّغ في الوحل. مسلسل "البرنس" (كتابة محمد سامي وإخراجه)، يقدّم زاهر بدور وحش. ليس ذلك الوحش الذي حين تقبّله الجميلة، تزيح عنه الصورة المخيفة، ليرتقي بجمال الأعماق، بل الذي يستحقّ السحق. مكروه، من دون إفساح المجال للغفران والحبّ، وحاقد من دون أمل بتصفية النيات. نموذج عاطل، وجوده يُثقل الأرض، يُرهِق أعصابها، ويسلب منها الطمأنينة.

الأدوار الشريرة، إن لم يتقنها الممثل، ويتلبّس روحها، بالعمق، بالتفاصيل، بحركات الجسد، بما يراكم من خبرة واجتهاد، فستبدو كاريكاتورية، لنضحك على الأداء العاجز على الاستفزاز. أحمد الزاهر، على العكس تماماً. تشاء لو تصفعه بعد كلّ مشهد. وأن تسدّد في وجهه ضربة قاضية. لا جديد في إشكالية الطمع العائلي وأحقاد الأخوة بدافع الميراث. لكنّ زاهر، باتقانه القبح، يقدّم شخصية مختلفة، لا تُفسح مجالاً للتعاطف معها. للمرء دوافع ومبررات، والظرف أحياناً يعضّ الطبع، ويترك آثار أنيابه في أحواله. زاهر قضى على احتمال تبرير سلوكياته، أو محاولة فهم ما يفعل. نذل، ونقطة على السطر. نذالته ليست من صنف المرض النفسي الممكن تفسيره ومنحه فرصة ثانية بعد اعتراف المريض بمرضه واستعداده للعلاج. هنا، الجريمة اجتماعية، بطلتها الأذية وخزّان الشرور في الإنسان؛ يحرّكها جشع المال وهاجس السيطرة وأخذ أمكنة الآخرين وإمحاء أثرهم. زاهر من دون كفوف في المسلسل. بشاعاته علنية، يتفنن في الشر كأنه يسجّل نقاطاً على الحياة، من دون أن يحسب حساباً جدياً لانتقامها، ولعدالة العقاب في نهاية المطاف.

كلّما أقدم على البشاعة، قلنا إنّها الذروة، فما أبشع من قتل الأخ أخيه، لأي دافع وأي سبب؟ لكنّ الزاهر يتلذذ في الحضّ على كراهيته. بردّ فعله ومحاكاة الصدمة، بصفع المُشاهد كفاً تلو الآخر، على الخدّين الأيمن والأيسر. إنزاله مريم ابنة أخيه رضوان من السيارة، ورميها على الطريق وهي ترتجف وتبكي، ثم إكماله طريقه كأنّ شيئاً لم يكن، ارتكابات "تحلّل دمه"، وبرغم ذلك، لا يحسب حساب الأيام ولا دوران الدولاب. رجل بوجوه تتساقط، كالانسلاخ تماماً، فتُبقي بدل الملامح، الجلد المهترئ. لا يعرف الحب، ولا نُبل العلاقات الإنسانية. حتى مَن نخاله يحبّهم، كعائلته، هم في الحقيقة ضحاياه. هو نفسه كره نفسه! ما أشطره!

اقرأ أيضاً: حسرتها أكبر من مسلسل... ورد الخال لـ"النهار": الموسم مضروب

[email protected]

Twitter: @abdallah_fatima 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم