الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هل بمقدور الأديب أن يكون مهندساً لمجتمعه؟

المصدر: النهار
العربي الحميدي- المغرب
هل بمقدور الأديب أن يكون مهندساً لمجتمعه؟
هل بمقدور الأديب أن يكون مهندساً لمجتمعه؟
A+ A-

بعد غزو الجائحة

الزمن مارس 2020 كل كاتب يبحث عن حكاية.

هل لا بد أن يتوقف القلم عن الكتابة في هذا الظرف العصيب في موضوعات تقليدية لا يحسبها البعض ذات أهمية، وهي قد لا تكون عند الكثير من الكتاب كذلك، وقد يكون واقع الحال أبعد من ذلك.

إن الكثير من الكتابات التي يبذل فيها الجهد غالباً لا تجد اهتمام القراء لأن لا أحد يقرأ للناشئة. حتى الكتاب (الكبار) أنفسهم لا يكلفون أنفسهم جهداً لاكتشاف من الصغار (الشباب) من قد يضاهيهم ويتحدى كتاباته.

إذا كانت هذه حقيقة الكتابة والكتاب. وهنا أستثني المفكرين. فلماذا إذا نكتب. مع العلم إن كتابات الشباب ومقالاتهم تجاوزت الآلاف.

هكذا تسير الأمور في بلادي حيث تتحكم الأنا والفكر الضيق الأعمى، إن الاستعلاء هو السائد بل المألوف. يتنقل بين ما يطلق عليهم (الكبار).

الأنا تتحكم في تصرفاتهم وأعمالهم وأفعالهم في داخل وخارج المحافل. فخلقوا لأنفسهم هالة بمباركة وتقديس الضعاف والوصوليين لهم. لا سلطان عليهم، فهم السلطة العليا الأدبية والثقافية. أصحاب الرأي والنهي والأمر والكتاب والروائيون الآخرون (الصغار) عليهم السمع والطاعة.

في ظل هذا التفكير البهيم من الألوان وأسلوب التعامل مع الجيل الأدبي الناشئ سينكمش (الكبار) ويصغر الصغار، فتضمحل وتختفي المواهب والطاقات الجديدة، ويؤد الذكاء بدلاً من أن ينمو.

وفي ظل الصراع على الصدارة والريادة والجوائز ابتعد الكاتب (الكبير) عن المساهمة في شؤون الثقافة والأدب. لقد انزوى في وحدانيته يعبد قداستها. واضعاً هالة مزيفة هلامية من حوله حتى لا ينكشف (ضعفه وجهله وتعصبه). يتكلم الكثير منهم عن التعددية في الكتابة والمساواة في الفرص، أي تعددية ومساواة يدعون إليها هؤلاء الطواويس كما يسميهم (سعد الجبوري).

كيف باستطاعة الكتاب (الكبار) أن يغيروا هذا النظام الثقافي إلى نظام ثقافي جديد ومن هي القوى الثقافية التي باستطاعتها أن تقوم بذلك وبأي آليات، وماذا ستكون نتيجة هذا التحول إذا حصل؟

هل نعيش فترة الشعبوية الأدبية؟

عدة أسئلة تنتظر أجوبة.

في لحظات التيه الأدبي تختلط الطرق حتى تكاد تُضَيّع على الأدباء (الصغار) بوصلة الاتجاه، وهذه المرة من متصفحي المواقع الاجتماعية التي أسميها (المَجَاسّ). وأتعمد أن اسمي البعض بالمتصفحين وليس بالقراء.

لأنه لم يعد يختلف القارئ والمتصفح في هذا الفضاء. لقد أصبحت معاني الأضداد غير واضحة بل غير معتبرة في هذا الفراغ الواسع الغارق في ألوان حركة الصورة حيث أصبحت الكاتبات مهووسة بحركة (الليكات).

فكثيرا ما ينزلق الكاتب (الصغير) هو الآخر كبعض الكتاب (الكبار) وراءها وينحصر في هذه الحلقة.

في الوقت الذي تبحث فيه الكتابات عن درب يوصلها إلى القارئ بطريقة صحيحة، والولوج عبر هذه البوابة لبلوغ أدمغة بعض القراء. ذلك لأنها محاصرة ومتعبة في المحيط الأدبي الذي تعيش فيه. في زمن لم يتح بل لا يسمح لها فيه ببعض الخطوات لايصال صوتها ومداد قلمها. وكأنه لم تعد تملك سوى صفحة الفيسبوك.

إنه تيه ما بعده تيه حين لم يعد يرى الكتاب (الصغار) سوى هذا العالم الافتراضي المختنق للتعريف بأنفسهم وعن وجهة نظرهم في الأحداث التي تولد وتدور حولهم. وفي عدم وجود دور النشر الجادة التي توازن بين الربحية من الأعمال وثقافة نشر المعرفة. فكثيراً ما تنزلق دور النشر وراء الربح المادي مع نخبة (الكبار) هاملة الضفة الأخرى.

فمن المسؤول عن هذه الوضعية الأدبية والثقافية المهينة هل هي وزارة الثقافة أم الإعلام أم (جمعية اتحاد

كتاب)؟ الكل متواطئ بقصد أو عن غير قصد. لكن المسؤول الأول بالتأكيد هي جمعية اتحاد كتاب (...) لأنها ما زالت لم تفهم معنى الثقافة الأدبية كما هي متعارف عليها والمتداولة في وسط الشعوب التي تسعى رفع القيمة الأديبة، والتي تهيئ المناخ لممارسة هذه العملية التي أصبحت عقيدة وشعيرة لديها.

للوصول إلى هذا المستوى يجب أن يكون بوعي ذاتي ممن يسمون بـ (الكبار). أولئك المتهافتون لكسب المناصب والمواقع بمختلف الطرق وبالاستجداء ونهب أموال دافعي الضرائب باستغلال الجمعيات والمنتديات.. وما شابه ذلك.

أعتقد أن (الأوساط) التي تحترم نفسها يجب أن تعيد تشكيل المنظومة في سياق تطور متسق لآليات التفكير في إطار ثقافي واجتماعي مختلف تماماً والقطيعة مع هذه التصرفات الشاذة في الوسط الأدبي الثقافي.

يتبع..



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم