لم ترهقني المغفرة بعد

أقفُ حائرة في ظلِّ الفقدِ، التزمُ الصمت طويلاً رغمَ مقدرتي على الكلام، يتجمدُ الشعور في صندوقِ صدري المغلق، فيأخذني الحنين إلى طريقِ العودةِ رغمَ أنني لم أكن أنوي الالتفات، لكني لن أنسى أنّ كل ما أفعلهُ لن يجعلني أشعر بخير. سأكون لنفسي كل شيء، فالشمسُ تسرق ظلّي والبعيدُ يسرقُ قلبي وأنا أين أذهب؟!

الحُب لا يطرقُ بابَ القلب، إنما يخلعهُ... وتذكّر يا صديقي أن من يفتحَ باب قلبك لن يغلقه بإحكام مطلقاً، فما نحن إلا عُصارة تجارب وأحاسيس تجتاحنا من ذواتنا، تكوّننا الأشياء التي نعاني منها ونكرهها لتجعلنا بشكلٍ آخرَ لا نريده، ثم نفتخر بما أصبحنا عليه.

أقسو على ذاتي، أمسك عنقي حتى أختنق، تعبر من خلالي فأضيع في عتمة أحزانك المتكررة، أتحسس حائط جسدي بعد إقحامي نفسي باحثاً عن منفذ للهرب منك.

أفرُّ هاربة من أحضان الماضي فأرتطمُ بالواقع، أحاول النهوض لأقف مجدداً مقاوِمة انهياري، أتماسك وأجمع شتات ما تبقى مني واثقة من وصولي مرحلة النضج يوماً، ولأن آرائي محددة مسبقاً لم ترهقني المغفرة بعد، راضية عن نقصي دون أن يكمّلني أحد، لكنّي أُريد أن أبكي عن طريق الخطأ في حُضن أحدهم.

أعاملني بحذر، كشيء قابل للانفجار في أية لحظة، رغم جهلي لمصدر اندلاعي، وكأن في داخلي ثورة، حيث إني لا أعجبني خاصةً عندما أتعامل مع مشاعري بسخرية، فغالباً ما يضحكني خوفي على الآخرين دون نفسي، وكأني لست جزءاً مني، -فعدم معرفتك لأسباب سعادتك، سعادة مضاعفة- ما زال جانبي السيّئ عقبة لا يعاني أحد منها سواي. أريد أن أغفو خالية من كل شيء، حتى من الأحلام.

إلّا أنتَ يا مصدر سعادتي حين أعجز عن منعك من الحزن سأحزن لأجلك، حتى عندما أقف عاجزة عن مسح دموعك يوماً، سأبكي معك.

أعوذُ بكَ من حزني، فمَن غيرك قادرٌ على جعلي أتماسك مجدداً، يدفعني لأقاوم رغبتي المُلحة بالاستسلامِ مُبكراً، يُعلِّمُني تجاهل هذا الوخز الدائم دون توقف، يجبرني بعد كل انكسار، يكملني بعد كل نقص، يهديني الإجابة بعد التعثر بالسؤال؟!! الجميع يتشابه، يتكرر بشكل مملّ، وفي ظل صراعاتهم المستمرة مع ذواتهم: العزلة هي الحلّ، لذا تماطل بالكبرياء دون أن تأخذ قسطاً من البكاء في لحظة ضعف، متناسياً أن انهيارك لا يعني بالضرورة ضعفك، بل ثقل ما تمرّ به.