السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

التصنيع الوطني الجشع

المصدر: النهار
سعد نسيب عطاالله
التصنيع الوطني الجشع
التصنيع الوطني الجشع
A+ A-

طبل وزمر إعلامي، ملأ الآذان صخباً، ومدحاً، وتباهياً بالدور الوطني الذي تقوم به الصناعة المحلية في تلبيتها حاجات الناس الغذائية، والصحية، والأساسية.

رافق ذلك مطالبة الصناعيين الدولة بحمايتهم، ودعمهم، وإعفائهم من الضرائب على المواد الأولية المستوردة، وعن تصدير إنتاجهم!

تعمد الدولة، بعد انتشار وباء كورونا، التي تدعي أنه سبب الأعباء المادية التي تتكبدها الصناعة المحلية - والواقع هو غير ذلك، لأن منافسة السلع الرخيصة المستوردة، هي السبب الحقيقي - على صرف مائة مليون دولار للصناعيين.

ظن المستهلك اللبناني البسيط أنه سيتوفر له إنتاج محلي رخيص ومنافس للسلع المستوردة، من شأنه التخفيف عن كاهل محفظته التي تفتقد السيولة الكافية لمعيشة كريمة مع أفراد عائلته.

لست أدري إذا كانت وزارة الصناعة قد وزعت مبلغ المائة مليون دولار على الصناعيين أم لا، لكنني أشاهد أن أسعار السلع المنتجة محلياً تحلق عالياً بصورة جنونية، تفوق تلك المستوردة بأضعاف مضاعفة، وتزيد من معاناة الناس في صراعها الوجودي!

عندما يستوضح الناس عن أسباب هذا الغلاء الفادح للمنتجات الصناعية المحلية، يكون الجواب الخبيث من طرف الصناعيين، أن ارتفاعاً حصل في كلفة المواد الأولية، حتى وإن كانت تلك المواد هامشية مثل مواد الحبر أو الورق، التي لا تزيد كلفتها عن قروش قليلة عن كل وحدة إنتاجية.

إن السبب الوحيد لهذا الارتفاع الصاروخي لجميع المنتجات الصناعية المحلية هو جشع الصناعيين، مضافاً إليه سرقة الوسطاء، وخبث محلات البيع بالمفرق، للمستهلك اللبناني الفقير المعوز، والعاطل عن العمل.

ينطبق على هذا الفجور الاستغلالي للمستهلك اللبناني، قول المثل الشعبي "من مالك، (الصناعي)، إلى هالك، (الوسيط)، إلى قبّاض الأرواح، ( تاجر المفرق)".!

أضفف على جشع من ذكرتهم آنفاً، غض النظر، والإهمال الصارخ الذي تتبناه وزارة الإقتصاد في عدم مراقبة الأسعار، مدعية زوراً وبهتاناً، أنها تفتقد إلى العدد المطلوب من المراقبين. غير أن الشكوك والالتباسات حول تقصير الوزارة المشين، تدور حوله تساؤلات، واشتباهات، ورشوات، وصفقات زعاماتية فاسدة!

لا عجب أن يشهد لبنان، في الأيام القادمة، موجات شعبية رافضة لهذا الإجرام الغذائي، يمكن أن تؤدي إلى إحراق المصانع، ومستودعاتها، ونهب المحلات التجارية، في جميع الأحياء، والمدن، والبلدات، والقرى!

هل هذا ما تتوخاه وتطمح اليه السلطة الفاسدة الطاغية؟

أفترض ان تتخذ السلطات الأمنية إجراءات عقابية ميدانية فورية ضد هؤلاء الفاسدين الجشعين، الذين يغتالون الشعب جماعياً، ليس بالسلاح الأبيض، بل بتجويعهم، وحرمانهم من لقمة العيش!

إذا لم تصحُ السلطة من كبوة أنانيتها ومصالحها الخاصة الدنيئة، فإن صحوة الشعب حاصلة لا محالة، ولن تنطفئ صحوتها، في بلاغات خاوية، أو بواسطة عناصر القوى الأمنية الضاربة، الذين سيعول الشعب على حمايتهم له، وليس الدفاع عن السلطة الموبوءة، لأن هؤلاء العناصر هم من أرحام الشعب الفقير!

هل يعلم الفاسدون الجشعون أن هدف دعم الدولة لهم ليس الإنتاج من أجل التصدير، بل لتموين السوق المحلي بأكلاف معقولة، ومنطقية، وعملية.

ليعلم هؤلاء الفاسدون الجشعون "أن الفقراء يعضون القمر عندما يجوعون"، وأنهم، هم، لن يكونوا بمنأى أبعد من القمر عن الفقراء الشرفاء الحالمين برغيف رخيص ساخن لهم، ولعائلاتهم!



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم