اشترِك في نشرتنا الإخبارية
من يجرؤ على إعلان الحجر القضائي العام، في دولةٍ "الفسادُ فيها دولة داخل الدولة"، كما صرّح رئيس الحكومة حسان دياب، في كلمته خلال تقديمه الخطة الإقتصادية التي أقرها مجلس الوزراء يوم الخميس الواقع في الثلاثين من شهر نيسان، ٢٠٢٠؟
إنها الخطة التي تتضمن استرجاع المال العام المنهوب من الفاسدين الذين تبوأوا مهام حكومية طوال العقود الثلاثة الماضية.
عجبي كيف يتحدث حسان دياب عن هذه المهام المستحيلة التي تنتظره.
لا أرى في كلمة رئيس الحكومة سوى لغة خطابية شيشرونية، ألقاها بطريقة فوقية، كما لو أنه هو الآمر الناهي، في وطن ينخره الوباء الطائفي-المذهبي البغيض حتى العظم، ورغم إدراكه أنه خارج هذه التركيبة الجهنميّة، ولا يمكنه تصويب اتهام ارتكاب نهب المال العام، حتى لأصغر سارق منهم!
لو سلّمنا أن رئيس الحكومة يتمتع بدعم "حزب قوي" قد أعطاه الضوء الأخضر لملاحقة ناهبي المال العام، هل يستطيع ملاحقة الفاسدين قضائياً، ويضمن أن يقدّم له حاكم مصرف لبنان، وجمعية المصارف، بيانات عن حسابات هؤلاء الفاسدين وإظهارها للقضاء كمستندات ثبوتية لاسترجاع المال المنهوب؟
كنت أود لو أن مجلس الوزراء قد اتخذ قراراً بإعلان التعبئة القضائية العامة، يتضمن إلزامية فرض الحجر القضائي العام على الفاسدين الكبار في الدولة، من أجل بدء التحقيق معهم ومحاكمتهم وجاهياً، وإجبارهم على استرداد المال المنهوب، وتطبيق العقوبات الصارمة عليهم.
لكن، هل يستطيع مجلس الوزراء الذي شكله الفاسدون، وانتدبوا مستشاريهم لتمثيلهم فيه، أن يقوم باتخاذ مثل هذا الحجر القضائي العام؟
من يضمن للحكومة النجاح في هذه المهمة فيما لو غامروا وأصدروا مثل هذا القرار؟
وهل يجرؤ الجسم القضائي على محاكمة هذا المستوى من الفاسدين الذين تحاصصوا التعيينات القضائية؟
عن أي استرجاع أو استرداد لمال عام منهوب يتحدث دولة رئيس الحكومة؟
أعود وأكرر أن كلمة حسان دياب شابها الكثير من اللغط والإبهام، ولن ترَ الخطة الاقتصادية النور على الأرض، إنما سوف تقوى "دولة الفساد العميقة" على الدولة الساقطة التي سقطت عن عورتها ورقة التين!
ولا أرى أن رئيس الحكومة قد وضع القطار على السكة، بل إنه وضع السكة الصدئة في مقطورات القطار المهجور!
