الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"الساحر" من دون سحر: اللهو بـ"التجليطة"

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
"الساحر" من دون سحر: اللهو بـ"التجليطة"
"الساحر" من دون سحر: اللهو بـ"التجليطة"
A+ A-

لا سحر في مسلسل "الساحر"، ولا أرضية مُقنِعة. مهزوز البنية، ركيك الجدران والأعمدة. النتيجة: سقوط حتميّ. يقدّم المسلسل قصّة تتراءى شيّقة، عنوانها العريض لعبة القدر. مينا رجل "على قدّ الحال"، يعمل في عالم الموسيقى، بما لا يرضي طموح الحياة. فجأة، يصبح واحداً من أهم المنجّمين، يهزّ بكلمة مصير عائلات البلد المقتدرة. من الأرض إلى الغيم، فقط لأنّ امرأة أريستوقراطية مخدوعة بزوجها، وجدت فيه محطّ ثقة. التنفيذ قضى على هذه المتعة الصغيرة في حكاية الأطفال الخرافية.

17 حلقة، انطلقت برتابة، ثم لملمت النفس، إلى أن انتهى المسلسل كما بدأ: اهتزاز واختلال. تنتظر كارمن (ستيفاني صليبا) موت شقيقتها لتسحب البساط من تحت الزوج الاستغلالي عاطف (رودريغ سليمان). لا دليل يؤكّد خيانته وانتهازيته، فتلجأ إلى التبصير، لربما توسّط لها البصّار مع القدر. سنقول "إتس أوكي"، فالغريق يتمسّك بقشّة. لكن منحى العلاقة مع مينا، تطوّر بشكل مُستهجَن. سنقول أيضاً وجدت فيه أماناً لم تجده في منزلها، ونصدّق أنّ في المعادلة شيئاً من المنطق. صحيح أنّ كليهما لم يُجاهر بحُبّ الآخر، فأبقيا العلاقة رهن الإرجاء، لكنّ إفراط كارمن في ثقتها بـ"غريب"، واعتمادها عليه في التخطيط والتنفيذ، حتى في المسائل العائلية المتعلّقة بشقيقتها، يُبعدان المنطق أشواطاً، على حساب إحساس بأنّنا نلهو بـ"التجليطة" ونُعامَل كمتلقٍ ساذج.

إشكالية التبصير مهمّة، لو أتقن المسلسل محاكاة أعماقها. بدا كأنّه استغلّها لتحقيق جماهيرية، ثم ما لبثت أن انقلبت عليه. يدخل مينا حياة سيدة المجتمع الثرية كارمن، فيسرح في عالم الكبار، متقناً، from nowhere، خفايا الأبراج وحركة الكواكب! صحيح أنّها مدّته بالمعلومات وشرحت له الحالة والظرف، لكن هل يُعقل أنّه لم يقع مرّة في زلّة، وأنّ الجميع، من دون استثناء، بينهم رشيد السياسي، ابن الحزب (فادي ابرهيم) انصاعوا له؟ اللهو بـ"التجليطة"، نكرّر للضرورة.

يمرّ عبدالهادي الصبّاغ بلا أثر، ولم يُفهَم ما هو بالضبط دور رنين مطر (سابين) وجدوى وجودها وموتها. حادث سخيف، يُنهي حياتها من دون أن تترك في المُشاهد فسحة للتأثر. "جزء أول" باهت، لا سحر فيه، وإن سُمّي "الساحر". عرضه أضرّه؛ وخسَّره جولاته.

عابد فهد قدَّم ما في جيبه، حتى الفلس الأخير لنجاة مقامر. ماهر في اجتياز أرض ملغومة، فبرغم هشاشة الشخصية، أنقذ نفسه. ستيفاني صليبا ضبطت كفتي ميزانها، مُحافظة على هدوء الخارج واشتعال الداخل. كارمن شخصية تعدّ للعشرة قبل أن تنفجر؛ بدا جهد صليبا في استيعابها وأدائها. محمد حداقي مستفزّ في خبثه، مقنع في التلوُّن. وصوله طوال الوقت إلى غاياته، بالطرق الالتوائية، وابتسام الحظّ دائماً له، أيضاً لا يُقنع. رودريغ سليمان أستاذ؛ برغم تضعضع دوره. لم يلمح إلى دوافع الكراهية، ولم تكتمل أسباب الحقد والأذى. شرّه كرتونيّ.

المسلسل من دون لمعة، في الشخصيات والسياق. "الناس بواب" بصوت جوزف عطية، الأجمل تقريباً. "ضباب ورؤية عدم"، في الصميم.

اقرأ أيضاً: إزاحة شبح "باب الحارة" وإفراط في المكياج: "سوق الحرير": مُلاكِم جيّد

[email protected]

Twitter: @abdallah_fatima

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم