الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الأهالي خائفون من عودة أولادهم إلى المدرسة... "صحتهم أولاً"

المصدر: "النهار"
كني-جو شمعون
الأهالي خائفون من عودة أولادهم إلى المدرسة... "صحتهم أولاً"
الأهالي خائفون من عودة أولادهم إلى المدرسة... "صحتهم أولاً"
A+ A-

تزامناً مع المؤتمر الصحافي لوزير التربية والتعليم العالي الدكتور طارق المجذوب، والذي أعلن خلاله إعادة فتح أبواب المدارس جزئياً، ابتداءً من الصفّ الرابع لغاية الصفوف النهائيّة مع إمكانية التعليم 6 أيام، إذا لزم الأمر لصفوف الشهادات، علت صرخة الأهالي الذين أبدوا رفضهم إرسال أولادهم مجدداً إلى قاعات الدراسة في ظل استمرار الوباء العالمي المقترن على الساحة المحلية بالأزمات المعيشية المستعصية (بطالة، صرف موظفين دون تعويضات...). وحسب قرار الوزارة، يعود التلامذة إلى مقاعدهم في أواخر أيار/مطلع حزيران حتى الآخر من تموز مع الإبقاء على الدروس عن بُعد.

بعض الدول اتخذت قرار استئناف التعليم وأتت جداول العودة متفاوتة في ظلّ إجراءات صحيّة مشدّدة فيما تستكمل دول أخرى السنة حسب آلية التعليم عن بعد متمسّكين بضرورة الإقفال. 

وكانت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي صرّحت: "من الإيجابي أن تبدأ حركة إعادة الفتح لأنّ تداعيات الإغلاق كبيرة، لا سيما من خلال توسيع اللامساواة. ومن الضروري أن يتمّ ذلك بطريقة منظّمة، مع مراعاة عدد معيّن من الشروط".

في هذا السياق، أجرت "النهار" سلسلة اتصالات لاستنباط ردود الفعل وفهم موقف الأهالي ممّا هم متخوّفون، ولمَا يعارض عدد كبير منهم العودة.

يخشى البعض من عدم تطبيق الإجراءات الصحية بطريقة وافية، ومن انعدام جهوزية القاعات لاستقبال التلاميذ في الصيف في المدارس الرسمية كما في الخاصة، "كيف يضع الولد الكمامة في جوّ خانق مدة أربع ساعات متتالية؟ وكيف سيُقسِّم الإداريّون الصفوف لضمان التباعد المنصوص عنه ضمن القاعات الضيّقة؟" المشكلة الأهم هي الذعر من تفشٍّ جديد لوباء الكورونا "ما زربنا ولادنا بالبيت، تيلقطوا الفيروس هلّق..."

تعتبر مادونا كرم سمعان، وابنتها في الصفّ النهائي، أنّ على الحكومة إنهاء العام الدراسي وإلغاء شهادة الباكالوريا اللبنانية لهذه السنة تيمّناً بالقرارات المتخذة بشأن البكالوريا الدولية والبكالوريا الفرنسية. هذا، وقد نُشر بلاغ عبر الصفحة الرسمية للبكالوريا الدولية مفاده "لن تُعقد امتحانات أيار 2020... سيُمنح الطالبُ الدبلومَ أو إفادة دورة تدريبية تعكس مستوى عمله". تستكمل سمعان "تمّ قبول تلاميذ في جامعات في الخارج وعليهم السفر، لا يمكن المماطلة لإجراء الامتحانات الرسميّة؛ كلّ مدرسة تتمّمُ المناهج على طريقتها". وتضيف: "نرى يومياً أطفالاً مصابون بالكورونا في أوروبا تَظهر عليهم عوارض مرعبة. الدولة متخوّفة من المرحلة الثانية، فهل تساهم  بافتعالها؟".

وتلفتُ تهاني هاشم، وهي أمّ لثلاثة أولاد بينهم اثنان في البريفيه والبكالوريا، أنها لا تحبّذ إرسال ولديها إلى المدرسة في ظلّ خطر الكورونا الذي ما زال داهماً، وفضّلت أن تجرى امتحانات البكالوريا النهائية لينال التلامذة المجتهدون التنويهات التي يستحقون لإرفاقها مع ملفاتهم التي يقدّمونها للاستلحاق بالجامعات. غير أنها تتفهّم أن الوضع الحالي يتطلب إصدار الإفادات. 

 تخبر كرستيان الصدّيق، أمّ لفتاتين توأمين في البريفيه وصبّي في الصف الثالث، وهي عضو في لجنة أهل مدرسة أولادها: "تلقّفنا أراء أكثرية أولياء التلامذة؛ أفادنا كثيرون أنهم لا يستطيعون إدخال أبنائهم المدارس لسببين: "الكورونا ما زال متفشّياً في لبنان ونحن عاطلون عن العمل".

الخوف مفهوم. إلّا أنّ بعض الأهالي لديه رأي مغاير ويتحدث بالمثاليات المرتبطة بالتعليم. القاضي عصام الأسعد رئيس المحكمة الروحية الآشورية، أب لشاب في الثانوي الأول، يرى أنّ الفيروس عابر والمدارس عليها فتح أبوابها للصفوف الثانوية التي تؤسس للمستقبل المهني للأولاد، مع حصر التعليم بالمواد الأساسيّة وبساعات محدودة... "فإبقاؤهم في المنزل يعوّدهم على الخمول وعدم تحمّل المسؤولية"، مشدّداً على قيمة نيل الشهادات الرسميّة بجدارة.

في المقابل، يشير بهاء الدين شحاده، وابنته في الصفوف الابتدائية، إلى أنّ قرار عدم استقبال الأطفال في المدارس واختلاطهم أمر جيّد، ويتمنّى أن يسري على بقيّة الأعمار؛ فتطبيق الإجراءات الوقائية في المدارس والجامعات في لبنان صعب المنال، طارحاً حلّاً: "سنتان في سنة واحدة كالذي اعتُمد أثناء الحرب".

من جهتها، أعربت رولا ضو عن الخوف الذي تعيشه من الكورونا، وتخبر أنّ ابنها في الصفّ الثاني الثانوي، لم يخرج من المنزل منذ شباط، فكيف ترسله مباشرة إلى المدرسة؟! تقول: "لولا إقفال المدارس والجامعات والمنتجعات لما تمّ تفادي الكارثة، فلمَ فتحها الآن في ظلّ الوباء؟ لن أرسل ابني. صحّته قبل كلّ شيء". وفي موقف مشابه، تتحدّث جويل دكاش بحّوس، أمّ لشاب في صفّ الشهادة الثانوية، أنّ المراهقين قد يحملون الفيروس ويتناقلونه دون علامات ظاهرة. الأخطر، بنظرها، هو تواجد أولاد مناعتهم ضعيفة أو يعانون من أمراض مزمنة. تعتبر أنّه يجب عدم استكمال العام الدراسي لجميع الصفوف أو إلغاؤه للجميع.

وتسأل ميشلين عاقوري، أم لولدين أحدهما في الصفوف التكميلية، "كيف سيتمكّن التلاميذ من متابعة التحصيل العلمي خلال الصيف ومدرستهم غير مجهّزة؟ اعتادت الإدارة إقفال أبوابها باكراً لهذه الأسباب. الأولاد سيتصبّبون عرقاً وقد يتناقلون العدوى ويأتون بالمرض إلى البيت. تمّ احتجاز الأطفال لمدّة شهرين في المنازل، كيف نحتجزهم لشهرين إيضافيين في المدارس؟ كلّنا بحاجة لمعالجين نفسيّين بعد هذه الأزمة". وتنهي: "نريدهم أن يتعلّموا لكنّ صحّتهم أولويّة".

وكانت سلام درنيقة سفرجليني قد كتبت في فيسبوك "النهار" قبل بضعة أيّام: "أنا مع إلغاء كل شيء... اللي فينا مكفينا"، وعبّرت إيمان صبره شبارو أن السنة كانت صعبة على الأهل والتلاميذ.

حسب مقال نشر في موقع الأمم المتحدة، هناك نحو 1.3 مليار تلميذ أو طالب في نهاية نيسان ما زالوا خارج قاعات الدراسة بعدما كان العدد 1.5 مليار قبل بضعة أسابيع.

المعترضون على فتح المدارس كثر، عدد كبير من الأهالي يشكون من عدم قدرتهم على تسديد الأقساط المدرسية، ما يطرح إشكالية جديدة ألا وهي كيفية تأمين الدولة مصدر رزق لعشرات آلاف الأساتذة المهددين وعائلاتهم بلقمة عيشهم، علماً أنهم ملزمون بالتعليم، ومدارسهم المتعثرة لا تستطيع تأمين معاشاتهم. أيعقل أن تقبل الحكومة بوضع مذرٍ للمعلّم المؤتمن على تربية الأجيال وإعداد الأدمغة التي لطالما استفاد منها العالم؟ 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم